حسابات سعودیة خاطئة فی مأرب.. احتمال ارتکاب "ابن سلمان" خطأ فادحاً لمساعدته عناصر "داعش"
فی أعقاب التطورات الأخیرة على جبهة مأرب والتقدم المتزاید لحرکة "أنصار الله" الیمنیة، التی وصلت إلى نقطة الاقتراب من التحریر الکامل للمدینة، ویبدو أن المملکة العربیة السعودیة تجاهلت تداعیات تحریر مدینة مأرب على أیدی القوات الیمنیة وذلک لأنه إذا سیطر "أنصار الله" بالکامل على مدینة مأرب، فإن الجماعات الإرهابیة التکفیریة للقاعدة وداعش ستجد نفسها تحت الحصار وفی هذه الحالة لن یکون أمامها خیار سوى الفرار إلى داخل المملکة العربیة السعودیة. وهنا تجدر الاشارة إلى أن قوات صنعاء تقترب حالیا من رفع علمها فی مضیق باب المندب مع توسعها فی تقدمها فی المواقع الاستراتیجیة التابعة لمدینة مأرب فی الأیام الأخیرة.
وفی غضون ذلک، یحاول السعودیون إنقاذ قواتهم وحلفائهم، باستخدام أسالیب مختلفة ووسطاء أجانب لوقف إطلاق النار، لکن الیمنیین لم یقبلوا بتلک الدعوات التفاوضیة الخبیثة وذلک لأنهم لیسوا فی عجلة من أمرهم ویتطلعون إلى المزید من الإنجازات على جبهة مأرب. ویعتقد الخبراء أن عواقب تقدم قوات "أنصار الله" على جبهة مأرب ستصل إلى المملکة العربیة السعودیة، وأن ولی العهد الأمیر "محمد بن سلمان" سیشعر بفشله وبالعواقب قریبًا. وفی الأیام الأخیرة، اعتمدت المملکة العربیة السعودیة بشکل کبیر على إرهابیی القاعدة لمنع سقوط مأرب وقامت بتقدیم کل الدعم اللوجستی لهذه المجموعة الإرهابیة. وفی الوقت نفسه، جاء الأمریکیون لمساعدة السعودیة بإحیاء داعش وتقدیم الدعم الکافی له. وتعتقد وسائل الإعلام أن تاریخ الأزمة فی سوریا والعراق وإرسال الإرهابیین إلى هذه الدول برعایة الولایات المتحدة وبریطانیا یتکرر فی مأرب. لکن الفرق بین وجود الإرهابیین فی سوریا والعراق ومأرب هو أن السعودیین تجاهلوا هذه المرة تهدید إرهابیی داعش والقاعدة. فی الواقع، عندما تسیطر القوات الیمنیة على مدینة مأرب ، سیجد إرهابیو القاعدة وداعش أنفسهم محاصرین فی منطقة صحراویة کبیرة، والطریقة الوحیدة أمامهم للهروب هی الفرار إلى السعودیة.
وحول هذا السیاق، کشفت العدید من التقاریر الاخباریة، أن تحالف العدوان السعودی جمع خلال الایام الماضیة عددا کبیرا من العناصر الإرهابیة التکفیریة والسلفیة من محافظات المهرة وحضرموت وشبوة وقاموا بنقلهم إلى جبهة مأرب. ولفتت تلک التقاریر إلى أن هذه القوات الإرهابیة قد تدربت فی قاعدة عسکریة تسیطر علیها الإمارات فی إریتریا لعدة أشهر وتم إرسالها على الفور إلى ساحات القتال فی غرب مأرب لمنع سقوط هذه المدینة الاستراتیجیة وأکدت تلک التقاریر أن بعض العناصر الإرهابیة رفعوا أعلام تنظیمی القاعدة وداعش الإرهابیین فی ساحات القتال. وعلى هذا المنوال نفسه، کشف العدید من الخبراء أن الولایات المتحدة الأمریکیة کان لها دور بارز فی تقدیم کل الدعم المالی والعسکری لهذه التنظیمات الإرهابیة وقامت بإرسالها إلى محافظة مأرب للوقوف فی صف واحد مع قوات تحالف العدوان السعودی لمنع سقوط هذه المدنیة الاستراتیجیة فی أیدی أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة. ولفت اولئک الخبراء إلى أن للولایات المتحدة والدول الغربیة وبعض الدول الأقلیمیة دورا بارزا فی رعایة تنظیم داعش وبناء ورعایة تنظیم القاعدة، والذی مر بثلاث مراحل زمنیة الأولى عملیة بناء وظهور تنظیم القاعدة فی أفغانستان، والمرحلة الثانیة، النجاح فی بناء تنظیم القاعدة فی بلاد الرافدین. والمرحلة الثالثة النجاح فی تمدد تنظیم القاعدة وتنظیم الدولة الإسلامیة "داعش" فی سوریا وهی المرحلة الممتدة منذ عام 2014 م، حتى الآن. ولقد استند اولئک الخبراء إلى تصریحات کبار المسؤولین الأمریکیین بعلاقة الولایات المتحدة بتنظیم القاعدة ومنها تصریحات "هیلاری کلینتون" بالدعم الأمریکی لإنشاء تنظیم القاعدة وداعش الإرهابیین.
ووفق تقریر لموقع "روسیا الیوم"، فإن الولایات المتحدة بسیاساتها النفعیة الخطرة، عبر استغلاها للنزعات الدینیة، رعت تنظیمی القاعدة وداعش فی الیمن، فتوسعت البیئة الحاضنة للإرهاب، وصار خطر هذه الظاهرة یهدد أمن العالم برمته. ویؤکد الضابط السابق فی وکالة المخابرات المرکزیة، "فیلیب جیرالدی"، فی هذا الاطار أن امریکا ساهمت فی ظهور تنظیم القاعدة فی الیمن کما تساهم الان فی دعم الأکراد فی سوریا فی اشارة الى التنظیمات الارهابیة التی تدعمها الولایات المتحدة هناک ومنها تنظیم "بی کا کا". ولفت إلى أن الیمن شاهدة على الرعایة الامریکیة لتنظیم القاعدة کذلک. ووفقاً للعدید من التقاریر الاخباریة، فإن تحالف العدوان السعودی الاماراتی فی الیمن عقد اتفاقات سریة مع تنظیم القاعدة وداعش الارهابیین خلال الفترة الماضیة وقام بتمویله، بناء على دعم ورعایة أمریکیة .
وبالتزامن مع هذا التقدم فی جبهة مأرب، تصاعدت موجة الضربات الجویة والصواریخ الیمنیة على مناطق مختلفة من المملکة العربیة السعودیة، بحیث استُهدفت فی الأیام الأخیرة مراکز اقتصادیة وعسکریة عمیقة فی الأراضی السعودیة بشکل متکرر بالصواریخ البالیستیة والطائرات المسّیرة التابعة لأبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة "أنصار الله". ولقد استهدف الجیش الیمنی واللجان الشعبیة مرة أخرى قاعدة الملک "خالد" الجویة فی "خمیس مشیط" بالسعودیة، صباح یوم السبت الماضی بعد هجوم صاروخی على الریاض قبل عدة أسابیع فیما یعرف بعملیة الردع الخامسة. وبحسب العمید "یحیى سریع" المتحدث باسم الجیش الیمنی فإن الهجوم نفذته طائرتان دون طیار من طراز "صماد 3" ولقد تمکنت هذه الطائرات الانتحاریة من تدمیر أهدافه مهمة بنجاح ویوم الجمعة الماضی هاجم أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة "أنصار الله" هذه القاعدة العسکریة عدة مرات، وکذلک مطار "أبها". وفی وقت سابق یوم الخمیس الماضی، أعلن المتحدث باسم الجیش الیمنی عن تنفیذ هجوم ناجح على منشأة أرامکو النفطیة السعودیة فی جدة باستخدام صواریخ کروز "قدس 2". ولکن بینما یحاول السعودیون السیطرة والرقابة على الأخبار لمنع تسریب مثل هذه المعلومات حول الأضرار التی سببتها الهجمات الیمنیة الأخیرة، إلا أنه وفقاً تقاریر إعلامیة، فقد تم العدید من الرحلات الجویة من مطار الملک "خالد" بعد الهجوم الأخیر وتم نقل بعض الرحلات الأخرى الى مطارات اخرى.
بشکل عام، سواء أکانت حرکة "أنصار الله" الیمنیة تعتزم تطهیر جبهة مأرب من الإرهابیین التکفیریین أم لا، إلا أن هؤلاء الإرهابیین سیضطرون بالتأکید لعبور الحدود السعودیة، مثل ما یحدث على الحدود الترکیة السوریة. إن الفرق بین مشهد عبور الإرهابیین للحدود الیمنیة السعودیة هو أن المسؤولین السعودیین لا یمکنهم نقل إرهابیی القاعدة وداعش داخل المدن السعودیة مثل ترکیا. فی الواقع، تختلف طبیعة النظام والمجتمع السعودیین تمامًا عن طبیعة ترکیا، وتؤکد الوثائق الصادرة عن الوکالات الأمریکیة حساسیة السعودیین تجاه الإرهابیین، وخاصة تنظیم القاعدة، داخل المملکة العربیة السعودیة أو حولها ومنشآتها الحیویة. ومن ناحیة أخرى، إذا استطاعت وکالات الاستخبارات الأمریکیة والبریطانیة إقناع المملکة العربیة السعودیة وحلفائها، وخاصة ترکیا، بتنحیة خلافاتهم جانبًا لمنع سیطرة "أنصار الله" على مأرب، فإن الخاسر الرئیس سیکون الریاض بعد معرکة مأرب، لأنه یبدو أن الإدارة الأمریکیة الجدیدة قررت أیضًا تقیید دور السعودیة بتقیید نشاط الریاض فی الحرب الیمنیة، وخاصة فی جبهة مأرب.
وفی الختام یمکن القول إن محافظة مأرب لها أهمیة استراتیجیة من عدة جوانب، فهی غنیة بالنفط والموارد الاقتصادیة، علاوة على أهمیتها الجغرافیة حیث تربط بین ثلاث محافظات رئیسة وهى الجوف وشبوة والبیضاء، کما أن لها ارتباطات جغرافیة بالسعودیة. ولهذا فإن تحالف العدوان السعودی یسعى جاهداً مستخدماً کل الوسائل الخبیثة لمنع سقوط هذه المدینة الاستراتیجیة فی أیدی أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة.