"اسرائیل" فی مواجهة أحداث القدس وغزة: الاحتواء سبیلاً
الربط بین التوتر فی القدس والتصعید فی قطاع غزة بان واضحاً فی المواقف المنقولة عن مسؤولین أمنیین وعسکریین إسرائیلیین، وهذا ما دفعهم للعمل من أجل التهدئة فی القدس.
التطورات فی القدس المحتلة وقطاع غزة بقیت موضع اهتمام المستویات السیاسیة والأمنیة فی "إسرائیل" مع تواصل إطلاق الصواریخ والقذائف الصاروخیة من القطاع باتجاه المستوطنات المحاذیة له تضامناً مع القدس وأهلها. وبرز من الجانب الإسرائیلی مواصلة اعتماد سیاسة "الاحتواء" من أجل عدم الانجرار إلى تصعید أکبر لا ترى مصلحة فیها ولا قدرة على تحمل تبعاته وأثمانه، وذلک وسط جلسات تقدیر وضع عقدها وزیر الأمن بنی غانتس ورئیس هیئة الأرکان العامة فی الجیش الإسرائیلی، الفریق أفیف کوخافی من أجل مواجهة التصعید ومنع تفاقم الأوضاع.
ولهذه الغایة أعلن کوخافی إلغاء سفره المقرر إلى الولایات المتحدة الأمیرکیة الیوم. کما أعلن أنه سیتم عقد جلسة للمجلس الوزاری المُصغّر للشؤون السیاسیة والأمنیة (الکابینت) بعد ظهر الیوم الاثنین لمناقشة الأوضاع فی الساحة الفلسطینیة.
خلافات بین المسؤولین الإسرائیلیین
أجرى وزیر الأمن بنی غانتس، یوم أمس الأحد تقدیراً للوضع مع قادة المؤسسة الأمنیة بمشارکة رئیس هیئة الأرکان العامة فی الجیش الإسرائیلی، افریق أفیف کوخافی، ورئیس الشاباک، نداف أرغمان وکبار ضباط الجیش الإسرائیلی، وأعطى أوامره للاستمرار فی جهوزیة القوات والجبهة الداخلیة لإحتمال تصعید. غانتس شدد أن الرسالة للفلسطینیین هی أن "إسرائیل" ستقوم بما یلزم من أجل الدفاع عن الإسرائیلیین مقابل کل "عدوانیة".
وحول الجلسة التی عقدها غانتس، والجلسات السابقة التی حضرها رئیس الحکومة بنیامین نتنیاهو، کشفت تقاریر أنه خلال المداولات، برزت خلافات وسط دعوة عدد من المشارکین فیها، لتشدید القصف فی قطاع غزة، ضد حرکة حماس وبقیة الفصائل الفلسطینیة، إلا أن کوخافی أشار إلى أن القدس هی المصدر الأساسی للتصعید، ولیس قطاع غزة وقیادة حماس.
التقاریر لفتت إلى أنه على إثر موقف کوخافی، لم تتم التوصیة بتشدید الضربات فی القطاع، وتقرر ترکیز الانتباه على تهدئة الأوضاع فی القدس إلى جانب الاستعداد لتدهور الوضع.
وعلى خلفیة إطلاق الصواریخ فی الجنوب، اُعلن فی "إسرائیل" أن المجلس الوزاری المُصغّر للشؤون السیاسیة والأمنیة (الکابینت) سیجتمع عند الساعة 15:00 من عصر الیوم الإثنین.
کوخافی یُلغی زیارة إلى واشنطن
أفاد الناطق الرسمی باسم الجیش الإسرائیلی أن کوخافی، أجرى أیضاً یوم أمس الأحد جلسة تقدیر وضع عملانی فی قیادة فرقة غزة، شارک فیها کبار الضباط، أوعز فی ختامها بمواصلة الجهوزیة لمختلف السیناریوهات فی الساحة الجنوبیة، إلى جانب تعزیز الاستعداد للتصعید.
وفی بیان آخر للجیش الإسرائیلی، ورد أنه "فی ضوء تقدیر الوضع الأمنی، وبغیة مواصلة الاستعداد للتطورات المحتملة، قرر رئیس هیئة الأرکان، الفریق أفیف کوخافی، إلغاء سفره المقرر الى الولایات المتحدة الأمیرکیة. رئیس شعبة الاستخبارات اللواء تامیر هایمن، ورئیس شعبة الاستراتیجیات والدائرة الثالثة اللواء طال کلمن، سیسافران مساء الیوم (الأحد) إلى الولایات المتحدة، وسیجریان عدة لقاءات مع مسؤولین کبار فی الجیش الأمیرکی".
وإضافة لذلک، التقى کوخافی مع رؤساء السلطات المحلیة فی محیط غزة، وقال لهم: "نحن نستعد بشکل کامل لاحتمال تصعید أو توسیع المعرکة ونقوم بالتحضیرات المطلوبة لذلک". ونقل عن کوخافی أنه قال لرؤساء السلطات المحلیة إن التوتر مرتبط بصورة مباشرة بالاحتجاجات فی القدس.
وفی إجراء عقابی، أغلقت "إسرائیل" مجال الصید البحری کلیاً مقابل قطاع غزة رداً على استمرار إطلاق الصواریخ من قطاع غزة. إلا أنه فی المقابل، ومن أجل تهدئة الأمور فی القدس، أمر المفتش العام للشرطة الإسرائیلیة، کوبی شبطای، بإزالة الحواجز فی "منطقة الغلیان"، لفترة تجریبیة.
المؤسسة الأمنیة ترید "تبرید القدس" لیسود الهدوء فی قطاع غزة
الربط بین التوتر فی القدس والتصعید فی قطاع غزة بان واضحاً فی المواقف المنقولة عن مسؤولین أمنیین وعسکریین إسرائیلیین، حیث دعا مسؤول فی هیئة أرکان الجیش الإسرائیلی إلى "تبرید القدس، وبسرعة"، بحسب صحیفة "یدیعوت أحرونوت"، فیما رأى مسؤولون فی المؤسسة الأمنیة أنه یوجد صلة مباشرة بین الأحداث فی القدس والقصف نحو الأراضی الإسرائیلیة انطلاقاً من قطاع غزة.
ومع ذلک، نقلت هیئة البث الرسمیة الإسرائیلیة "کان"، عن مصدر أمنی إسرائیلی قوله إن "الجیش سیرد بقوة على إطلاق الصواریخ المستمر من قطاع غزة"، وأنه سیتم "تعزیز بطاریات القبة الحدیدیة بالجنوب". المصدر الأمنی أضاف أن "إسرائیل" تعمل أیضاً بطرق دبلوماسیة للتوصل الى تهدئة بالجنوب، مشیراً الى أن حماس أرسلت عدة رسائل الى "إسرائیل" عن طریق مصر، أنها غیر معنیة بالتصعید. وفی هذا السیاق، کشفت صحیفة "معاریف" أنهم فی المؤسسة الأمنیة یعتقدون أنه لیس لحرکة حماس مصلحة فی مواجهة مع "إسرائیل".
وأشارت صحیفة "إسرائیل الیوم" إلى أنه فی الأشهر الأخیرة غیّر الجیش الإسرائیلی سیاسته، وبدلاً من الرد على کل إطلاق فی نفس اللیلة، کما کان یحصل فی السنوات الأخیرة، فإن السیاسات الجدیدة هی سیاسات "السجّل المفتوح"، ومفادها "إسرائیل" تختار الزمان والمکان المناسبین للرد على أی إطلاق أو حادثة عنیفة.
وأضافت التقاریر أن الرأی السائد فی القیادة الأمنیة هو أنه بشکل عام، فی جولات العنف بین إسرائیل وغزة التی حصلت فی السنوات الأخیرة وبدأت بإطلاق صواریخ من قطاع غزة، الجولات لم تنته بشکل ناجح بما فیه الکفایة لـ "إسرائیل". هذا، من جملة الأمور، لأن "إسرائیل" لم تکن المبادرة إلى جولات العنف، إنما نجرت إلیها.
وحول التوقعات باستمرار التوتر فی قطاع غزة أو عودة الهدوء، ظهرت وجهتا نظر بین المسؤولین الإسرائیلیین، حیث توقع مسؤولون فی الجیش الإسرائیلی أن یستمر التوتر الأمنی فی الضفة الغربیة والقدس وقطاع غزة فی الأسابیع القریبة المقبلة، فیما أشار مسؤولون إلى أن الحلقة الحالیة ستنتهی.