ما هی أهداف الولایات المتحدة الخفیة من مهاجمة مقار المقاومة؟
صباح الجمعة الماضی، تصدرت الضربات الجویة الأمریکیة ضد مواقع المقاومة على الحدود العراقیة السوریة، عناوین الصحف مرةً أخرى.
وهذه المرة الرئیس الدیمقراطی للولایات المتحدة هو الذی أمر بهذا الهجوم الإجرامی، لیثبت أنه لا فرق بین السیاسیین الأمریکیین فی انتهاک سیادة سوریا والعراق وارتکاب الجرائم ضد شعوب هذه الدول.
هذا الهجوم، الذی نشرت حوله إحصائیات مختلفة عن عدد القتلى والجرحى، ولکی تبرر الحکومة الأمریکیة عملها الإجرامی بمهاجمة جزء من قوات الحشد الشعبی، المنضویة فی القوات المسلحة العراقیة رسمیاً، وصفتها بأنها رسالة لإیران مفادها بأن الهجمات علی المقرات الأمریکیة فی العراق لا تمر دون رد.
یمکن اعتبار هذا الموقف الأمریکی مجرد کذبة بناءً على الأسباب التی سیتم ذکرها، ویمکن تسمیة الأهداف الحقیقیة من وراء هذا الهجوم بتصمیم مخطط مسبقًا.
الإسقاط الخارجی والإقناع الداخلی
إن ادعاء الإدارة الأمریکیة بأن الهجوم على مقر قوات الحشد الشعبی فی البوکمال بسوریا کان رداً على إیران، یظهر قبل کل شیء یأس الولایات المتحدة وخیبة أملها من التطورات فی العراق وسوریا، بحیث أن البیت الأبیض یجد نفسه محکوماً بالفشل وبالنتیجة فهی تتخذ أی إجراء لتأخیر مسار التطورات، من أجل تجنب الفشل الحتمی.
فی أواخر فبرایر، تم تنفیذ هجمات مشبوهة على قاعدة أمریکیة فی شمال العراق، ووجهت واشنطن أصابع الاتهام على الفور إلى إیران وفصائل الحشد الشعبی.
فی غضون ذلک، أصدر قادة وتیارات مختلفة من الحشد الشعبی، الذین لم یخشوا یوماً تحمل المسؤولیة عن الهجوم على مقار الجیش الأمریکی الغازی، بیانًا رسمیًا یدین الهجوم على مطار أربیل، ویعلن أنه لا دور لهم فی الهجوم.
تواجه الولایات المتحدة عقبةً قانونیةً کبیرةً ومطلباً وطنیاً منذ أن أصدر البرلمان العراقی قراراً العام الماضی یطالب بانسحاب القوات الأجنبیة، والیوم باستثناء أجزاء من الحکومة العراقیة، تضغط معظم الجماعات السیاسیة من أجل الانسحاب الفوری للقوات الأمریکیة.
لذلک وفی ظل هذه الظروف الصعبة، حیث فشلت حتى مساعی واشنطن لإحیاء داعش من أجل الالتفاف على قرار مجلس النواب، لا ترى واشنطن طریقةً أخرى سوى عزو الهجمات إلى جمهوریة إیران الإسلامیة للهروب من قبول الهزیمة وکراهیة الشعب العراقی لوجود القوات الأمریکیة.
من جهة أخرى، من المؤکد أن الهجوم على مقر المقاومة المدعومة من إیران فی سوریا، یأتی لتخفیف ضغوط الکیان الصهیونی المکثفة فی الکونغرس والبیت الأبیض، وکذلک لإظهار رئیس قوی یتمتع بالإدارة والاقتدار للدفاع عن مصالح الولایات المتحدة وحلفائها فی مواجهة انتقادات الجمهوریین، بعد الهجمات الکبیرة الأخیرة على منشآت وقوافل عسکریة أمریکیة فی العراق.
الهجوم على العدو الرئیس لداعش
فی السنوات التی أعقبت سقوط خلافة داعش فی العراق، أثیرت دائماً مسألة إمکانیة إعادة تنظیم عناصر داعش المتبقیة والخفیة فی العراق وسوریا.
لکن فی الأشهر الأخیرة، وبالتزامن مع ارتفاع الأصوات لطرد القوات الأمریکیة من العراق، زادت أنشطة هذا التنظیم الإرهابی أیضاً، ووقعت عدة تفجیرات وعملیات إرهابیة أخرى لزعزعة استقرار العراق.
ولا شک أن دور داعش فی منع استقرار العراق وسوریا، وکذلک تحدی الحزام الأمنی لمحور المقاومة من طهران إلى دمشق ثم لبنان، هو بالکامل فی مصلحة الولایات المتحدة والکیان الصهیونی.
فی الوقت نفسه، فإن قوات المقاومة العراقیة، التی تدرک الخطة الشریرة المصممة لإحیاء داعش فی الأشهر الأخیرة، منعت داعش من الظهور مرةً أخرى فی وسط وشمال غرب العراق خلال عدة عملیات ناجحة، کما أنها تتعاون مع الحکومة السوریة وحزب الله اللبنانی لمواجهة هذا التهدید وقمع الدواعش فی سوریا.
وبناءً على ذلک، یتضح أن الهجوم على مقر المقاومة على الحدود السوریة العراقیة کان مدبراً لتقلیص القدرة على مواجهة داعش.
واللافت أن الولایات المتحدة قد أعلنت الأسبوع الماضی عن بناء قاعدة عسکریة جدیدة على الأراضی السوریة وعلى الحدود مع العراق، فی إشارة إلى أهمیة هذه المنطقة فی استراتیجیة البیت الأبیض العسکریة لدفع خططها فی سوریا والعراق.