کیف صنع المرابطون الفلسطینیون سور حمایة للمسجد الأقصى؟
بعد الأحداث الأخیرة التی شهدتها القدس المحتلة فی أعقاب شهر رمضان المبارک من قمع واعتداء إسرائیلی، یبرز دور المرابطین فی المسجد الأقصى من خلال دفاعهم المستمر عن أمنه.
شهدت فلسطین المحتلة فی الآونة الأخیرة مواجهات بین قوات الاحتلال والفلسطینیین جراء منع الاحتلال المصلین من الوصول إلى المسجد الأقصى، إضافة إلى اعتدائه على الأهالی واعتقال عشرات الشبان الفلسطینیین.
لم یوفر الاحتلال طریقة لمنع الفلسطینیین من الوصول إلى الأقصى، حیث قامت قواته بوضع السواتر الحدیدیة، وفرضت تشدیداً تاماً على منطقة باب العمود، الذی یعتبر "بوابة القدس". کما أنها اعتدت بالضرب على المصلین المسیحیین، عند باب الجدید فی القدس المحتلة، ومنعت المئات من الوصول إلى کنیسة القیامة.
ورغم إجراءات الاحتلال القمعیة، یواصل المقدسیون تجمعاتهم فی باب العمود، منددین بقمع الاحتلال ومؤکدین نصرتهم للأقصى ودفاعهم عن المقدسات. حیث أزالوا السواتر الحدیدیة التی وضعت من قبل الکیان، وصعّدوا الأحداث معه.
یأتی ذلک بالتزامن مع شهر رمضان، حیث یعتکف عدد من الفلسطینیین سنویاً فی الأیام العشر الأواخر فی المسجد الأقصى لأداء الصلاة وطقوسهم الدینیة، وفیما تمنع قوات الاحتلال بقاء المصلین أو الوصول إلى المسجد، لما یمثله وجودهم من ترسیخ للهویة الفلسطینیة، دعا خطیب المسجد الأقصى الشیخ عکرمة صبری، جمیع المصلین الفلسطینیین إلى عدم قطع الاعتکاف ما بعد لیلة القدر.
کیف صنع المرابطون سور حمایة للمسجد الأقصى؟
شکل المرابطون الفلسطینیون درعاً حامیاً منذ زمن للمسجد الأقصى ضد مخططات الاحتلال والمستوطنین الإسرائیلیین، خصوصاً بعد اقتاحاماتهم المتکررة لباحات المسجد. ویعتبر الکثیرون أن وجودهم لجم فرص التقسیم المکانی فی المسجد الأقصى.
وفی إشارة إلى الضغوطات التی یتعرض لها المرابطون، قال المرابط فی المسجد الأقصى، فادی مطور، فی حدیث إلى المیادین نت، إن "المرابطین تعرضوا لعقوبات مشددة، وتم اعتقال العشرات وإصدار قرارات إبعاد لمدة 6 أشهر یتم تجدیدها من أجل تفکیکهم وإضعافهم".
الجدیر ذکره، وفق مطور، أن "المخابرات الإسرائیلیة حاولت أن تنسب "تهمة" انتماء المرابطین لـ"تنظیم شباب الأقصى" المحظور لدیها، لکی یتسنى لها فرض أحکام عالیة ضدهم وإبعادهم عن الأقصى لأطول فترة ممکنة".
وأضاف أن "باب العامود هو باب الشهداء ورمز للمقدسیین وهو مکان التجمع والتظاهر"، مشیراً إلى أن المقدسیین یخوضون حرباً یومیة سیادیة على أعتابه، بدأت عندما قامت سلطات الاحتلال بتغییر اسم باب العامود وأسمته على اسم مجندتین إسرائیلیتین قتلن فی عملیة فدائیة".
وبحسب مطور، فإن هذا الباب هو الشاهد على أن المقدسیین هم سکان القدس الأصلیین، لذا تحاول السلطات الإسرائیلیة تهوید باب العامود، من خلال الاستعراض العسکری والتنکیل والترهیب، بهدف طمس الهویة العربیة المقدسیة لباب العامود.
أما عن العوائق التی تقف أمام المرابطین، "هی الملاحقة الدائمة من قبل الاحتلال وإبعادنا المستمر"، وأضاف أنه یجب أن تکون هناک مشارکة واسعة من فلسطینیی الداخل ومن المقدسیین غیر الملاحقین والمعروفین لدى الاحتلال، لملئ الفراغ والوجود الدائم فی المسجد الأقصى والرباط فیه، خصوصاً مع التهدیدات الإسرائیلیة باقتحام المسجد یوم 28 رمضان المقبل".
کما أکد أن "الوجود الدائم داخل المسجد الأقصى یرصد الانتهاکات ویکشف المخططات المبیتة".
التصدی للتهدیدات الإسرائیلیة باقتحام الأقصى
أما المرابط إیاد شلبی، فاعتبر أن الاحتلال یعلم جیّداً ماذا یعنی المسجد الأقصى وباب العمود بالنسیة للمقدسیین، وبالتالی یحاول منذ سنوات عدّة فرض معادلة جدیدة لتفریغ المسجد من المرابطین والشبان، فهما بحسب تعبیره، عاملان رئیسیان لکل هبّة أو حالة نضالیة تنطلق منهما لکافة مناطق وقرى القدس المحتلة.
وخلال حدیثه مع المیادین نت، أکد شلبی أن الاحتلال حاول مؤخراً منع الشبان من الجلوس فی باب العامود، محاولاً بسط سیطرته منذ بدایة الشهر الفضیل.
یشار إلى أن الاحتلال الإسرائیلی زرع کمیّة من الثکنات العسکریة ومن الکامیرات والمسجلات الصوتیة عند باب العمود للسیطرة على المکان.
وبحسب شلبی، فإن الشباب الفلسطینیین "رفضوا الانصیاع لقراراتهم، ولم یهدأ لهم بال حتى قاموا بإزالة کافة الحواجز الموضوعة رغم أنف الاحتلال"، مضیفاً أن "هناک دعوات من المستوطنین لاقتحام المسجد الأقصى فی یوم 28 رمضان الذی یصادف ما یسمى لدیهم "یوم توحید القدس" الذی دعى فیه المستوطنون لاقتحام باب العامود والمسجد الأقصى".
وأکد شلبی أن الاعتکاف فی المسجد الأقصى مستمر، لافتاً إلى أنه وعلى مدار سنوات من رباط ومواجهات فی الأقصى عند کل اقتحام، لم تقتصر الضغوطات لتثبیط عزیمة الشبّان من قبل الأمیرکیین والإسرائیلیین وحسب، إنما أیضاً من قبل جهات عربیة ومؤسساتیّة.
المرابطون الحقیقیون، بحسب شلبی، "لا یحتاجون لمال أو کامیرات من أجل رباط، المرابطون الحقیقیون فعلیّاً هم من نشاهدهم وقت الشدائد یدافعون بصدورهم العاریة عن القدس والمسجد الأقصى، کما شاهدنا فی باب العامود ونشاهد الآن ما یحدث فی الشیخ جراح مؤخراً".
وختم کلامه قائلاً: "لن یتوقف المقدسیون عن رباطهم ودفاعهم عن حقهم فی هذه المدینة المبارکة، وسنبقى صامدین رغم أنوفهم، ولکن على الجمیع أن یعلم الطریق الصحیح لدعم هؤلاء الأبطال والمرابطین الحقیقیین".