تبادل التهم بین دمشق و أمریکا.. من المسؤول عن الکارثة؟
بعد أن اقتربت العملیات العسکریة فی سوریا من نهایتها، ظهرت النتائج الکارثیة فی سوریا على المستوى الاقتصادی، حیث یعانی أکثر من 13 ملیون سوری من ظروف معیشیة قاسیة جداً لم تشهدها البلاد منذ عقود طویلة جداً، وهناک تراشق بالاتهامات بین الحکومة السوریة والغرب والولایات المتحدة الأمریکیة حول على من تقع مسؤولیة ما یجری فی سوریا.
قبل یومین طالب المتحدث باسم الخارجیة الأمریکیة نید برایس، الحکومة السوریة بالوفاء بالتزاماتها الدولیة، وتحمل مسؤولیة الفظائع التی ارتکبتها بحق الشعب السوری.
لا نعلم لماذا تصّر الولایات المتحدة الأمریکیة على تقدیم نفسها على انها حمامة سلام، جاءت لتخلیص شعوب العالم من معاناتها وحملت إلیهم مفهوم الدیمقراطیة، ومن خلال مرور سریع على ما قدمته الادارات الأمریکیة المتعاقبة للعالم، یتبین لنا أنها لم تقدم سوى الدمار والخراب والفوضى والتقسیم وسرقة خیرات الشعوب من أقصى الأرض الى اقصاها، وکان وجودها کارثیا فی منطقتنا، وخاصة بعد أن ارسلت مئات آلاف الجنود إلى المنطقة الخلیجیة، لتبدأ بالتحکم بمصیر الشعوب عبر التهدید والترغیب.
لاحظوا معنا مستقبل حتى الدول الحلیفة لواشنطن، کیف کان مصیرها، بعضها قضت علیها واشنطن ودمرتها مثل لیبیا وغیرها، وبعضها لا تزال حلیفة فی الظاهر مثل السعودیة، ولکن ماذا عن الدیمقراطیة التی تطالب بها واشنطن، هل هی متوافرة فی السعودیة، أم الموضوع مصالح فقط.
إن تقدیم الولایات المتحدة الأمریکیة نصائحها للحکومة السوریة، هو أمر مثیر للسخریة ولا یمکن تصدیقه، لأنه صادر من جهة منافقة لم تُقدم على ای فعل خیر تجاه السوریین، فهی التی تحتل أراضیهم دون موافقتهم ودون موافقة الحکومة، وهی من تحرق محاصیلهم الزراعیة وتحرمهم من ثرواتهم الباطنیة، وتسهم بکل قوتها بتقسیم سوریا عبر دعم المشاریع الانفصالیة، فهی تدعم الاکراد لیس حبا بالاکراد وانما استغلالا لهم، وعند تحقق ما ترید ستلتف علیهم کما فعلت سابقا، ولا نستبعد ان تفتح الباب لترکیا للانقضاض علیهم وقد فعلت ذلک سابقا وقد تکرر ذلک مرارا وتکرارا، فواشنطن لیس لها حلیف، تتعامل مع الجمیع بحسب مصالحها.
ولو ان واشنطن ترید الخیر للسوریین لما فرضت علیهم عقوبات قاتلة تدمر الاقتصاد وتسهم الى حدکبیر فی تجویع السوریین، وهی تفعل ذلک الیوم، فالسوریون وصلوا إلى مرحلة لا تطاق من المعاناة، ومع ذلک لا تزال واشنطن ماضیة فی عقوباتها وفی کل یوم تزید هذه العقوبات وتضییق الخناق على السوریین یوما بعد یوم، حیث تُفرض هذه العقوبات على أیّ شرکة عالمیة أو فرد یستثمر فی قطاعَی الطاقة أو الطیران، وکل مَن یزوّد الخطوط الجویّة السوریة بقطع غیار وصیانة، إضافة إلى کل من یقدِّم دیوناً إلى النظام. وتشمل العقوبات مصرف سوریا المرکزی إذا ما ثبت أنه یشارک فی عملیّات "غسل أموال". وتتراوح العقوبات على الأفراد بین تجمید الأصول ومنع دخولهم إلى الولایات المتحدة، کما یفرض القانون عقوبات على أی حکومة أو مجموعة تُسهّل صیانة أو توسیع إنتاج الحکومة السوریة المحلی للغاز الطبیعی والبترولیوم ومشتقاته.
وبعد المعاناة الجسیمة التی یعانی منها السوریون تأتی الولایات المتحدة الامریکیة لتقول: "الهدف من العقوبات معاقبة "النظام السوری"، هم یعلمون جیداً أنهم یعاقبون الشعب الشعب السوری ولیس "النظام" ومع ذلک مستمرون فی هذه العقوبات، فی مشهد لم تره الانسانیة منذ قرون طویلة. ارهاب اقتصادی قذر بحق شعب یعانی الویلات ومعاقبة هذا الشعب دون وجه حق.
ماذا تفعل الحکومة السوریة؟
الحکومة السوریة قدمت العدید من المبادرات للمعارضة السوریة والاکراد وکذلک الدول الداعمة لهم، ولکن هذه الدول افشلت جمیع المبادرات، وقبل عدة أشهر عقدت دمشق مؤتمراً للاجئین والذی کان خطوة مهمة فی تاریخ الحرب السوریة لما له من أبعاد مهمة على الداخل والخارج السوری، وشکل رسالة واضحة لکل المشککین بنوایا الحکومة السوریة ورغبتها بفتح الأبواب للاجئین السوریین للعودة إلى بلادهم، وفی الوقت نفسه فضح ممارسات الدول الغربیة واستخدامها أسالیب سیاسیة قذرة لعرقلة الحلول السیاسیة فی سوریا واستغلال اللاجئین لأغراض سیاسیة.
فضح المؤتمر فی أحد جوانبه هذه الدول التی رفضت حضور المؤتمر فی العاصمة السوریة دمشق بعد ان وجهت لهم دعوات رسمیة، ومع ذلک انعقد المؤتمر وحقق نتائج ملموسة على الارض بعد ایام قلیلة من انتهائه، وحضر المؤتمر أکثر من 25 وفداً غربیاً وأجنبیاً، وکانت الدول الصدیقة لسوریا حاضرة بقوة فی المؤتمر، ولاسیما ایران وروسیا والصین وفنزویلا، وهذا أکد ان سوریا لیست وحیدة ولن تکون وحیدة فی ظل ما یحاک ضدها من مؤامرات، وخاصة دور الدول الغربیة فی تأخیر عودة اللاجئین للتلاعب بموقفهم واستغلاله.
لعودة اللاجئین بُعد وطنی وقومی بالنسبة للحکومة السوریة، فهی تسعى جاهدة لإعادة مواطنیها بعد أن شتتهم الارهاب، واستغلتهم بعض الدول الغربیة والاقلیمیة لأهداف سیاسیة، وما یمیز هذا المؤتمر ان القادة السیاسیین فی سوریا قدموا ضمانات للاجئین واعادة البنى التحتیة للمناطق التی سیتوجه الیها اللاجئون.
الرئیس السوری بشار الأسد کان قد أکد فی کلمة له خلال افتتاح المؤتمر، أن "هناک دولاً فی الغرب تستغل اللاجئین السوریین لأهداف سیاسیة"، وأضاف الأسد إن "هذه الدول تمنع اللاجئین من العودة إلى وطنهم عبر الترغیب والترهیب"، مضیفاً: "نعمل بدأب لإعادة کل لاجئ إلى سوریا، لکن هناک عقبات کثیرة".
فی الختام، الواضح جداً أن الحکومة السوریة جادة فی اعادة اللاجئین وفضح من یستغلهم سیاسیا ومن لا یرید التعاون مع الحکومة السوریة فی هذا الموضوع لتخفیف معاناة اللاجئین، وتعنت واشنطن یؤکد أنه هو من یقف خلف الازمة فی سوریا ویفاقم من معاناة اللاجئین والسوریین على حد سواء.