فی ظل المخاطر التی تواجه فلسطین.. غضب الأحرار یتجدد فی "أسبوع القدس"
بعد أن أعلن الاتحاد العالمیّ لعلماء المسلمین فی 22 فبرایر/ شباط المنصرم، الأسبوع الأخیر من شهر رجب (من 8 إلى 14 مارس/ آذار الجاری) "أسبوع الأقصى المبارک والقدس الشریف"، دعا اتحاد علماء المسلمین الثلاثاء المنصرم، الدول الإسلامیّة إلى توحید خطبة الجمعة المقبلة لتتضمن نصرة المسجد الأقصى المبارک والقدس الشریف، مطالباً بانطلاق مسیرات شعبیّة سلمیّة لإحیاء القضیة الفلسطینیّة، فی ظل المخاطر التی تواجه فلسطین الیوم، وانجرار العدید من الدول العربیّة نحو اتفاقات التطبیع مع العدو الصهیونیّ الغاصب للأرض العربیّة.
لا یخفى على أحد أنّ القضیّة الفلسطینیّة تواجه أًصعب الظروف فی تاریخها، والمتمثلة بـ "صفقة القرن" الرامیة إلى تصفیّة القضیّة، والتطبیع الذی شکل طعنة فی ظهر هذا البلد، ناهیک عن مخططات الاستیطان والضم التی لا تتوقف عن قضم ونهب أراضی الفلسطینیین، بالإضافة إلى الحصار والإجرام الإسرائیلی الممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات، الشیء الذی دفع الاتحاد العالمیّ لعلماء المسلمین لاقتراح إقامة فعالیات وأنشطة إحیاء "أسبوع القدس"، والطلب من وزارات الأوقاف والشؤون والمؤسسات الدینیّة بتخصیص خطبة یوم الجمعة المقبل 12 مارس/ آذار الجاری، عن الأقصى والقدس نصرة وتحریراً، داعیّاً الجمیع للقنوت فی صلواتهم لأجل الأقصى، بالتزامن مع مخططات الاحتلال الصهیونیّ لهدمه المسجد المبارک وإقامة الهیکل المزعوم مکانه، لأنّه یشکل جزءاً هاماً من عقیدة المسلمین، وأولى القبلتین وثالث المساجد التی تشد إلیها الرحال.
وتأتی هذه المناسبة الفریدة، لتعبر عن صوت الأحرار فی مختلف دول العالم، ویوصل رسالة للکیان الصهیونی الإرهابیّ وداعمیه، مفادها أنَّ الأحرار فی کل مکان لا یمکن أن یستکینوا أو یخنعوا لجبروت المستبدین، مهما اشتد ظلمهم وعدوانهم، حیث تعد المشارکة فی هذا الیوم بالنسبة للکثیر من الناس، واجباً أخلاقیّاً وإنسانیّاً، بالأخص بعد التخلی المخزی من قبل بعض القیادات العربیّة والإسلامیّة عن هذه القضیة المصیریّة التی ترتبط ارتباطاً وثیقاً بمستقبل الأمّتین العربیّة والإسلامیّة وبمشاریع التفتیت والتقسیم فی المنطقة، بعد أن حُولت إلى ورقة سیاسیّة تخدم العدو الصهیونی الباغی وتحقق مصالح العملاء الدنیئة، التی تصب أولاً وأخیراً فی مصالح الإدارات الامریکیة المتعاقبة والمشاریع الغربیّة فی بلداننا، وترسخ الاحتلال والکراهیة ویفصل شرق الوطن العربیّ عن مغربه.
وبناء على ذلک، وجه بیان الاتحاد العالمیّ لعلماء المسلمین دعوة إلى جموع المسلمین حول العالم للقیام بالمسیرات الشعبیّة السلمیّة، للتعبیر عن أحقیة هذه القضیة وإحیائها فی النفوس، والمطالبة بإنصافها، ودعوة العالم الحر لنصرتها، وذلک لتوحید کلمة الأحرار فی العالم، لمواجهة المخططات الإجرامیّة التی تهدف إلى تمزیق الأرض الفلسطینیة والعربیّة ونهب ثرواتها واحتلالها والتحکم بمصیر شعبها المظلوم.
وفی ظل سعی الاتحاد الإسلامیّ لأن یشعر أبناء فلسطین بأنّهم لیسوا وحدهم فی معرکة الوجود مع الکیان الصهیونی الأرعن، عقب ارتفاع حدة الخیانة والعمالة من قبل بعض الحکومات العربیّة والخلیجیّة تحدیداً، بعد التطبیع والمواقف الهزیلة الأخیرة، مما تسمى "صفقة القرن"، أشار البیان الإسلامیّ إلى ترشیح 25 عالماً من علماء الاتحاد بالتنسیق مع هیئة "علماء فلسطین" لیتحدثوا إلى الجماهیر المقدسیّة یوم الجمعة المقبل.
یشار إلى أنّ المشارکة فی یوم القدس لا تقتصر على الدول العربیة والإسلامیّة، بل تشهد أوساط عدیدة فی دول العالم، مشارکة هامة حتى داخل الولایات المتحدة الأمریکیة، الداعم الأساس للکیان الغاصب، وکان لافتاً فی السنوات الأخیرة الحضور البارز فی هذه الفعالیة الهامة للیهود "الأرثوذکس" المعادین للصهیونیة واحتلال فلسطین، أما المسلمون فیُظهرون بمختلف ألوانهم ومشاربهم، مدى أهمیة مدینة القدس بالنسبة لهم، مؤکّدین على ضرورة الحفاظ على جمیع المقدسات الفلسطینیّة مهما کلف الثمن، ومهما قدم المحتل وأعوانه مغریات زهیدة مقابل ذلک، لیصنعوا شرعیة کاذبة لوجودهم القسریّ فی فلسطین، ما یعنی وجوب التحرک السریع والجاد لفضح جرائمهم وتحریر الأرض من شرورهم، وإیقاف الحفریات التی تهدف إلى هدم المسجد الأقصى وطمس معالمه، والمطالبة بالحقوق القانونیّة المشروعة للشعب الفلسطینی الأعزل.
وفی ظل التطورات الخطیرة التی تحدث فی المنطقة، یشدّد بیان الاتحاد العالمیّ لعلماء المسلمین على أنّ نصرة الأقصى والسعی لتحریر القدس وفلسطین فریضة شرعیّة وضرورة عقلیّة وفطریّة، معتبراً أنّ هذه الفریضة تقع على کل فرد بمقدار طاقته وقدرته وجاهه وسلطانه، وقد ازداد حجم المشارکة فی یوم القدس فی السنوات الأخیرة، أما العام المنصرم وبالتزامن مع اشتداد أزمة انتشار فیروس کورونا المستجد فی العالم، کانت المشارکة ذات بریق إلکترونیّ واضح نصرة للقدس والقضیة الفلسطینیّة، وقد زین العَلم الفلسطینیّ وصور المقدسات الفلسطینیة، الکثیر من الصفحات الشخصیّة والإخباریّة، على مواقع التواصل الاجتماعیّ.
ولتذکیر کل الأحرار بقضیة القدس والمقدسات الفلسطینیّة، وردع الکیان الصهیونیّ عن ممارساته الاستبدادیّة بحق الفلسطینیین وأرضهم، ختم بیان الاتحاد العالمیّ لعلماء المسلمین بالتنویه إلى أنّ أسبوع القدس العالمیّ هو بدایة الطریق نحو النصر والتحریر، وأنّه سیتواصل فی أنشطته الفعالة إلى العام القادم، ووفقاّ لموقع الاتحاد، فإن الإعلانّ عن هذا الأسبوع یأتی دعماً للمرابطین والمرابطات فی القدس الشریف والمسجد الأقصى وعموم فلسطین.
وما ینبغی ذکره، أنَّ یوم القدس العالمیّ اقتُرح من قبل الإمام الخمینیّ (رحمه الله)، عقب الاحتلال الصهیونیّ لجنوب لبنان، حیث دعا فی بیان له فی 13 رمضان 1399هـ الموافق لـ 7 أغسطس/ آب عام 1979، إلى إحیاء یوم القدس، لخلق الوعیّ فی صفوف المسلمین، وتهیئتهم لیکونوا بمستوى المواجهة لأعدائهم، حیث یحتل الکیان الصهیونیّ السفاح القدس الشرقیّة منذ یونیو/ حزیران عام 1967، ویسمح منذ عام 2003 للمستوطنین المتشددین باقتحام المسجد الأقصى، رغم الاحتجاجات المتتالیة من قبل هیئات إسلامیّة داخلیّة وخارجیّة.
فی الختام، یحتاج العالم الإسلامیّ بشدة إلى مثل هذه الفعالیات الفریدة التی تجمع کلمة المسلمین، خاصة أنّ أکثر ما یحتاجون إلیه فی هذه المرحلة هو الابتعاد عن التصریحات والوصول إلى مرحلة العمل الجاد والمثمر، لیثبت المسلمون أنَّ حلم الصهاینة بأن تکون القدس عاصمة لکیان احتلالهم، هو باختصار "حلم" مستحیل المنال.