الشمل الفلسطینی المبعثر منذ سنوات... هل تجمعه حملة " لمّ الشمل حقی"؟

منذ احتلالها أرض فلسطین واسرائیل تحاول جاهدة اطباق الخناق على الفلسطینیین وحرمانهم من أبسط حقوقهم الانسانیة، وکل هذه العقبات تضعها اسرائیل فی وجه الفلسطینیین لتفرقهم عن بعض وتمنعهم من الوحدة بأی شکل ممکن، وأبسط حق هو "لم الشمل" لأفراد الأسرة الواحدة، لکن اسرائیل تمنع الفلسطینیین من الحصول على هذا الحق، وتفصل آلاف العائلات الفلسطینیة فی أماکن مختلفة، وترفض طلبات لم شملهم.

لم یعد الفلسطینیون قادرون على تحمل کل هذا الاجحاف بحقهم، لذلک أطلقوا حملة "لم الشمل حقی" عبر مواقع التواصل الاجتماعی، للمطالبة بإیجاد حل لقضیتهم، اذ یؤرق ملف "لم الشمل" آلاف الأسر الفلسطینیة فی الضفة الغربیة وقطاع غزة، والتی ترفض إسرائیل الاعتراف بقانونیة وجود أحد أفرادها فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة.

ومؤخرا، تحرک عدد من ضحایا السیاسات الإسرائیلیة فی حملة "لم الشمل حقی" عبر مواقع التواصل الاجتماعی، ونظموا وقفات فی مدینة رام الله وفی قطاع غزة.

ولا تملک السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة ولا حرکة "حماس" فی قطاع غزة، سلطة إجراء أی تغییر على السجل السکانی للفلسطینیین، سوى تسجیل الموالید والوفیات واستبدال بطاقات الهویة الشخصیة التالفة.

وتشترط إسرائیل للاعتراف بقانونیة وجود الفلسطینیین، فی الضفة وغزة، بأن یکونوا قد وجدوا فی المنطقتین إبان احتلالها لهما فی حزیران 1967.

وأدى هذا الأمر إلى تشتت شمل عشرات الآلاف، من العائلات الفلسطینیة.

وعقب تأسیس السلطة الفلسطینیة (الحکم الذاتی) عام 1994، وافقت إسرائیل على "لم شمل" آلاف العائلات الفلسطینیة.

لکنّها عادت وأوقفت منح قرارات "لم الشمل"، منذ عام 2009، عقب تولی بنیامین نتنیاهو، زعیم حزب اللیکود، مقالید الحکم.

وتبرز المشکلة بشکل خاص، لدى العائلات التی دخل بعض أفرادها إلى الضفة وغزة، بتصاریح مؤقتة أو "سیاحیة"، والفلسطینیین الذین تزوجوا من جنسیات أخرى، دون أن یحصلوا على قرار "لم الشمل"؛ حیث إن إسرائیل تعتبرهم "مقیمین غیر شرعیین"، وفی حال اضطر بعضهم للسفر، فإنه لا یستطیع العودة للعیش مع أسرته.

کما یتشعب ملف "لم الشمل" لیشمل أیضا العائلات التی تقیم داخل فلسطین، لکن بعض أفرادها یقیمون فی مناطق مختلفة مثل الضفة والقدس وقطاع غزة، حیث تتعمد إسرائیل الفصل بین تلک المناطق، ومنع تواصل الفلسطینیین بینها، إلا وفق تصاریح خاصة.

عقد کامل بلا حریة

الناشطة الفلسطینیة "دیانا قدورة"، احدى الناشطات فی حراک "لم الشمل حقی"، دخلت الضفة الغربیة قادمة من الأردن عام 2011، بتأشیرة سیاحیة إسرائیلیة، وفی مدینة البیرة (وسط) تزوجت شابا فلسطینیا، وهی الیوم أم لطفلین.

تقدمت قدورة (35 عاما) إلى إسرائیل، عبر هیئة الشؤون المدنیة الفلسطینیة، بطلب للم شملها بزوجها ومنحها الهویة الفلسطینیة، لکن ملفها یراوح مکانه منذ عشر سنوات.

تقول قدورة للأناضول "تزوجت منذ عشر سنوات، وأُعَد مخالِفة (للأنظمة)، لأنی قدمت من الأردن بتأشیرة إسرائیلیة (انتهت)".

وعن حرمانها من لم الشمل، تقول "أثّر علیّ کثیرا، لا یوجد معی إثبات شخصیة، وهذا یؤثر فی کل شیء، جمیع الحریات مفقودة ومعدومة؛ حریة التنقل والأهم حریة السفر".

لا یمکنهم الخروج من مدنهم

وتقول قدورة، إنها تعیش فیما یشبه "السجن"، مضیفة "من حق الشخص الطبیعی أن یزور أهله ویزورنه، لا أحد یزورنا ولا نزور أحدا".

وتضیف "فقط نتحرک (المحرومون من الشمل) داخل محافظاتنا، لم أزر أی محافظة فلسطینیة، فقط مشوار (زیارة واحدة) إلى (مدینة) أریحا".

وتخشى دیانا کثیرا من انتشار الجیش الإسرائیلی، فی أغلب المناطق، والذی قد یوقفها ویبعدها خارج الضفة.

وتقول إنها لا تحاول الاقتراب من حواجزه وأماکن وجوده، مضیفة "لما أشوفهم (حینما أراهم) أخاف، وخاصة إذا سألونی عن (بطاقة) هویتی".

وأشارت دیانا قدورة إلى أن حملة "لم الشمل حقی"، أُطلقت منذ شهور وساعدت کثیرا فی التعریف بقضیة طالبی لم الشمل، وانتشر هاشتاغ (وسم) "لم الشمل حقی" بشکل واسع.

وذکرت أن زوجات وأزواجا وأبناءً من عدة جنسیات، یقیمون فی الضفة، ولا یعترف الاحتلال بوجودهم، بعضهم من الجزائر، وتونس، وسوریا، ومصر، وآخرون من دول غیر عربیة.

معاناة کبیرة

وتنشر صفحة الحملة، قصصا لمعاناة بعض طالبی لم الشمل، وبینهم جزائریة (لم یذکر اسمها) تزوجت فلسطینیا من الضفة ومقیمة حالیا بالأردن.

تقول السیدة الجزائریة إن زوجها موجود حالیا فی الضفة، لأنه لا یستطیع أن یعمل فی الأردن، وهی لا تستطیع دخول الضفة.

وتضیف "نعیش معاناة استئجار المنزل، ومعاناة الإقامة فی الأردن، ندفع غرامات (...) بسبب الإغلاقات (لمواجهة فیروس کورونا) لم نر زوجی لمدة سنة وشهر وتستمر المعاناة".

وختمت "یتم تعذیب الإنسان نفسیا ومعنویا وجسدیا، کبارا وأطفالا، فقط لأننا اخترنا أزواجنا من فلسطین".

منع بقرار اسرائیلی

ویتقدم بطلبات "لمّ الشمل" فلسطینیون یقیمون فی الأراضی المحتلة، لمصلحة أزواجهم أو أقربائهم من الدرجة الأولى من غیر المسجلین فی سجل السکان الفلسطینی الذی تدیره إسرائیل منذ عام 1967، والذین حضروا بطرق مختلفة منها تصاریح دخول إسرائیلیة.

وکانت آخر مرة وافقت فیها إسرائیل على قوائم لم الشمل الفلسطینیة قبل أکثر من عشر سنوات حین تمت الموافقة على نحو 50 ألف فلسطینی، لکنها جَمدت الملف بعد ذلک، وفق تصریحات صحفیة سابقة لرئیس هیئة الشؤون المدنیة حسین الشیخ.

وفی وقفة سابقة لطالبی لم الشمل، أبلغ الشیخ، المشارکین أن ملف لم الشمل متوقف بـ"قرار سیاسی" من الجانب الإسرائیلی.

وقال "تطرف یمینی کبیر، داخل الحکومة یمنع هذا القرار (تحریک الملف)".

ولا تتوفر معطیات حدیثة حول عدد طالبی "لمّ الشمل"، لکن عماد قراقرة، مسؤول الإعلام بهیئة الشؤون المدنیة یقول للأناضول إنهم "بالآلاف"، فی حین تقدرهم حملة "لم الشمل حقی" على صفحتها بفیسبوک بنحو اثنین وعشرین ألفا.

ویشیر قرارة إلى أنه منذ مجیء بنیامین نتنیاهو عام 2009، "تم تجمید ملف طلبات لم الشمل".

وأضاف إن الملف "على سلم أولویات الهیئة، وتطرحه فی کل لقاءاتها مع الجانب الإسرائیلی".

وأشار إلى موافقة إسرائیل، قبل أکثر من 10 سنوات، على "لمّ شمل" نحو 50 ألف فلسطینی، لکن الملف معلق منذ ذلک الحین.

ووفق منظمة بتسیلم الحقوقیة الإسرائیلیة، جمّدت تل أبیب فی عام 2000، عملیة تسجیل المستجدات والتغییرات فی نسخة سجل السکان الذی لدیها، ولا تعترف بالتغییرات التی تجریها السلطة الفلسطینیة.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق