الإجرام الصهیونیّ یتجسد على شواطئ لبنان.. إلى متى یستمر الصمت العربیّ؟
عقب التسرب النفطیّ الکبیر الذی حدث بین 6 و10 شباط الماضی، ووصف بأنّه أسوأ کارثة بیئیّة فی تاریخ فلسطین المحتلة، امتدت الکارثة البیئیّة إلى لبنان بسبب عدم اکتراث حکومة الاحتلال الصهیونیّ بهذه الکارثة الکبرى، وأعلنت الحکومة اللبنانیّة أن تسرب النفط فی میاه فلسطین المحتلة وصل إلى الساحل اللبنانیّ، ما یهدد البیئة والتنوع الحیویّ فی البحر الأبیض المتوسط، وقد تمّ رصد بقع القطران الأسود على طول الشاطئ الممتد من مدینة الناقورة الحدودیة حتى مدینة صور، وتضمّ المنطقة البحریّة شواطئ رملیّة وصخریّة عدة إضافة إلى محمیة طبیعیّة، وتشکّل مقصداً للشعب اللبنانیّ خلال موسم السباحة، وتطلق منها سنویاً دفعات من صغار السلاحف إلى عمق البحر المتوسط.
فی ظل التکتّم الذی رافق التسرّب النفطی الذی ضرب الشاطئ الفلسطینیّ المُحتل وامتدّ إلى لبنان، إضافة إلى الحظر الذی فرضته حکومة العدو على نشر المعلومات حول تلک القضیّة، یتفق الجمیع على أن الکارثة کبیرة التی أدت إلى انتشار البقع النفطیّة على مساحة واسعة وتسبّبها باختناق الکثیر من الکائنات الحیّة على الشاطئ وفی الأعماق، تتجه الأنظار حول خفایا هذه القضیّة التی شابها الکثیر من الجدل وتسببت بـ "کارثة بیئیّة عظیمة".
وبعیداً عن الحملة التی قام بها کیان الاحتلال الصهیونیّ، والتی انطلقت قبل بضعة أیام لإزالة آثار التسرّب النفطیّ على السواحل الجنوبیّة ومصدره الکیان نفسه، انتشرت الکثیر من الأسئلة والاستفسارات حول مصدر البقع النفطیّة وما إذا کانت من عرض البحر أو من مکان قریب من الشاطئ، وما إذا کانت تلک البقع ناتجة عن حادثة تسرّب من بواخر أو خزّانات نفطیّة، أو عن تدفق نفطیّ بسبب انفجار رافق عملیات التنقیب والحفر، وخاصة أنّ لدى الکیان الغاصب للأرض العربیة الکثیر من المواقع المتعددة والسریّة التی تتم فیها عملیات الحفر والتنقیب، حیث یعتقد البعض أنّ ذلک هو السبب الرئیس الذی دفع حکومة العدو للتستر على فعلتها النکراء.
وفی الوقت الذی زعمت فیه سلطات الکیان الصهیونیّ الغاشم بأنّها وسعت تحقیقاتها جراء التسرب النفطیّ الغامض الذی أسهم فی جرف قرابة ألف طن من القطران اللزج إلى السواحل الفلسطینیّة واللبنانیّة، تتحدث بعض التحلیلات الإعلامیّة أننا سنکون أمام کارثة لا یمکن تصورها، فی حال استمرت عملیات الحفر والتنقیب التی تقوم بها سلطات العدو بشکل سریّ رغم أنّها تنطوی على مخاطر یصعب ضبط نتائجها.
وزیرة ما تسمى "حمایة البیئة" فی حکومة العدو، جیلا غملیئیل، ادعت فی بیان، أنّ الکیان سیلجأ لکل السبل لمعرفة المسؤولین عن هذا التلوث البیئیّ، بید أنّ الکثیرین اعتبروا أنّ الکیان الصهیونیّ هو المسؤول الأول والأخیر عن تلک الحادثة التی وصفت بأنّها "إرهاب بیئیّ"، لأنّ البقع النفطیة حددت بأنها عبارة عن نفط خام تفکّک وتحوّل بعد اختلاطه بمیاه البحر الى نوع من القطران أو الزفت بکثافة عالیة قُدرت على رمل شاطئ صور بنحو طنین، ویُرجح أنّ البقع بدأت بالوصول الى الشاطئ اللبنانیّ بین 6 و10 من الشهر الفائت، عندما کانت اتجاهات الریاح جنوبیّة شرقیّة خلال العاصفة الشتویّة الماضیة فی البحر المتوسط.
وبالتزامن مع الإقرار الصهیونیّ بعدم قدرتهم على حل المشکلة، واعترافهم بأنّ المشکلة التی ربما تسببوا بها، تتطلب عملیات معقدة ومملة على مدى فترة طویلة من الزمن للتخلص من آثارها، لم یقّدم المسح الجوی معطیات کثیرة حول هذه القضیة لأن القطران، بعدما اختلط بالمیاه ونقلته الأمواج الى الشاطئ، تحوّل الى کتل صغیرة غطتها الرمال، حیث إنّ الضرر الأکبر یقع على الحیوانات البحریّة التی لا تستطیع السباحة بعیداً کقنافذ البحر والمحار.
ومن الجدیر بالذکر أنّ المسح الجویّ لم یشمل أعماق المیاه حیث یترسّب الجزء الکثیف من المواد النفطیّة التی تشکّل طبقة سوداء ولزجة، تبقى لفترة زمنیّة طویلة، ویمکن أن تتحول الى بکتیریا تتسبب بموت کثیر من النباتات والکائنات البحریّة، ناهیک عن أنّ المواد النفطیة عادة تصنّف على أنّها مواد مسرطنة محتملة، ووفق تقاریر إعلامیّة فإنّ التلوث النفطیّ ربما یدوم لعشرات السنوات، استناداً لحوادث تسرب سابقة.
ومن المفترض أن تبدأ الحکومة اللبنانیة بالإعداد لرفع دعوى تعویض ضد الکیان الصهیونیّ أمام الأمم المتحدة، وخاصة أنّ الجمعیة العامة للمنظمة الدولیّة أدانت ممارسات العدو المجرم أکثر من 12 مرة، وطالبته بدفع 856 ملیون دولار عقب القصف الصهیونیّ الهمجیّ لمحطة تولید الکهرباء فی الجیة خلال عدوان تموز عام 2006، والذی أدى إلى تسرّب 15 ألف متر مکعب من مادة الفیول إلى البحر، وتضرر نحو 150 کیلومتراً من شواطئ لبنان، وصولاً إلى الشواطئ السوریّة.
وبناء على ذلک، یواصل الکیان الصهیونیّ المُستبد إرهابه البیئیّ ضد لبنان من خلال التسرب النفطیّ على طول الساحل الجنوبی للبنان، فیما ترفض تل أبیب الاعتراف بمسؤولیتها عن هذه المأساة الکبیرة، مع غیاب تام للدور الحکومیّ اللبنانیّ، حیث غاب وزیر البیئة المستقیل، دمیانوس قطار، عن هذا المشهد المؤلم، ولم یُسجّل للوزارة المعنیة أساساً بمثل هذه الکوارث أیّ نشاط، باستثناء ظهور خجول عبر التلفزیون الحکومیّ لمدیرها العام، برج هاتجیان، الذی ألغى "لجنة الطوارئ لمنع ومکافحة تلوث البحر بالنفط" التابعة للوزارة، لأسباب مجهولة.
ویحاول متطوعون لبنانیون حمایة بیئتهم المهددة بالخطر من الکیان الصهیونیّ فی البحر الأبیض المتوسط، فیما یقوم الکیان الصهیونیّ بقصف سوریا، فی دعم واضح ومباشر للإرهابیین هناک، حیث إنّ الکیان المُحتل یقتل السوریین ویقصف بنیتهم التحتیة من جهة، ویدمر طبیعة وبیئة اللبنانیین من جهة ثانیة، دون أیّ رادع عربیّ دولیّ لإیقاف التمادی الصهیونیّ.