إعادة کتابة تاریخ فلسطین فی الکتب المدرسیة فی بریطانیا خدمة للروایة الإسرائیلیة
یسلط تقریر مطول لقناة الجزیرة الضوء على إعادة صیاغة کتب التاریخ المدرسیة فی بریطانیا بشکل سری، لمحو الروایة الفلسطینیة، لتصبح المناهج الدراسیة ساحة للصراع حول مستقبل فلسطین.
هذا ما جاء فی مقال للخبیر الاقتصادی وعالم الریاضیات إیفار إیکلاند، الرئیس السابق لجامعة باریس دوفین، وکذلک المجلس العلمی للمدرسة الفرنسیة العلیا لتکوین الأساتذة.
وفی مدونته یلفت إیکلاند النظر إلى دراسة شاملة حول کیفیة العرض التاریخی لنهایة الانتداب البریطانی فی فلسطین ومیلاد "إسرائیل" والمقاومة الفلسطینیة، ویقول إنها أجریت عام 2014 لمراجعة کتب التاریخ المدرسیة فی "إسرائیل" وفلسطین وفرنسا والسوید.
وحسب إیکلاند أضیفت إلى هذه المجموعة بریطانیا، إذ اتصل مجلس نواب الیهود البریطانیین ومجلس محامی المملکة المتحدة للدفاع عن "إسرائیل" بالناشر بیرسون لطلب إجراء تغییرات فی کتابین مدرسیین للتاریخ یستخدمان لتحضیر امتحانات الثانویة العامة المحلیة والدولیة فی المملکة المتحدة.
ففی تقریر بتکلیف من "اللجنة البریطانیة لجامعات فلسطین" (BRICUP) کشف الأستاذان جون شالکرافت وجیمس دیکنز، الخبیران فی شؤون الشرق الأوسط وفی التاریخ واللغة العربیة، والعضوان فی اللجنة المذکورة، مئات التعدیلات التی تمت فی الکتیبات المدرسیة بمعدل 3 تعدیلات فی کل صفحة.
ورغم هذه التغییرات وحجمها، فإن الرجلین لاحظا أن الکتب لم تکن فیها أی إشارة إلى المراجعة. ومع ذلک، یوضح التقریر أنه تم إجراء تغییرات على النص والجداول الزمنیة والخرائط والصور، بالإضافة إلى قواعد التقییم وأسئلة الطلاب.
وتحتوی الکتب المذکورة حسب الکاتب على تغییرات فی النصوص وإشارات خاطئة إلى القانون الدولی.
ونقل الکاتب عن الخبیر جون شالکرافت قوله إن "تعدد الروایات فی هذه المنطقة أمر لا مفر منه"، مشیرا إلى أن الأغلبیة الساحقة من التغییرات التی تم إجراؤها على هذه النصوص تضیف أو تحل محل البیانات والمعلومات والتفسیرات الموجودة أصلا بغیة خدمة الروایة الإسرائیلیة وتزیل أو تحل محل الروایات التی تدعم الروایات الفلسطینیة".
واستخلص شالکرافت مما اطلع علیه أن ما أجری من تغییرات على هذه الکتب "جعلها مضللة بشکل خطیر"، وإن أحد جوانب ما ورد بالتقریر- کما ینقل الکاتب – الذی کان نقطة محوریة لمراجعات مکثفة هو وصف أعمال العنف ومن ارتکبها، حیث تمت إزالة أو تخفیف العدید من الإشارات إلى العنف والعدوان الیهودی و/أو الإسرائیلی، فی حین تمت إضافة أو زیادة الإشارات السیئة إلى العنف أو العدوان العربی و/أو الفلسطینی بشکل منهجی.
ففی النسخة الأصلیة من دلیل الثانویة العامة، هناک 10 إشارات إلى الإرهاب الیهودی و32 إشارة إلى الإرهاب الفلسطینی، وبعد المراجعة لم تبق هناک سوى 4 إشارات إلى إرهاب الجماعات الیهودیة، مقابل 61 إشارة إلى إرهاب الجماعات الفلسطینیة.
من الأمثلة على التغییرات: – تقول النسخة الأصلیة "إن الفدائیین کانوا مقاتلین من أجل الحریة أو إرهابیین، حسب الزاویة التی ینظر إلیهم منها"، وفی النسخة المعدلة أصبح النص هو "الفدائیون کانوا إرهابیین قاتلوا من أجل حریة الفلسطینیین".
– تقول النسخة الأصلیة "القانون الدولی ینص على أنه لا یمکن لدولة ما ضم أو احتلال الأراضی التی استولت علیها بالقوة إلى أجل غیر مسمى" وهذا هو الإجماع الدولی المهیمن على الشرعیة. وفی النسخة المعدلة استبدل ذلک بـ: "یرى البعض أن الدولة لا تستطیع ضم أو احتلال أراض تم الحصول علیها بالقوة إلى أجل غیر مسمى".
– ورد فی النسخة الأصلیة أنه خلال الانتفاضة الأولى 1987-1993 "کسرت أذرع وأصابع الأطفال الفلسطینیین الذین رشقوا الحجارة (من قبل جنود الاحتلال)"، تمت إزالة ذلک من النسخة المعدلة.
– تحتوی النسخة الأصلیة على وصف قدمه أحد أعضاء منظمة الهاغاناه الإرهابیة الصهیونیة (المنظمة شبه العسکریة الیهودیة الرئیسیة) للطرد الجماعی للعرب الذین تعرضوا للنکبة خلال حرب 1948-1949.
وفی النسخة المعدلة تم استبدال ذلک بروایة عن رحیل أکثر سلمیة لأسرة عربیة واحدة.
– کتب فی النسخة الأصلیة أن الفلسطینیین طردوا من القدس الشرقیة على أیدی الإسرائیلیین، أما فی النسخة المنقحة فما هو موجود هو أنه "قد تولد لدیهم إحساس بأنهم طردوا قسرا".
– أما مذبحة دیر یاسین (التی قتلت فیها القوات الإسرائیلیة ما لا یقل عن 107 مدنیین فلسطینیین) الموصوفة فی النسخة الأصلیة من دلیل الثانویة العامة الدولیة بأنها "واحدة من أبشع فظائع الحرب (1948)"، فإنه قد استعیض فی وصفها فی الطبعة المنقحة عن کلمة "الفظائع" بکلمة "الأفعال".