الانتخابات الفلسطینیة سیف ذو حدین للکیان الإسرائیلی

أجریت الانتخابات، المعروفة الآن باسم الانتخابات التشریعیة الفلسطینیة، لأول مرة فی عام 1996. فی تلک الانتخابات، کانت حرکة فتح وحدها حاضرةً کحرکة لها تاریخ طویل، وقد حظیت بشعبیة کبیرة بسبب تشکیل السلطة الفلسطینیة فی قطاع غزة والضفة الغربیة.

لکن المجموعات الفلسطینیة الأخرى لم تتح لها الفرصة لدخول الساحة السیاسیة لبعض الأسباب. ولهذا، فازت حرکة فتح فی الانتخابات بشکل ساحق بحصولها علی خمسین مقعدًا من أصل 88 مقعدًا فی البرلمان.

جرت الانتخابات التشریعیة الفلسطینیة المقبلة عام 2006. فی ذلک الوقت، شارکت حماس فی الانتخابات کحرکة مقاومة، وتمکنت من الفوز بأغلبیة المقاعد فی البرلمان(74 من أصل 132 مقعدًا) فی ظهورها الأول.

لکن نتیجة العراقیل التی وضعتها حرکة فتح - بتوجیه من الکیان الصهیونی والولایات المتحدة - لم تتمکن حرکة حماس من الحصول علی حقها المشروع فی المجلس التشریعی أو مجلس الوزراء.

والآن، بعد 15 عامًا من الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة الأخیرة، ومع الاتفاقات التی تم التوصل إلیها بین الفصائل الفلسطینیة، من المقرر إجراء انتخابات المجلس التشریعی الفلسطینی فی مایو 2021. انتخاباتٌ أرعبت الصهاینة بشدة.

الخوف من انتصار حماس وضعف حرکة فتح

فی الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة الأخیرة فی عام 2006، فازت کتلة "الإصلاح والتغییر" المحسوبة على حماس بـ 74 مقعدًا من إجمالی 132 مقعدًا فی البرلمان الفلسطینی.

ورغم أن البرلمان الفلسطینی لم یحظ بفرصة للقیام بمهامه، إلا أن هذا الانتصار أظهر شعبیة حماس وفصائل المقاومة فی فلسطین، وأثار حالةً من الذعر بین الصهاینة والولایات المتحدة.

وتظهر الاستطلاعات التی أجریت فی السنوات الخمس عشرة الماضیة منذ الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة الأخیرة فی قطاع غزة والضفة الغربیة، أن حرکات المقاومة لا تزال أکثر شعبیةً من مجموعات التسویة.

لکن هذا لیس کل شیء. فإضافة إلى الشعبیة الکبیرة لحرکة حماس وفصائل المقاومة فی فلسطین بسبب النجاحات التی تحققت علی یدها فی العقود الأخیرة فی فلسطین، فإن منافستها المنخرطة فی التسویة فی فلسطین أی حرکة فتح، تعانی أیضًا من ضعف شدید.

حالیاً، تم تسجیل ثلاث قوائم انتخابیة من داخل حرکة فتح للانتخابات، وإضافة إلى هذه القوائم الثلاث، شارک عدد کبیر من أعضاء فتح فی الانتخابات بشکل مستقل، من خلال ترک الحرکة أو رفض المشارکة فی قائمة فتح. هذا فی حین أن حرکة حماس قد رکزت جهودها بقائمة موحدة.

فی تحلیل علی القناة الصهیونیة 12، یقول "إیهود یعاری" معلق الشؤون العربیة إن أبو مازن أخطأ کثیراً عندما أمر بإجراء الانتخابات، والآن حان الوقت لیلغی هذه الانتخابات بحجة عدم إصدار تصریح إجراء انتخابات فی القدس من قبل الکیان الصهیونی. لأن فتح بوصفها العمود الفقری لمنظمة التحریر الفلسطینیة، تعیش انقسامات عمیقة، وبسبب الفساد الشدید الذی ابتلی بها منذ سنوات، فهی غیر قادرة على مواجهة حماس.

وقد أثار هذا خوفاً کبیراً بین الصهاینة والغربیین. لأنه فی ظل الظروف الحالیة، إذا فازت فصائل المقاومة فی الانتخابات النیابیة وتولَّت تشکیل الحکومة، وهو أمر وشیک، ستقطع ید الصهاینة عن الضفة الغربیة أیضاً.

مسؤولان أمنیان إسرائیلیان ینصحان بعدم إجراء الانتخابات

فی هذا الصدد، حثَّ مسؤولان أمنیان إسرائیلیان کبیران محمود عباس والسلطة الفلسطینیة على منع إجراء الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة.

وقال "کمیل أبو رکن" منسق عملیات الحکومة الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة، فی مقابلة مع القناة 11 الإسرائیلیة فی 1 أبریل 2021، "إنه أمر خطیر للغایة إجراء انتخابات فلسطینیة، لأن حماس لدیها فرصة للنجاح والفوز فی هذه الانتخابات. وإذا فازت حماس فی هذه الانتخابات، فسنوقف التعاون الأمنی ​​مع السلطة الفلسطینیة. وبشأن إجراء الانتخابات الفلسطینیة فی مدینة القدس، نصح بعدم إجراء هذه الانتخابات هناک.

کما أفادت قناة "کان" العبریة عن لقاء "نداف أرغمان" رئیس جهاز المخابرات الداخلیة للکیان الإسرائیلی "الشاباک" مع "أبو مازن" رئیس السلطة الفلسطینیة، وکان موضوع اللقاء نصیحة أرغمان بعدم اجراء الانتخابات الفلسطینیة.

وکتبت الشبکة العبریة أن نداف أرغمان طلب فی لقاء أبو مازن إلغاء الانتخابات الفلسطینیة لأن حماس ستشارک فیها أیضاً، لکن أبو مازن عارض الإلغاء.

وأضافت القناة إن "نداف أرغمان" هدَّد أبو مازن بهذا الصدد، وقال إن "إسرائیل" ستقوم برفع دعوى قضائیة ضد "السلطة الفلسطینیة" فی المحکمة الجنائیة الدولیة. لکن أبو مازن ردَّ بأنه إذا فعلت هذا فسوف نکون أنا وأنت فی السجن نفسه.

وکتب فی هذا الصدد "إیهود یاری" محلل قناة 12 التابعة للکیان الصهیونی، أن أرغمان طالب أبو مازن بمنع حماس من خوض الانتخابات إذا لم یکن ینوی إلغاءها.

احتمال اندلاع انتفاضة فی الضفة الغربیة

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة، اعتبر محللون وخبراء أمنیون إسرائیلیون، فی تقاریرهم من الضفة الغربیة، إمکانیة اندلاع انتفاضة فی الضفة الغربیة لسببین:

السبب الأول هو احتمال نشوب صراعات داخلیة فی حرکة فتح عشیة الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة.

حیث یزعم مسؤولون أمنیون صهیونیون أن اشتباکات عنیفة قد اندلعت بین التیارات الداخلیة لفتح بشأن تقدیم القوائم الانتخابیة، وأن الاشتباکات المسلحة تصاعدت فی الأسابیع الأخیرة؛ وهی نزاعات لا تدخل فیها الأجهزة الأمنیة للسلطة الفلسطینیة، لأنها تحدث داخل مجموعة واحدة.

کما یزعم الصهاینة أن هذه الاشتباکات ستزید من الاعتداءات على المستوطنین والمستوطنات الصهیونیة، ومع اقتراب موعد الانتخابات قد تؤدی إلى صراع شامل فی الضفة الغربیة.

إلغاء الانتخابات من جانب واحد وإمکانیة اندلاع انتفاضة شاملة

بالنظر إلی جهود مسؤولی الأمن الإسرائیلیین لمنع إجراء الانتخابات الفلسطینیة الثلاث(المجلس التشریعی، رئاسة السلطة الفلسطینیة ومنظمة التحریر الفلسطینیة)، والضغوط التی تمارَس علی أبو مازن هذه الأیام لإلغائها أو تأجیلها، حذَّر مسؤولون أمنیون من أنه إذا أعلن أبو مازن إلغاء الانتخابات، فإن احتمال اندلاع انتفاضة مرتفع للغایة.

کما قد یتفاعل الناس فی الضفة بقوة مع القرار المفاجئ، ما یمکن أن یؤدی إلى اندلاع انتفاضة. وخاصةً أن الصهاینة، إضافة إلى تأکیدهم على عدم مشارکة حماس فی الانتخابات، صرحوا بأنهم لن یسمحوا بإجراء الانتخابات فی القدس. ومن جانبهم شدَّد مسؤولو السلطة الفلسطینیة أن الانتخابات لن تجرى دون القدس، وهو ما حوَّل الضفة الغربیة إلى قنبلة جاهزة للانفجار.

على أی حال، إن الانتخابات الفلسطینیة - على الرغم من أنها قد تخلق بعض المشاکل للمقاومة فی الساحة السیاسیة - أصبحت سلاحًا ذا حدین للصهاینة؛ حیث أن إجراء هذه الانتخابات أو عدم إجرائها سیضعهم فی وضع غیر مواتی لا یریدونه أبدًا.

وهذا الوضع غیر المواتی یمکن أن یتفاقم ویستمر بعد تأکید الفصائل الفلسطینیة علی موقف الوحدة والاستمرار فی المصالحة الوطنیة الفلسطینیة، الأمر الذی سیقرِّب فلسطین إلى أیام الانتصار.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق