إدانات خجولة لملف حقوق الانسان فی البحرین.. وصمت لأسباب خفیة!
وجهة عدة منظمات تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان طلباً إلى إدارة الرئیس الأمیرکی جو بایدن للتسریع بمعالجة " التراجع المأساوی " لحقوق الإنسان فی البحرین، وذلک فی إطار السیاسة الأمریکیة الجدیدة فی منطقة الخلیج الفارسی.
حیث دعت 15 منظمة، من بینها منظمة "العفو الدولیة" ومعهد "البحرین للحقوق والدیموقراطیة" و“أمیرکیون من أجل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان فی البحرین”، الإدارة الأمریکیة کی تجعل من حقوق الإنسان "عنصراً أساسیاً فی الدبلوماسیة الأمیرکیة" فی الخلیج الفارسی.
و أکدت هذه المنظمات من خلال رسالة إلى وزیر الخارجیة الأمیرکی أنتونی بلینکن، أن قادة البحرین "ازدادوا جرأةً"، جراء الازدراء الذی أظهره الرئیس السابق دونالد ترمب للمعاییر الدولیة فی مجال حقوق الإنسان، على مهاجمة المجتمع المدنی وإعادة العمل بعقوبة الإعدام واستهداف النشطاء والمدافعین عن حقوق الإنسان وقادة المعارضة فی البحرین.
کما طالبت هذه المنظمات إدارة بایدن بإظهار اهتمام أکبر بانتهاکات حقوق الإنسان فی الخلیج الفارسی، بعد التساهل الذی أبداه سلفه ترامب. لأن "وصول ترمب إلى سدة الحکم، تمت ترجمته من قبل السلطات البحرینیة إلى قمع حکومی غیر مسبوق فی البحرین یستمر حتى الیوم".
وفی هذا السیاق قال سید أحمد الوداعی ، مدیر معهد البحرین للحقوق والدیموقراطیة، والذی یتخذ من لندن مقراً له، أن بعض قادة الحراک الوطنی لا یزالون فی المنفى أو یقبعون فی السجن، مضیفاً أنه "طالما لن ترکز السیاسة الأمیرکیة فی البحرین على معالجة نتائج أحداث العام 2011، والترویج للإصلاحات الدیموقراطیة ستبقى الأزمة السیاسیة فی البلاد بلا حل".
وضع حقوق الانسان فی البحرین منذ ثورة فبرایر
انطلقت انتفاضة الربیع العربی فی البحرین فی فبرایر/ شباط 2011 وکان الکثیرین یأملون أن تکون نتیجتها عهداً جدیداً من الدیمقراطیة فی البلاد. لکن، تم مقابلتها بقمع الحکومة العنیف للاحتجاجات، ولم تتحقق أی من الإصلاحات الموعودة. ولا یزال قادة الحرکة الاحتجاجیة، وبعضهم من کبار السن، فی السجن حتى الآن.
و منذ عام 2017، حظرت السلطات البحرینیة جمیع وسائل الإعلام المستقلة وألغت جمیع أحزاب المعارضة السیاسیة. وسجنت العدید من قادتهم ومن بین أبرز السجناء حالیاً قادة معارضون سیاسیون بارزون، ونشطاء، ومدونون، ومدافعون عن حقوق الإنسان ، حکم علیهم بالسجن مدى الحیاة لدورهم فی انتفاضة عام 2011 المؤیدة للدیمقراطیة. ومن هؤلاء نذکر: حسن مشیمع، وعبد الجلیل السنکیس، وعبد الهادی الخواجة، والشیخ محمد حبیب المقداد، وعبد الوهاب حسین.
فی العام 2018، تم الحکم على رئیس أکبر کتلة معارضة فی البحرین، الشیخ علی سلمان، بالسجن مدى الحیاة بعد محاکمات بتهم تتعلق بالتعبیر واتهامات ملفقة بالتجسس.
وعلى مدى السنوات الماضیة، تحمل النشطاء والقادة السیاسیون القسم الأکبر من القمع السیاسی فی البحرین، حیث واجهوا الاعتقال التعسفی والسجن لفترات طویلة، وفی بعض الحالات التعذیب، لمعارضتهم الحکومة. کما تم تجرید المئات منهم من الجنسیة تعسفاً، بینما یتعرض النشطاء والصحفیون الذین یواصلون عملهم من المنفى لخطر الانتقام من أفراد عائلاتهم الذین بقوا داخل البحرین.
وفی هذا السیاق أعلنت "لجنة حمایة الصحفیین"، أن ستة صحفیین على الأقل هم مسجونین حالیاً بسبب عملهم فی البحرین، وتحتل البحرین المرتبة 169/180 فی "التصنیف العالمی لحریة الصحافة 2020" و الذی تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود". کما سجلت البحرین مرتبة متدنیة جداً للحقوق السیاسیة فی تقریر "فریدم هاوس" للحریات فی العالم لعام 2020.
سجون مکتظة وظروف غیر صحیة
الحکومة البحرینیة تنتهک حقوق الانسان فی الاعتقالات والمحاکمات المزیفة وتعید الانتهاک مجدداً من خلال وضع السجون البحرینیة المکتظة بالسجناء والتی تعانی من ظروف غیر صحیة.
وفی هذا السیاق کانت جماعات حقوق الإنسان قد دعت الحکومة إلى الإفراج عن المسجونین لمجرد ممارسة حقهم فی حریة التعبیر فی ظل التهدید الذی یمثله فیروس کورونا. ولکن الحکومة البحرینیة رفضت کل هذه المطالب.
وکثیراً ما یتعرض السجناء لمعاملة مهینة ویتم حرمانهم من الرعایة الطبیة، وهذا بحد ذاته جریمة لحقوق الانسان فی البحرین. ومن هؤلاء السجناء نذکر: حسن مشیمع والدکتور عبد الجلیل السنکیس اللذان یعانیان من مجموعة من الحالات الطبیة المزمنة، بالإضافة إلى ناشطی حقوق الإنسان علی الحاجی وناجی فتیل.
ومن بین السجناء الآخرین، مواطنان بحرینیان یحملان جنسیتین أوروبیتین، هما الدنمارکی-البحرینی عبد الهادی الخواجة والشیخ السویدی-البحرینی محمد حبیب المقداد. حیث تعتبرهما منظمة العفو الدولیة سجناء رأی، بعد أن تمت محاکمتهم وحکم علیهما بالسجن المؤبد لممارستهما السلمیة لحقهما فی حریة التعبیر والتجمع السلمی، وتعرضا للتعذیب و الحرمان من الرعایة الطبیة.
تعذیب وحشی وحجج غیر مقنعة
فی شهر أبریل/نیسان 2011، قامت قوات الأمن البحرینیة باعتقال الخواجة بعنف وکسرت فکه، ما استدعى عملیة جراحیة لأربع عظام مکسورة فی وجهه. عناصر الأمن البحرینی قاموا بتعذیب الخواجة مباشرة بعد خضوعه لجراحة کبیرة فی الفک، وهو معصوب العینین ومقید على سریر المستشفى العسکری. مما اضطر الطبیب إلى مطالبة ضباط الأمن بالتوقف لأنه سیؤدی إلى فشل العمل الجراحی. وهولا یزال یعانی من آلام مزمنة بعد نحو عشر سنوات من الحادثة ویحتاج إلى جراحة إضافیة لإزالة الألواح المعدنیة والمسامیر التی کانت تستخدم لإعادة ربط فکه.
و المقداد أیضاً تعرض للتعذیب، بوسائل منها الضرب المبرح والصعق الکهربائی، وهو یعانی من مشاکل صحیة متعددة، بما فیها فتق ناتج على الأرجح عن تعذیبه، لکنه حرم من الرعایة الصحیة المناسبة. حتى ینایر/کانون الثانی 2021، على الرغم من حاجته إلى إجراء جراحة عاجلة لترمیم الفتق، کما یحتاج المقداد إلى جراحة فی القلب لفتح الشرایین التاجیة وفحص من قبل أخصائی للمسالک البولیة لتشخیص مشکلة فی البروستات. بینما تواصل إدارة السجون تأخیر العملیات الجراحیة والمعاینات المتخصصة للسجناء، ملقیة اللوم على استمرار تفشی فیروس کورونا.
عقوبة الإعدام لا تزال مستمرة رغم توقفها
فی عام 2017، أعلنت البحرین عن الوقف الفعلی لعقوبة الإعدام ولکنها نفذت منذ ذلک الحین ستة إعدامات، خمسة منها أدانتها المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنیة بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء فی عامی 2017 و2019. و یواجه 26 من المحکوم علیهم بالإعدام حالیاً الإعدام الوشیک، حیث تم إدانة نصفهم تقریباً على أساس اعترافات انتزعت منهم تحت التعذیب فی قضایا تتعلق باضطرابات سیاسیة.
ومن بین هؤلاء محمد رمضان وحسین موسى، اللذان تم تأیید أحکام الإعدام الصادرة ضدهما فی یولیو/تموز 2020 رغم وجود أدلة موثوقة على أن الرجلین أدینا على أساس اعترافات انتزعت تحت التعذیب. حیث أعلن خبراء مستقلون فی "اللجنة الدولیة لإعادة تأهیل ضحایا التعذیب" إلى أن التحقیقات التی أجرتها هیئات الرقابة على حقوق الإنسان فی البحرین فی تعذیب الرجلین "لم تلب الحد الأدنى من المعاییر المهنیة والمعاییر القانونیة الدولیة الدنیا".
إدانات خجولة وصمت لأسباب خفیة
فی الواقع دائماً ما کان الرد الدولی على انتهاکات حقوق الإنسان فی البحرین مشابهاً للردود على الانتهاکات فی المملکة العربیة السعودیة ، فهو مصحوباً بصمت من بعض الدول، مثل الولایات المتحدة، أو فی أحسن الأحوال مثالیاً، یقتصر على بعض التصریحات والإدانات الشفویة والسطحیة من قبل بعض الدول الأوروبیة ، ولم ترغب الدول الغربیة والأوروبیة أبداً فی محاسبة البحرین ومحاکمة حکامها على أفعالهم اللاإنسانیة.
فالدول الغربیة، حتى فی مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، بصفته الهیئة الدولیة الأکثر رسمیة لرصد أوضاع حقوق الإنسان فی الدول الأخرى ، لم یتحرکوا أبداً تجاه قضیة قمع المعارضین والنشطاء السیاسیین والدینیین من قبل حکومة المنامة، کما أنهم لم یتخذوا أی إجراء حتى الآن لتعیین مبعوث خاص لحقوق الإنسان فی البحرین ویبدو أن صمت هذه الدول تجاه انتهاکات حقوق الإنسان فی البحرین له عدة أسباب اقتصادیة ، ویمکن الاستنتاج أن الدول الغربیة تواصل تفضیل البحرین کسوق لتصریف أسلحتهم ومعداتهم العسکریة بالإضافة إلى استضافتها لقواتهم فی قواعد عسکریة على أراضی البحرین ، بدلاً من انتقادها لانتهاکات حقوق الإنسان.