مراسلون بلا حدود.. وابن سلمان بلا قیود!
قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" أنها تقدّمت بدعوى قضائیة فی المحاکم الألمانیة تتعلق بارتکاب جرائم ضد الإنسانیة، بحق ولی العهد السعودی محمد بن سلمان.
وتبرز أهمیة هذه الشکوى إلى أنها جائت بعد عدة أیام من إصدار الإدارة الأمریکیة تقریراً استخباراتیاً عن کیفیة وتفاصیل مقتل الصحفی السعودی المعارض جمال خاشقجی عام 2018 فی القنصلیة السعودیة بإسطنبول، کما أن تقریر وکالة المخابرات الأمریکیة اعتبر أن ولی العهد السعودی وافق على عملیة قتل أو اختطاف الصحفی السعودی.
السعودیة تحارب الصحفیین وخاشقجی لیس الوحید!
تعتبر منظمة "مراسلون بلا حدود" المنظمة الأبرز التی تدافع عن حقوق الصحفیین حول العالم کما تعتبر السعودیة من أکثر الدول التی تحارب حریة الصحفیین وهذا ما دفع بالمنظمة للتندید بما وصفته "مسؤولیة" ولی العهد السعودی محمد بن سلمان عن قتل الصحفی السعودی المعارض جمال خاشقجی، وسجن حوالی 30 صحفیاً آخرین.
والشکوى التی تم تقدیمها من قبل منطمة مراسلون بلا حدود مکونة من 500 صفحة وتم تقدیمها إلى المدعی العام الألمانی بشکل عام فی محکمة العدل الفیدرالیة فی کارلسروه، أبرز ما جاءء فی الشکوی کان یترکز على الاضطهاد "الواسع والمنهجی" للصحفیین وحقوقهم فی المملکة العربیة السعودیة، بما فی ذلک الاحتجاز التعسفی لـ34 صحفیاً هناک، واغتیال جمال خاشقجی، کاتب العمود فی الواشنطن بوست.
وفی هذا السیاق قال الأمین العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" کریستوف دیلوار: "هؤلاء الصحفیون هم ضحایا القتل غیر القانونی والتعذیب والعنف الجنسی والإکراه والاختفاء القسری".
هذه الشکوى لم یتم تقدیمها ضد محمد بن سلمان فقط بل تستهدف أربعة مسؤولین رفیعی المستوى فی المملکة العربیة السعودیة أیضاً.
لماذا محکمة العدل الفیدرالیة فی ألمانیا؟
إن السبب فی اختیار منظمة مراسلون بلا حدود لمحکمة العدل الفیدرالیة فی کارلسروه هو تخصص هذه المحکمة بالنظر فی الجرائم الدولیة الأساسیة وخاصة تلک المرتبطة بـ"الاضطهاد الواضع والممنهج للصحفیین فی السعودیة".
کما أشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنها تأمل أن تؤدی شکواها، التی ترکز على الأمیر محمد وأربعة من کبار المسؤولین، إلى قیام المدعی العام الألمانی بفتح ما یُعرف بـ"تحلیل الوضع"، وهو ما قد یؤدی إلى تحقیق النیابة العامة الرسمی فیما إذا کان المسؤولون السعودیون قد ارتکبوا جرائم ضد الإنسانیة من خلال استهداف المراسلین.
من جانبه أعلن مدیر منظمة مراسلون بلا حدود فی ألمانیا کریستیان میر أن : "الافتتاح الرسمی لتحقیق جنائی فی ألمانیا فی الجرائم ضد الإنسانیة فی المملکة العربیة السعودیة سیکون الأول من نوعه فی العالم". وأضاف: "نطلب من النائب العام فتح تحلیل للوضع، بهدف الشروع رسمیاً فی تحقیق النیابة وإصدار أوامر القبض على المتهمین".
الصحفیین السعودین تحت مقصلة بن سلمان
یوجد عشرات الحالات من الصحفیین المحتجزین فی سجون محمد بن سلمان، وذلک بسبب معارضتهم لسیاسات الحکومة وهم یتعرضون للتهدید والابتزاز والتعذیب، وهذا ما ترید منظمة مراسلون بلا حدود أن تکشف مصیره إلى جانب قضیة الخاشقجی.
وهذه الشکوى هی عبارة عن محاولة من منظمة مراسلون بلا حدود لمحاولة إقناع المدعین الألمان بفتح قضیة ضد ولی العهد السعودی محمد بن سلمان، بعد أن قامت ألمانیا مؤخراً بتوجیه تهم لضابط سابق فی الشرطة السریة السوریة، بالمساعدة والتحریض على جرائم ضد الإنسانیة، لدوره فی تعذیب المتظاهرین قبل عقد من الزمن.
الإدارة الأمریکة والضغط الدولی
تعرضت إدارة بایدن لانتقادات دولیة وحقوقیة واسعة بسبب قرارها بعدم اتخاذ المزید من الإجراءات ضد الأمیر محمد بن سلمان، حتى بعد اعترافها علناً بأنه وراء مقتل خاشقجی.
أما بالنسبة للسعودیة فتعتبر هذه القضیة منتهیة وأن التقریر الأمریکی لم یقدم أی أدلة دامغة على تورط ولی العهد السعودی محمد بن سلمان فی واقعة قتل الصحفی المعارض جمال الخاشقجی. واعتبرت المملکة أن التقریر الأمریکی یستند إلى الافتراضات، ولا یقترب من إثبات الاتهام بما یتجاوز الشک کما أن الموقف الرسمی فی السعودیة یعتبر أن الأمیر محمد بن سلمان تقبل المسؤولیة الأخلاقیة عن جریمة شنعاء ارتکبتها مجموعة تجاوزت الأنظمة کافة، وخالفت صلاحیات الأجهزة التی کانوا یعملون فیها وتم تقدیمهم للمحاکمة وتعهد بإجراء إصلاحات فی أجهزة المخابرات وأغلق القضیة نهائیاً.
محاکمة غیر عادلة فی السعودیة والمتهمون مجهولین
بعد مقتل الخاشقجی فی 2 تشرین الأول/أکتوبر 2018 فی قنصلیة بلاده فی اسطنبول نفت السعودیة عملیة القتل ولکن بعد ظهور خیوط التحقیق فی جریمة أقرت فی نهایة المطاف بأن عملیة القتل کانت عملیة فردیة ولم یتورط فیها ولی العهد. وتم تشکیل محاکمة فی السعودیة ضمن جلسات مغلقة.
ولکن المثیر للانتباه أن هذه المحکمة برأت القحطانی والعسیری اللذین ینظر إلیهما على أنهما العقل المدبر للجریمة، فیما حکم على خمسة متهمین لم یتم الکشف عن أسمائهم بالإعدام وعلى ثلاثة آخرین بعقوبات طویلة بالسجن. وبعد تسعة أشهر، تم تخفیض عقوبات الإعدام إلى السجن لمدة تصل إلى عشرین عاماً، وهو ما وصفته خدیجة جنکیز خطیبة جمال خاشقجی بأنه "محاکاة ساخرة للعدالة".
یذکر أن القحطانی والعسیری هما ضمن عشرین سعودیاً یحاکمهم القضاء الترکی غیابیا منذ تموز/یولیو لاتهامهم بالضلوع فی قتل جمال خاشقجی.
أرقام وإحصائیات تحکی عن الوضع فی السعودیة وتحکی قصة التهدید ومحاربة الحریات حیث تحتل السعودیة المرتبة الـ170 من أصل 180 بلدا فی الترتیب العالمی لحریة الصحافة الذی تضعه مراسلون بلا حدود، والمرتبة الثانیة من حیث عدد الصحافیین المعتقلین، بعد الصین وأمام مصر.
لکنها من خلال الرشاوی والأموال الطائلة تستطیع أن تغیر الحقائق ویصبح المجرم بریئاً والضحیة مجرماً فمحمد بن سلمان الذی اتهمه التقریر الاستخباراتی بالقتل تم استثنائه من العقوبات وهذا وضح بسبب الأموال التی یدفعها للإدارة الأمریکیة وهذه الشکوى لن یکون لها تأثیر على المملکة السعودیة فبعدما رأى الجمیع التقریر الأمریکی والقرار باستثناء الأمیر أصبحنا نعرف أن المجرم سیبقى فاراً من العدالة.
