آفاق العلاقات السعودیة الإماراتیة فی عهد بایدن

العلاقات بین السعودیة والإمارات، والتی اتجهت بعد تطورات الصحوة الإسلامیة فی بدایة عام 2011، إلى مزید من التنسیق فی القضایا الإقلیمیة، بل تعززت مع عمل محمد بن سلمان وزیراً للدفاع ثم ولیاً للعهد السعودی من عام 2017 فصاعدًا، لم یعد لدیها ذلک الدفء السابق، ویسیر شکل علاقتهما من الوحدة إلى المنافسة.

لقد قمعت الإمارات ثورة الشعب البحرینی ودعمت نظام آل خلیفة الدیکتاتوری فی عام 2011، کجزء من قوات "درع الجزیرة" إلى جانب السعودیة. کما دعم البلدان بشکل مشترک انقلاب الجیش المصری فی یولیو 2013، بقیادة "عبد الفتاح السیسی" ضد الرئیس المنتخب "محمد مرسی".

فی الواقع، منذ عام 2011، سعت السعودیة والإمارات إلى تحقیق هدف مشترک، یتمثل فی مواجهة الثورات العربیة ومنع هذه التطورات من التأثیر على منطقة الخلیج الفارسی وحلفائهما الآخرین، مثل الأردن ومصر والمغرب.

وقد تشارک قادة البلدین فی فهم مشترک للتهدیدات التی تشکلها الحرکات الإسلامیة، التی کانت فی طلیعة ثورات الربیع العربی، ومستقبل التعاون الداخلی والمصالح الأجنبیة فی العالم العربی.

وبلغ هذا الاصطفاف الاستراتیجی فی السیاسة الخارجیة ذروته فی تحالف العدوان العسکری على الیمن عام 2015، وکذلک خطة محاصرة قطر عام 2017.

ومع ذلک، ظهرت منذ فترة علامات الاختلاف فی سیاسات کلا الجانبین، علنیةً وسریةً. ویمکن رؤیة هذه الفجوة فی مجموعة متنوعة من الموضوعات.

فعلى عکس سیاسات السعودیة التی تعتبر محور المقاومة بقیادة طهران عدوها الجیوسیاسی والأیدیولوجی الرئیس فی التطورات الإقلیمیة، تعتبر الإمارات أن مثل هذا التهدید یأتی من جماعة الإخوان المسلمین بشکل أکبر، وترى ضرورة إعطاء الأولویة لمواجهة حرکات الإخوان فی لیبیا ومصر، وداعمی الإخوان الإقلیمیین أی قطر وترکیا.

وقد أدى ذلک إلى خلافات خطیرة بین الإمارات وقطر، حول رفع الحصار عن قطر وتحسین العلاقات مع ترکیا والشراکة مع جماعة الإخوان المسلمین فی الیمن المتمثلة فی حزب الإصلاح.

علی صعید آخر، سارع محمد بن سلمان، الذی کان قلقًا للغایة بشأن وصول جو بایدن إلى السلطة فی الانتخابات الرئاسیة الأمریکیة العام الماضی، إلى حل الخلاف مع قطر بسرعة ورفع العقوبات، استعداداً للمناخ الجدید ودون تحقیق أی مکاسب؛ إجراءٌ لاقى بالطبع استیاء أبو ظبی وحتى مصر.

من ناحیة أخرى، فإن الضوء الأخضر الذی منحته الریاض لأنقرة لتهدئة التوترات، لم یعجب محمد بن زاید. فی المقابل، ألحقت الإمارات ضربةً قاتلةً بجسم العملیة العسکریة السعودیة فی الیمن، بإعلانها انسحابها من الحرب الیمنیة فی یولیو 2019.

وبعد هذا الانسحاب، علی الرغم من أن أبو ظبی کانت داعمةً فی سیاستها المعلنة لتحالف القوى الجنوبیة للمجلس الانتقالی وحکومة منصور هادی فی عدن، إلا أنها لم تدخر أی إجراء خلف الکوالیس لضرب منصور هادی واتفاق الریاض(اتفاق تشکیل حکومة ائتلافیة فی عدن تم التوصل إلیه فی 2018).

کما عملت أبو ظبی علی تحسین العلاقات مع دمشق الحلیف الاستراتیجی لطهران، بینما لم تتخذ الریاض بعد خطوات لإعادة فتح سفارتها فی سوریا.

فی هذه الأثناء، من بین الأسباب المهمة لهذا الاختلاف فی تحدید أولویات التهدید، یمکن الإشارة إلی تاریخ من الشراکات الاقتصادیة واسعة النطاق(یعمل فی الإمارات حوالی 400 ألف إیرانی ومئات الشرکات)، نقاط الضعف الخطیرة للإمارات فی مسألة التطرف فی جبهة العداء لإیران(الاعتماد الکامل على الخلیج الفارسی فیما یتعلق بالأسواق الدولیة وضعف الاقتصادی الزجاجی)، إضافة إلى التهدید الأکثر مباشرةً للإخوان المسلمین للمصالح الإقلیمیة لدولة الإمارات فی العالم العربی(التنافس الجیوسیاسی مع ترکیا وقطر فی السودان ولیبیا ومصر).

من بعد آخر، فإن طموحات محمد بن زاید لتحویل الإمارات إلى قوة إقلیمیة، أو حتى القوة الأولى فی مجلس التعاون، تتطلب الانتقال من اعتبار السعودیة الشقیقة الکبری.

ویمکن رؤیة تجلیات هذه القضیة فی کون الإمارات رائدةً فی موضوع تطبیع العلاقات مع الکیان الصهیونی. خطوةٌ قد تستتبع سعی أبو ظبی إلى الحلول محلّ الریاض فی استراتیجیة البیت الأبیض الإقلیمیة، بالنظر إلى النهج المعلن للإدارة الأمریکیة الجدیدة لمراجعة العلاقات مع السعودیة.

وعلیه، لیس من قبیل الصدفة أنه لم یکن هناک لقاء مباشر بین ولی عهد أبو ظبی وولی عهد السعودیة خلال العام الماضی.

وفی هذه الظروف، على الرغم من عدم وجود أی مؤشر على توترات محتملة فی العلاقات بین البلدین أو انخفاض التنسیق المتبادل بینهما، ولکن لیس من المستبعد أن نشهد فی الأسابیع أو الأشهر المقبلة تغییرًا فی السیاسة الخارجیة للإمارات بعد دخول جو بایدن البیت الأبیض، من حیث "التحالف" والشراکات السیاسیة مع السعودیة فی القضایا الإقلیمیة الساخنة.

 




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

تهوید القدس المحتلة.. مخطط إسرائیلی وتورط إماراتی

تهوید القدس المحتلة.. مخطط إسرائیلی وتورط إماراتی

یترکز نشاط الجمعیات الاستیطانیة فی الاستیلاء على العقارات الفلسطینیة بالقدس المحتلة فی أحیاء البلدة القدیمة وسلوان والشیخ جراح وواد الجوز. وتورط الإمارات بتسریب عقارات فی سلوان والبلدة القدیمة.

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق