بلومبیرغ: أحدث خطة اقتصادیة لابن سلمان تحمل مخاطر کبیرة
نشر موقع بلومبیرغ مقالا للصحفیة عبیر أبو عمر، قالت فیه إن أحدث خطة اقتصادیة للسعودیة تنطوی على مخاطر کبیرة، ففی حین أنها قد تساعد فی تعزیز الاستثمار، إلا أنها قد تضر أیضا بمالیة الحکومة.
وقالت إن ولی العهد الأمیر محمد بن سلمان یرید من أکبر الشرکات فی المملکة -بما فی ذلک شرکة النفط العملاقة أرامکو السعودیة وشرکة سابک لصناعة الکیماویات- خفض الأرباح الموزعة، التی یُدفع معظمها للدولة، وإنفاق الأموال محلیا. الفکرة هی أن إنفاقها على البنیة التحتیة الجدیدة والتکنولوجیا سیکون کبیرا بما یکفی لتسریع نمو البلاد وإحداث طفرة فی الوظائف.
فیما قالت کارین یونغ، الباحثة المقیمة فی معهد أمریکان إنتربرایز بواشنطن، فی مقال رأی، إن استراتیجیة القائد الفعلی للمملکة ترقى إلى مستوى "التضحیة بالأرباح الحالیة من أجل استثمارات مستقبلیة. هناک تحول أجیال: برهة لبناء وإنشاء حقبة ما بعد النفط، لکن على المدى القصیر، ستستنفد الحکومة مواردها".
وفیما یلی نظرة على التأثیر المحتمل على المیزانیة والاقتصاد، الذی تضرر بشدة العام الماضی بسبب جائحة فیروس کورونا والانهیار فی أسعار النفط:
أموال النفط
حولت أرامکو، أکبر شرکة نفط فی العالم، 110 ملیارات دولار إلى الحکومة فی عام 2020 من خلال مدفوعات المساهمین وحقوق الملکیة وضریبة الدخل، بانخفاض 30% عن العام السابق.
ووفقا لجیمس سوانستون من کابیتال إیکونومیکس، فإن توزیعات الأرباح المنخفضة من الشرکة، المملوکة للدولة بنسبة 98%، "ستؤثر على إیرادات الحکومة".
إنه غیر مقتنع بأن الاستثمار الإضافی فی الاقتصاد سیؤدی إلى زیادة کبیرة فی جبایة الضرائب الحکومیة من الصناعات الأخرى، على الأقل على المدى القصیر.
ومع ذلک، قالت أرامکو إن بإمکانها الحفاظ على توزیعات أرباحها، التی کانت الأکبر فی العالم العام الماضی بقیمة 75 ملیار دولار. وقد ساعد على ذلک ارتفاع خام برنت بنسبة 30% تقریبا منذ کانون الأول/ دیسمبر إلى 67 دولارا للبرمیل مع خروج المزید من الدول من عملیات الإغلاق. وأعلنت الشرکة الأسبوع الماضی عن صفقة ستشهد قیام کونسورتیوم تقوده أمریکا باستثمار 12.4 ملیار دولار فی خطوط الأنابیب.
قد تمکّن میزانیة عمومیة قویة وتدفق نقدی أعلى من الاحتفاظ بالأرباح وزیادة الاستثمار محلیا.
الأجور والتسویات
ومن المتوقع أن تصل أجور ومعاشات موظفی الدولة إلى 491 ملیار ریال (131 ملیار دولار) هذا العام، بما یمثل نحو نصف إجمالی الإنفاق البالغ 990 ملیار ریال. ومع ذلک، إذا ظلت أسعار النفط أعلى من 60 دولارا، فقد تتمکن السعودیة من تغطیة الرواتب من مبیعات النفط الخام وحدها، وفقا لزیاد داود، کبیر اقتصادیی الأسواق الناشئة فی بلومبیرغ إیکونومیکس.
سواء حدث ذلک هو جزء مهم من مبادرة الأمیر محمد البالغ من العمر 35 عاما. تمکنت الدولة من رفع الإیرادات غیر النفطیة من 166 ملیار ریال فی 2015 إلى 358 ملیار ریال فی 2020.
لکن هناک مشکلة. یعود جزء کبیر من التحسن إلى التسویات مع بعض أثرى أثریاء المملکة والتی بدأت فی عام 2017 فیما عُرف باسم اعتقالات فندق ریتز کارلتون، وهی جزء من حملة الأمیر لمکافحة الفساد.
وقال داود: "إن نمو الإیرادات غیر النفطیة للسعودیة عضوی جزئیا فقط"، وتمثل التسویات "خمس الإیرادات غیر النفطیة. ستنتهی هذه التسویات فی مرحلة ما. وعندما یتم ذلک، لن تتوقف العائدات غیر النفطیة عن الارتفاع فحسب، بل ستنخفض بالفعل. لتحقیق النمو المستدام، یجب على المملکة زیادة الإنتاجیة وزیادة الصادرات غیر النفطیة".
الصندوق السیادی
إذا کانت المیزانیة -التی بلغ عجزها 12% من الناتج المحلی الإجمالی العام الماضی- مضغوطة بسبب انخفاض مدفوعات الشرکات السعودیة، فقد یکون صندوق الثروة السیادی الذی تبلغ قیمته 400 ملیار دولار قادرا على تعویض الرکود.
یجهز صندوق الاستثمارات العامة نفسه بالفعل لدفع الاقتصاد المحلی. وتعهد الأمیر محمد بإنفاق ما لا یقل عن 40 ملیار دولار سنویا فی الداخل حتى عام 2025، لإنشاء مدن ومنتجعات جدیدة و1.8 ملیون وظیفة.
وقال محمد أبو باشا، رئیس أبحاث الاقتصاد الکلی فی بنک الاستثمار المجموعة المالیة- هیرمیس القابضة ومقره القاهرة: "ترکز المیزانیة بشکل متزاید على إدارة النفقات الیومیة للحکومة بدلا من أن تکون محرکا للنمو الاقتصادی"، مضیفا أن النفقات الرأسمالیة "تتحول فی الغالب إلى صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسات الدولة الشقیقة".
تأثیر دائم
وفی کانون الأول/ دیسمبر، توقعت الحکومة إیرادات قیمتها 849 ملیار ریال لعام 2021 وعجزا مالیا بنسبة 4.9% من الناتج المحلی الإجمالی.
فی ذلک الوقت، کان النفط یتداول بالکاد بمبلغ 50 دولارا للبرمیل. لقد ارتفع الآن إلى درجة یمکن للسعودیة عندها موازنة میزانیتها، حسب تقدیرات صندوق النقد الدولی.
ومع ذلک، فإن التأثیر الدائم للوباء على الشرکات السعودیة والطلب العالمی على الطاقة یعنی أن الأوضاع المالیة للمملکة لا تزال محفوفة بالمخاطر، وفقا لأبو باشا.
وقال أبو باشا: "تعزیز الإیرادات غیر النفطیة المستقبلیة سیعتمد على المضی قدما فی توزیعات الأرباح من کل هذه الاستثمارات المملوکة للدولة.. وهذا یزید من ضعف المالیة العامة".