هل الإفراج عن 126 معتقلاًً یکفی لعلاج تفشی الکورونا فی سجون البحرین؟!
أصدرت السلطات البحرینیة یوم الجمعة بیاناً قالت فیه إنها ستسمح لأکثر من 100 سجین بقضاء ما تبقى من فترة حکمهم خارج السجن وذلک استجابة للضغوط والمطالبات الشعبیة والحقوقیة والمخاوف من تفشی فیروس کورونا بین المعتقلین فی السجون البحرینیة.
حیث قالت النیابة العامة البحرینیة فی البیان إن 126 سجیناً سیقضون فترة ما تبقى من أحکامهم فی "مکان بدیل" أو خارج السجون، مضیفة إن المحکوم علیهم سیخضعون للمراقبة الإلکترونیة.
المطالبات الشعبیة من أقارب المعتقلین اشتدت یوم الجمعة فی ضواحی العاصمة البحرینیة المنامة وذلک وسط إجراءات أمنیة مشددة حیث طالب المحتجون بالإفراج الفوری عن المعتقلین و أفراد عائلاتهم خوفاً علیهم من فیروس کورونا التی تشیر عدة تقاریر إلى أنه بدأ بالانتشار فی السجون المکتظة.
ففی هذا السیاق أعلنت السلطات البحرینیة الأسبوع الماضی أن ثلاثة أشخاص فی سجن "جو" فی المملکة أصیبوا بکوفید-19. وأضافت إنه تم عزلهم مباشرة وأن حالتهم مستقرة فی الوقت الراهن.
کما ذکرت وکالة أنباء البحرین الرسمیة نقلاً عن وزارة داخلیة النظام البحرینی فی وقت لاحق أنه تم الانتهاء من حملة لتطعیم جمیع السجناء المسجلین لدیها ضد فیروس کورونا.
لکن العدید من التقاریر والأخبار التی یسربها معهد البحرین للحقوق والدیموقراطیة ومقره لندن، تشیر إلى أن العشرات من المعتقلین مصابون بفیروس کورونا.
تصعید شعبی من قبل أهالی المعتقلین
نزل العدید من أهالی المعتقلین السیاسیین إلى الشوارع العامة فی مملکة البحرین وذلک ضمن خطوات تصعیدیة متتالیة للضغط على سلطات النظام البحرینی والمطالبة بالإفراج عن أبنائهم.
کما أشار أهالی المعتقلین وبینهم أمهات شارکن فی وقفة مسائیة بأحد الشوارع العامة إلى خطورة الأوضاع الصحیة لأبنائهم المعتقلین وذلک فی ظل تفشٍ مخیف لفیروس کورونا داخل السجون والمعتقلات.
تعتیم إعلامی وتجویع للمعتقلین
أهالی المعتقلین نددوا بحالة التعتیم التی تفرضها وزارة الداخلیة البحرینیة على وضع أبنائهم فی السجون، حیث تماطل وزارة الصحة بالکشف عن نتائج الفحوصات التی أجرتها بسجن جو المرکزی.
وأعلنوا أن المعتقلین اشتکوا مرات عدة من أن وجبات الطعام المقدمة لهم غیر کافیة لملء بطونهم الخاویة فالنظام یشن علیهم حرباً نفسیة مستغلاً فیروس کورونا کما یشن علیهم معرکة البطون الخاویة ویقوم بتجویعهم.
هذه التصعیدات والوقفات الشعبیة کانت تنتشر فی عدة أماکن فی المنامة حیث طالب معتصمون أمام مقر الأمانة العامة للتظلمات فی البحرین بالتحرک العاجل لمتابعة الحالة الإنسانیة التی یمر بها السجناء بعد تفشی فیروس کورونا داخل المعتقلات والسجون البحرینیة.
ورفع المعتصمون لافتات کتب علیها “أبناؤنا فی خطر“ و “کورونا یقتل ابنی“ و “أطلقوا سراحهم“ ، کما حملوا السلطات البحرینیة والنظام البحرینی المسؤولیة الکاملة عن صحة وسلامة کل المعتقلین.
أنباء متضاربة عن تفشی کورونا داخل السجون
النظام البحرینی أعلن عن 3 حالات فقط بین السجناء فی البحرین إلا أن العدید من التقاریر والمصادر المحلیة أکدوا أن عدد المصابین بفیروس کورونا ارتفع فی صفوف سجناء الرأی بسجن جو المرکزی إلى 56 حالة قائمة.
وأکد معتقلون فی السجن المذکور أن عناصر السجن باتوا یخافون من الاقتراب منهم لدرجة أن وجبات الطعام باتت تصل إلیهم بشکل متقطع منذ بدء تفشی الفیروس بینهم. وأضافوا إن الوجبات وإن حضرت فهی متدنیة وبکمیات قلیلة، وسط قطع الماء ومنع تشغیل مکیفات الهواء.
سجون مکتظة تزید من خطر الفیروس
شهدت سجون النظام البحرینی فی 23 مارس/ آذار الجاری، أول إصابة بفیروس کورونا، وسط حالة اکتظاظ شدیدة تشهدها السجون. فعلی سبیل المثال نذکر سجن جو المکتظ والذی تبلغ طاقته الاستیعابیة 1200 شخص ولکنه یضم الآن حوالی ثلاثة أضعاف هذا العدد وانتشار الفیروس فیه سیسبب کارثة لا یمکن تعویضها.
کما حذرت العدید من المؤسسات الحقوقیة والدولیة من أن تفشی الفیروس فی هکذا سجون مکتظة وتنعدم فیها أدنى مقومات الحیاة قد یکون کارثة بکل ما تحمله هذه الکلمة من معنى وسیعرض السجناء والموظفین حتى إلى خطر حتمی.
یذکر أنه یوجد أکثر من 60 معتقلاً سیاسیاً تزید أعمارهم على ستین عاماً وقد أصبحت أرواحهم مهددة بشکل جدی مع تفشی الفیروس بصورة مخیفة بالسجون. ولکن سلطات البحرینی لا تزال تحتفظ بهم فی السجون على الرغم من إطلاقها سراح 1486 معتقلاً عقب وصول جائحة کورونا إلى البحرین فی مارس 2020.
نداء إنسانی من أمهات المعتقلین
وفی وقت سابق، أطلقت أمهات المعتقلین السیاسیین فی سجون النظام نداءً إنسانیاً لإنقاذ أبنائهن من خطر کورونا. حیث بات الفیروس یتفشى بشکل مخیف داخل السجون البحرینیة.
وجاء فی النداء الإنسانی “أنّنا أمام وباء جاد، لا یزور مکانًا إلا وقد أخذ نصیبه من الأرواح ولسنا مستعدین لأن یُفجَع قلبٌ أو تقع الکارثة، لسنا ننتظر أن یتحول السجن لمقبرة”.
وأضاف النداء: “منذ بدایة انتشار الجائحة، لم یکن الخوف الأول إلا أن یداهم هذا البلاء أسوار السجون.
فلنا أحبابٌ وفلذات أکباد خلف القضبان وبیئة السجن بیئةٌ خصبة لانتشاره ، وظروف السجن التی نعرف غیر مطَمئِنة”.
وناشدت أمهات المعتقلین السیاسیین الشعب البحرینی بکل فئاته “بالمطالبة الجادة والتحرک السریع لنشر القضیة قبل أن یقع الفأس فی الرأس”، وفق النداء.
النظام یستثنی المعتقلین السیاسیین
رغم انتشار الأنباء عن تفشی فیروس کورونا فی السجون البحرینیة إلا أن النظام البحرینی لا یزال مصراً على تعنته واستمراره بالاحتفاظ بالسجناء السیاسیین حیث استثنت سلطات البحرین المعتقلین السیاسیین من قرار الإفراج عن العشرات بسجونها فی ظل التفشی الکبیر لفیروس کورونا.
وهذا الأمر کشفه السید أحمد الوداعی مدیر معهد البحرین للحقوق والدیموقراطیة ومقره لندن ، حیث قال إن السلطات البحرینیة أفرجت عن 55 شخصاً من سجن الحوض الجاف و کلهم محکومون فی قضایا جنائیة. کما أضاف فی تغریدة على تویتر، إن الکثیر من المفرج عنهم مسجونون فی قضایا مخدرات. وبیّن أن أحدهم محکوم 5 سنوات قضى منها 4 أشهر ، وتم استبدال عقوبته دون قضاء نصف المدة.
إذن یبدو أن الإفراج عن عدة معتقلین هو لتهدئة الرأی العام الشعبی والدولی ولتظهر البحرین استجابة للضغوط ولکن هذا لا یکفی لأن الإفراج عن هذا العدد القلیل وعن سجناء هم بالأصل محکومون فی قضایا مخدرات یعتبر بمثابة إبر تخدیر لمتطلبات الرأی العام المحلی والدولی. و إذا کانت حکومة البحرین جادة فی معالجة تفشی الفیروس فی السجون فعلیها أن تکون أکثر شفافیة وأن تفرج عن جمیع المعتقلین بمن فیهم المعتقلون السیاسیون ، بدلاً من التقلیل من خطورة الوضع”.