التحالف السعودی یلفظ أنفاسه الأخیرة فی مأرب
أصبحت الحرب فی مأرب مرکز التطورات فی الیمن هذه الأیام، حیث تتجه جمیع الأنظار على مصیر هذه المحافظة. وفی آخر أنباء التطورات على الأرض بین الجیش الیمنی واللجان الشعبیة والعناصر المرتزقة الموالیة لمنصور هادی والتحالف السعودی، تمکنت القوات الیمنیة من تشدید حصار مأرب وصد عملیات واسعة النطاق التی یقوم بها الجانب الاخر لاستعادة المراکز التی استولوا علیها فی الأیام الأخیرة.
ووفق وسائل إعلام یمنیة، یستمر القتال العنیف حول طلعه الحمرا غربی مأرب. کما أفادت مصادر میدانیة بسیطرة الجیش على مواقع مهمة فی سلسلة المرتفعات المطلة على مدینة مأرب من منطقتی الراک والزور الواقعتین على الضفة الغربیة لسد مأرب إلى منطقة الطلعة الحمراء ومناطق العطیف وایدات الراء فی الشمال.
وفی سیاق متصل أضاف اللواء الرکن عبد الله حسن الجفری فی مقابلة مع وکالة ارنا للأنباء الخمیس الماضی أن "محافظة مأرب کلها تحت سیطرة الجیش واللجان الشعبیة، وانه ثمة مدینة وحیدة فی مأرب یحتلها مرتزقة التحالف السعودی والجماعات الارهابیة والتی لم یبق حتى تحریرها الکثیر.
وأوضح أن "الجیش واللجان الشعبیة أحرزوا تقدما جیدا من أربعة محاور باتجاه هذه المدینة، وتم تحریر مناطق مثل النجد الأسود والزور وشعب الحمار والحفاة ووادی اراک وقاع المنجورة ووادی ذنبه وصنفه والطلعه الحمراء فی اخر تقدم. وقال: "کل هذه المناطق تبعد خمسة إلى سبعة کیلومترات عن المدینة وهی محاطة بجمیع جوانب المدینة".
وأضاف الجفری: "تقدمت قوات الجیش واللجان الشعبیة فی منطقتی الجفینة وجبل الخشب، حیث وصلت لمسافة ثلاثة کیلومترات من هاتین الثکنتین اللتین تشکلان آخر خط دفاع فی مدینة مارب".
وقال: "الثکنات العسکریة فی صحن الجن المحاطة بالجبال من جمیع الجهات، هی أکبر مستودع ذخیرة وأسلحة للمرتزقة فی هذه المنطقة".
لکن إضافة إلى التقدم المیدانی، أفادت شبکة المیادین الإخباریة یوم الخمیس بإطلاق صاروخ بالیستی یمنی وأصابة مکان تجمع للقادة والجنود الأجانب (سعودیون وبریطانیون) فی مدینة مأرب.
وقالت المیادین نقلا عن مصادر عسکریة إن "الانفجار الذی هز مدینة مأرب جاء من المنطقة العسکریة الثالثة بشرق الیمن". وقالت هذه المصادر ان "الهجوم الصاروخی استهدف اجتماعا عسکریا لقادة وضباط التحالف السعودی فی مارب". ولفتت المصادر إلى أن "الضربة الصاروخیة کانت دقیقة وخلفت قتلى وجرحى من قادة قوات التحالف السعودی".
التحالف السعودی یلجأ لداعش والقاعدة
یتواصل تقدم الجیش الیمنی فی محافظة مارب حیث لجأ التحالف السعودی هربا من الهزیمة أمام المقاومة الشعبیة الیمنیة وخسارة محافظة مأرب الاستراتیجیة إلى تنظیم داعش الإرهابی وارسال عناصر داعش والقاعدة نحو مارب. وفی هذا الصدد، أصدرت داعش مؤخرا بیانا قالت فیه إنها تقف إلى جانب التحالف السعودی المعتدی فی حرب مارب.
وذکرت صحیفة "الأخبار" أن "الریاض جندت آلاف العناصر المتطرفة من محافظات شبوة وأبین وحضرموت وعدن ولحج وتعز والضفة الغربیة للدفاع عن آخر معقل لها فی شمال الیمن، من أجل منع تحریر مأرب" ویبدو أن السعودیة تحاول تحویل حرب مأرب إلى طائفیة من أجل حشد المزید من العناصر التکفیریة لمواجهة أنصار الله والجیش الیمنی.
لعبة النفاق الأمریکیة
دفعت فرص مقاتلی المقاومة الیمنیة المتزایدة فی فتح مدینة مأرب مسؤولی البیت الأبیض إلى مواجهة التقدم الیمنی لتوضیح أن إعلان وقف إطلاق النار لدعم الغزو السعودی للیمن هو مجرد خطاب سیاسی، وأن واشنطن تواصل دعمها للریاض ضد تقدم صنعاء. وفی الأیام الأخیرة، التقى الممثل الأمریکی الخاص للیمن تیموثی لاندرکینج مع أحمد عواد بن مبارک وزیر منصور هادی الهارب للشؤون الخارجیة، حیث دعا بن مبارک الممثل الأمریکی الخاص إلى مواصلة الضغط على صنعاء.
وقال المتحدث باسم أنصار الله ورئیس فریق التفاوض الیمنی محمد عبد السلام الأربعاء إن "الموقف الأمریکی الجدید مجرد کلام، وحتى الآن لم نشهد أی تقدم أو خطوات عملیة لرفع العقوبات وایقاف الحرب، فالموقف الأمریکی متغیر حتى الآن.
وأضاف: "الحصار المفروض تم بامکانات أمریکیة ولا ینبغی أن ینخدع المرء بالأحادیث المنمقة غیر الصحیحة".
وتابع عبد السلام: الحرب على بلادنا ستتوقف بإجراءات عملیة فی المیدان ولیس بمجرد الکلام. ونرى أن الفصائل المتحاربة (التحالف السعودی) فشلت سیاسیاً وعسکریاً وإنسانیاً.
وقال "تم فرض الطریق العسکری علینا وکلما طالبنا بحل سلمی نتفاجأ بإعلان واشنطن الحرب".
وقال محمد عبد السلام: "المعتدون لا یقبلون الخیارات السلمیة، حتى الأمم المتحدة لا تجرؤ على إدانة الحصار المفروض على الشعب الیمنی، لکننا لن نسکت. الخیار السلمی الحقیقی هو وقف العدوان ولیس إطالة أمده. الطرف الآخر یرید استمرار الحرب ولیس وقفها".
أهمیة مأرب فی مصیر الحرب ومستقبل الیمن السیاسی
إن حرب تحریر مأرب بالغة الأهمیة، لیس فقط بما یتعلق بهذا العدوان الذی امتد لعدة سنوات، ولکن طوال تاریخ الیمن المعاصر لأن هذه المحافظة کانت تحت وصایة السعودیة منذ عدة عقود. محافظة مارب غنیة بالنفط وأحد المحاور الاقتصادیة فی الیمن، والسیطرة علیها یمکن أن تساعد صنعاء فی حل جزء کبیر من المشاکل الاقتصادیة الناجمة عن العقوبات.
ومن ناحیة أخرى، ستکون مأرب آخر معقل لحکومة منصور هادی المستقیلة فی المناطق الشمالیة من الیمن، ومع السیطرة على هذه المحافظة سیقیم أنصار الله حاجزًا بین محافظتی الجوف وصعدة وعمران وصنعاء. کما یشکل بسط السیطرة على مأرب تهدیداً مباشراً للمحافظات النفطیة المجاورة إلى الشرق (حضرموت وشبوة) المتاخمة لها. لذلک، من المتوقع أن تسعى حرکة أنصار الله الیمنیة بعد وصولها إلى مدینة مأرب للتقدم شرقاً نحو حقول لنفط Safer.
وفی الواقع، مع السیطرة على مأرب، سیتغیر میزان القوى فی الحرب بشکل کبیر لصالح صنعاء، لأنه بهذه الطریقة سیستعید أنصار الله السیطرة على جمیع المناطق الشمالیة التی کانوا یسیطرون علیها قبل عملیة العاصفة فی مارس 2015، وهو ما یعنی هزیمة سیاسیة وعسکریة کبرى لحملة حرب التحالف السعودی.
ومن ناحیة أخرى، فإن سقوط مأرب للإمارات والمجلس الانتقالی الجنوبی یعید تفعیل نافذة إحیاء مشروع الانسحاب من التحالف السیاسی فی عدن، وهذا یعنی هزیمة أخرى لخصم أنصار الله السیاسی. مأرب هی القاعدة التقلیدیة لوجود ونشاط حزب الإصلاح کممثل للإخوان المسلمین فی الیمن. وبالنظر إلى ذلک، من الأفضل فهم سبب عدم إرسال المجلس الانتقالی للجنوب أی قوات شبه عسکریة للمساعدة فی حمایة مأرب.