السعودیة تخلع جلدها وتتغنى بفوائد الخیانة.. متى ستعلن الریاض عن تطبیعها؟
فی مؤشر جدید على اقتراب مملکة آل سعود من حظیرة التطبیع الأمریکیّة مع العدو الصهیونیّ الغاصب للأراضی العربیّة، ادعى وزیر الخارجیة السعودیّ، فیصل بن فرحان، أنه لا یعرف ما إذا کان هناک صفقة تطبیع وشیکة بین بلاده والکیان الصهیونیّ، فی تهرب واضح من الإجابة على السؤال الذی باتت إجابته واضحة کعین الشمس بالاستناد إلى وقائع کثیرة، زاعماً خلال مقابلة مع قناة “CNN” الأمریکیة، أنّ التطبیع مع العدو الأول للعرب والمسلمین سیحقق فوائد هائلة لمنطقة الشرق الأوسط کلها، وأنّه سیکون مفیداً للغایة اقتصادیّاً واجتماعیّاً وأمنیّاً، ما یبرهن فرضیّة الکیان الصهیونیّ الصادرة عن رئیس جهاز استخباراته، یوسی کوهین، حول أنّ إعلان التطبیع السعودیّ مع الکیان الغاصب بات وشیکاً.
تناقض مریب
بشکل مریب، ناقض وزیر الخارجیة السعودیّ، فیصل بن فرحان نفسه، عقب محاولة التنصل من الحدیث عن ملف التطبیع السعودیّ مع تل أبیب، رغم أنّه تحدث فی وقت سابق أنّ التطبیع مع الکیان الصهیونیّ الباغی "سیحدث بالفعل"، وقد کان الموقف السعودیّ الرسمیّ واضحاً تجاه موجة الخیانة الخلیجیّة التی لم تبدأ بالتأکید دون موافقة الریاض، فمنذ تصریحات رئیس استخبارات النظام السعودیّ السابق، بندر بن سلطان، قبل أشهر، وهجومه الحاد على موقف القیادات الفلسطینیّة من اتفاق الاستسلام الخلیجیّ، واعتباره أنّ القضیّة الفلسطینیّة قضیة عادلة لکن المدافعین عنا "فاشلون"، وأنّ القیادة الفلسطینیّة تدفع ثمن مراهنتها على الطرف الخاسر، کثرت التنبؤات باقتراب دخول المملکة إلى حظیرة واشنطن للتطبیع، مستندة فی ذلک الحین على استجابة الریاض لطلب أبو ظبی بالسماح للرحلات القادمة من الأراضی المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو الصهیونیّ بعبور أجوائها.
کذلک، اعتبر ابن فرحان أنّ "التطبیع لا یمکن أن ینجح فی المنطقة إلا إذا عالجنا قضیة الفلسطینیین وتمکنا من إقامة دولة فلسطینیة على حدود عام 1967"، متناسیّاً أنّها قضیة العرب جمیعاً وأنّها حجر الزاویة فی نهضتهم أو تخلّفهم بحسب دعمهم ومساندتهم للفلسطینیین، مؤکّداً أنّ ذلک سیمنح الفلسطینیین الکرامة ویمنحهم حقوقهم، فی أسلوب فاشل لتبریر الخیانة، حیث إنّ السعودیة لم تتعلم من فشل الإمارات والبحرین فی تبریر تحالفها مع العدو الصهیونیّ بذرائع واهیة، والترویج بشکل فاشل لاختلاق إیجابیات لفعلتهما النکراء، وخاصة مع وجود رفض شعبیّ عارم داخل بلدانهم لتلک المسألة.
وفی الوقت الذی اعتاد العرب جمیعاً على توقّع ما یناقض التصریحات السعودیّة بسبب نفاق مسؤولیها وریائهم، أوضح ابن فرحان أنّه "إذا تمکنا من إیجاد طریق نحو ذلک، فأعتقد أنّه یمکننا رؤیة منطقة أکثر أماناً بکثیر ومنطقة أکثر ازدهاراً، حیث یمکن للجمیع المساهمة فی إنجاحها بما فی ذلک الکیان الصهیونیّ"، وکأنّه یتحدث بطریقة غیر مباشرة عن مفاوضات أو تفاهمات تجری تحت الطاولة مع تل أبیب لإتمام اتفاق مشابه للاتفاقات السابقة مع الدول الخلیجیة والتی لم یسمح لموقعیها بقراءة بنودها حتى.
ولا بد لنا أن نأخذ بعین الاعتبار الاجتماع السریّ الذی جرى بین ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، ووفد إسرائیلیّ على متن یخته فی البحر الأحمر، بمرافقة رئیس الاستخبارات السعودیّة قبل أشهر، فعلى الرغم من تأکیدات الریاض المتکررة بأنّها لن تتبع نهج البحرین والإمارات فی التطبیع مع الکیان الصهیونیّ دون حل للقضیّة الفلسطینیّة، إلا أنّها وعلى ما یبدو قد أعدت اتفاقاً مدروساً مع تل أبیب یضمن بقاء حکامها على عروشهم تحسباً للسخط الشعبیّ الذی یمکن أن یحدث داخل البلاد نتیجة ذلک، إضافة إلى القلق العارم من الاحتمالیّة الکبیرة بأن تفقد المملکة دورها السیاسیّ والدینیّ المتضاعف تدریجیّاً فی المنطقة.
وما یؤکّد کذب التصریحات السعودیة، قیام وزیر الخارجیّة السعودیّ، فیصل بن فرحان، أکثر من مرة بتکرار المزاعم الإماراتیّة والبحرینیّة حول أنّ التطبیع سیکون ثمناً لوقف مشاریع ضم الأراضی الفلسطینیّة، والمساعدة على تمهید الطریق للعودة المحتملة للإسرائیلیین والفلسطینیین إلى طاولة المفاوضات، وکان ابن فرحان قد قال فی ینایر/ کانون الثانی المنصرم أنّ التطبیع مع الکیان الصهیونیّ مرهون بتحقیق الـ "سلام"، وتحقیق الدولة الفلسطینیّة وعاصمتها القدس الشرقیّة، وفقاً لما تُسمى "مبادرة السلام العربیّة" وهی مقترح اعتمدته "جامعة الدول العربیة" عام 2002 فی قمتها التی عقدتها فی بیروت.
وتنص تلک المبادرة على إقامة دولة فلسطینیة معترف بها دولیاً على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقیّة، وحل عادل لقضیة اللاجئین الفلسطینیین الذین هجرهم العدو من بلادهم، وانسحاب الکیان الصهیونیّ المجرم من هضبة الجولان السوریة المحتلة والأراضی التی ما زالت محتلة فی جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربیة بـ "إسرائیل"، وتطبیع العلاقات معها.
یشار إلى أنّ الکیان الصهیونیّ أبرم اتفاقیات عدیدة فی مجالات مختلفة مع الإمارات والبحرین، وتبادل المسؤولون الخلیجیون الزیارات مع الصهاینة عقب توقیع اتفاق العار فی العاصمة الأمریکیّة واشنطن منتصف سبتمبر/ أیلول المنصرم، لیقوم کل من المغرب والسودان عام 2020، بتوقیع اتفاقیتین لتطبیع علاقاتهما مع العدو الإرهابیّ، لینضموا إلى مصر التی کانت أول دولة عربیة تطبع مع الکیان الغاشم عام 1979، وتبعها فی ذلک الأردن بتوقیع اتفاقیة "وادی عربة" عام 1994.
وأواخر العام الماضی، حصلت فلسطین على أغلب الأصوات فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة، لمصلحة قرار السیادة الدائمة للشعب الفلسطینیّ فی الأرض الفلسطینیّة المحتلة، بما فیها القدس الشرقیة، بالرغم من الجهود التی تبذلها الولایات المتحدة وکیانها العنصریّ لعرقلة هذه القرارات، وصوتت حینها 153 دولة لمصلحة القرار، و6 دول ضده وهی کندا والکیان الغاصب وجزر مارشال، ومیکرونیزیا، وناورو، وأمریکا، فیما امتنعت 17 دولة عن التصویت.
سلسلة خیانة
تؤکّد السعودیّة یوماً بعد آخر، حجم خیانتها ومدى عمالتها ضد الوطن العربیّ والإسلامیّ، والدلیل على ذلک ما کشفته قناة العربیّة التابعة لنظام آل سعود قبل شهر تقریباً، نقلاً عن وزیر الخارجیة السعودیّ، فیصل بن فرحان، والذی أعرب بکل وقاحة عن أمله بأن یکون لاتفاقات الخیانة بین العدو الصهیونیّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثیر إیجابیّ، مضیفاً إنّ التوصل لاتفاق بین السعودیة وتل أبیب یتوقف على تنفیذ ما أسماها "مبادرة التسویة العربیّة"، حیث اعتبرت تلک التصریحات خیانة واضحة من المملکة لدینها وأخلاقها وقیمها العربیّة والإنسانیّة.
بدأت السعودیة الغوص فی وحول خیانتها منذ أن عرضت قناة mbc التابعة لها، مسلسلین تلفزیونیین فی رمضان الماضی، هدفهما التطبیع مع الکیان المعتدی، وأشارت صحیفة الغاردیان البریطانیّة فی تقریر لها فی ذلک الحین، إلى أن المسلسلات الرمضانیّة السعودیّة هدفها التطبیع مع کیان الاحتلال الصهیونی، فالمسلسل الأول یعرض تاریخ الیهود فی منطقة الخلیج، أما الآخر فیشیر إلى أن الکیان الصهیونیّ قد لا یکون عدواً، وأن الفلسطینیین لم یکونوا فی یوم من الأیام من الممتنین والشاکرین لمساعدات مملکة ابن سلمان، وذکرت الصحیفة أن مجرد عرض المسلسلین على شبکة “mbc” السعودیة لا یدع مجالا للشک أنها حصلت على موافقة من سلطات البلاد، وقد أعرب المشاهدون العرب وقتها عن غضبهم من تحول الدراما الرمضانیّة إلى منبر سیاسیّ للأعداء، و یدعو للتطبیع معهم.
باختصار، لا یمکن حصر أدلة الخیانة السعودیّة بحق العرب والفلسطینیین على وجه التحدید، وخاصة فی الفترة الأخیرة التی أظهرت بوضوح "معدن السعودیة" فیما یخص القضیة الفلسطینیّة منذ أن شرعت دولة الإمارات أبواب الخیانة فی العالم العربیّ وحتى الآن، ومن ینسى التصریحات السعودیة عقب الانتقادات اللاذعة التی وجهتها القیادات والفصائل الفلسطینیّة لاتفاق العار الذی وقعته البحرین والإمارات مع العدو الصهیونیّ الغاصب، والتی کشفت عن رغبة الریاض العارمة فی إقامة علاقات رسمیّة مع العدو الصهیونیّ، وتعزیز التقارب السریّ مع تل أبیب.
ومنذ ذلک الحین، کشفت الریاض اللثام عن نهجها القذر وأعلنت تأیّیدها بشکل رسمیّ لاتفاق الخنوع الإماراتیّ – البحرینیّ مع العدو الغاشم، فی الوقت الذی تحدثت فیه الکثیر من التقاریر الإعلامیّة العربیّة والدولیة عن العلاقات السعودیّة - الصهیونیّة، والأسباب الداخلیّة التی تمنع الریاض من الکشف عن علاقاتها مع تل أبیب بشکل علنیّ، بعد أن انقلبت سیاسة وسائل الإعلام السعودیّة، بشکل کامل تجاه الاحتلال الصهیونیّ، وأصبحت فی الفترة الأخیرة تشید بشکل فاضح، باتفاقات الخیانة التی أبرمتها بعض الدول العربیة مع عدو العرب والمسلمین بـ "ضوء أخضر" سعودیّ.
وقد تکشفت الأسباب الحقیقیّة التی أدت إلى الخیانة الإماراتیّة بموافقة سعودیّة، حیث تحدثت وسائل إعلام أنّ أبوظبی وتل أبیب یهدفان إلى إقامة مشروع بحریّ یربط مدینة إیلات بمدینة جدة السعودیة، وکُشف عن المخطط خلال زیارة وفد إماراتیّ إلى الأراضی الفلسطینیّة المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو، بعد جولة میدانیة فی میناء مدینة إیلات "أم الرشراش المصریّة"، على ساحل خلیج العقبة فی البحر الأحمر، والتقى بمسؤولین صهاینة قاموا بزیارة مماثلة إلى أبو ظبی لبحث التفاصیل المتعلقة بتنفیذ المشروع.
وکشف إعلام العدو الصهیونیّ وقتها، أنّ المشروع الإماراتیّ – الإسرائیلیّ یهدف إلى تعزیز السیاحة جنوب الأراضی العربیّة التی یسیطر علیها الکیان، وفتح الباب أمام السیاحة الدینیّة المباشرة بین بلاد الحرمین الشریفین وکیان الاحتلال، عبر السماح لقوافل الحج والعمرة من فلسطینیی 48 بالسفر عبر الممر البحریّ إلى مدینة جدة ومن ثم إلى مکة المکرمة.
وذکرت تحلیلات إعلامیّة أنّ تل أبیب تحاول أیضاً استغلال فرص نقل النفط الخلیجیّ إلى أوروبا، من خلال الاجتماعات التی عقدتها وزارتیّ الخارجیّة والدفاع فی حکومة الاحتلال، وشارک فیها مسؤولون کبار من شرکة النفط الحکومیّة "کاتشا"، ویتضمن المخطط الصهیونیّ تفعیل خط "إیلات عسقلان" فی الاتجاهین، بحیث یتم عبره نقل النفط الخلیجیّ إلى الدول الأوروبیّة، وأنّ مخطط تصدیر النفط الخلیجیّ إلى أوروبا سیُغیر "قواعد اللعبة" فی الشرق الأوسط بشکل مطلق.
وبما أنّ تطبیع العلاقات بین بعض الدول الإسلامیّة والعدو الغاصب یحتاج إلى فتوى شرعیّة، فإنّ مملکة آل سعود، حاولت شرعنة جریمة التطبیع من خلال رجال دینها الوهابیین، حیث أشار مفتی السعودیة السابق وعضو هیئة کبار العلماء فی البلاد، عبد العزیز بن باز، قبل أشهر، إلى شرعیة تکوین علاقات مع الصهاینة، مبرراً ذلک بأنّ کل دولة تنظر فی مصلحتها و إذا ما رأت دولة ما ممثلة فی حاکمها، أنّ مصلحة المسلمین فی الصلح مع الصهاینة وتبادل السفراء والتعاون التجاریّ والمعاملات الأخرى التی یجیزها الشرع، فلا بأس فی ذلک.
وقد ضجت المواقع العربیّة والعالمیّة بالخبر الذی نقلته إذاعة جیش العدو أواخر نوفمبر/ تشرین الثانی العام الفائت، والذی فضح زیارة رئیس الوزراء الصهیونیّ، بنیامین نتنیاهو، ووزیر الخارجیّة الأمریکیّ السابق مایک بومبیو، إلى السعودیة، واجتماعهما مع ولیّ العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، وأشارت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" العبریّة إلى أنّ اللقاء الثلاثیّ جرى بعد أن استقل نتنیاهو طائرة إلى مدینة "ناعوم" الساحلیّة وأمضى هناک 3 ساعات، فیما رفض مکتب رئیس وزراء العدو التعلیق على هذا الخبر.
ومؤخراً، کشفت وسائل إعلام العدو، دور ولیّ العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، فی إدخال الدول العربیّة إلى حظیرة التطبیع الأمریکیّة مع الکیان الغاصب، وبالأخص فی محادثات التطبیع الصهیونیّة – المغربیّة، ونیّته إلقاء بلاد الحرمین فی هاویة التطبیع مع تل أبیب، بعد اکتمال فصول الاستسلام من قبل الدول المطَبّعة، وأوضحت المصادر أن ولی العهد شارک فی محادثات مع ملک المغرب، محمد السادس بن الحسن، وأثّر فی قرار استئناف العلاقات مع بین المغرب وتل أبیب، فی الوقت الذی أکّد فیه أحد مستشاری الملک المغربیّ أنّ ولیّ العهد السعودیّ یملک قائمة بالدول التی ستطبّع مع عدو العرب والمسلمین الأخطر ومغتصب أراضیهم.
وفی ظل موجة الخیانة العربیّة التی تدعمها الریاض بشدة، لفتت المصادر إلى أنّه بعد أن تستکمل قائمة العار وتدخل سلطنة عمان وإندونیسیا وجیبوتی وباکستان فی حظیرة التطبیع، ستقوم بلاد الحرمین الشریفین التی یسیطر علیها نظام آل سعود بالتطبیع مع کیان الاحتلال، ما یثیر تساؤلات کثیرة حول نتائج التطبیع المستقبلیّة فی الداخل السعودیّ، بسبب الرفض الشعبیّ القاطع الذی یستند إلى مبررات أخلاقیّة وإنسانیّة ودینیّة.
ختاماً، ما لا شک فیه أنّ مملکة آل سعود تنتظر استقرار الأوضاع السیاسیّة فی الأراضی الفلسطینیّة التی یحتلها الصهاینة لترسی على بر التطبیع، باعتبار أنّ الوضع الانتخابیّ لرئیس وزراء العدو، بنیامین نتنیاهو لا یزال غامضاً ومجهولاً، وبناء على ذلک سیشهد العالم العربیّ والإسلامیّ قریباً "صفقة تاریخیّة" مُعلنة مع أکبر الکیانات إجراماً ودمویّة على وجه الأرض.