هُناک رِوایتان حَول الأهداف التی قَصَفتها هَذهِ الصَّواریخ:
ـ الأولى: تقول، وحسب مدیر المَرصد السوری لحُقوق الإنسان المُقرَّب من المُعارَضة ومَقرّه فی مدینة کوفنتری وسط بریطانیا، أنّ الصَّواریخ استهدفَت مَخزَنًا للأسلِحَة قُرب المَطار.
ـ الثانیة: رِوایةٌ إسرائیلیّةٌ وردت فی تقریرٍ للقناة الثانیة العبریّة تُؤکِّد أنّ الصَّواریخ دمّرت طائِرةَ شَحنٍ إیرانیّةٍ مِن طِراز “بوینغ” بعد ساعاتٍ من هُبوطِها فی مَطارِ دِمشق، وکانت تَقِل أسلِحَةً مُتطوِّرةً، إمّا تَکون للجیش السوری أو “حزب الله”.
***
بنیامین نِتنیاهو، رئیس الوزراء الإسرائیلی، لم یَعترِف بوُقوف حُکومته خَلف هَذهِ الغارة الصاروخیّة، ولکنّه ألمَح إلى ذلک بطریقةٍ غیر مُباشرةٍ عِندما قال الیوم “أنّ إسرائیل تتحرَّک لمَنع أعدائِها من حیازَةِ أسلحةٍ مُتطوِّرةٍ” فی إشارةٍ إلى سوریة و”حزب الله”.
اللَّافِت أنّ القِیادة العسکریّة الإسرائیلیّة لم تَعُد تَستخدِم سِلاح الجَو فی غاراتِها على سوریة مُنذ إسقاط طائرة “إف 16” قَبل عام، وباتَت تَلجَأ إلى الصَّواریخ المُوجَّهة لتَجنُّب سُقوط طائِراتٍ أُخرَى مُماثِلةٍ ممّا یُؤکِّد أنّ الدِّفاعات الجویّة السوریّة باتَت أکثَر تجهیزًا للتَّعاطِی بفاعلیّةٍ مع هَذهِ الطَّائِرات.
إسرائیل أقرّت بأنّها شنَّت أکثَر من 200 غارةٍ على أهدافٍ مُعظَمها إیرانیّة فی العُمقِ السُّوریّ فی الأشهُر الـ18 الماضِیة، ولا نَمْلُک دلیلاً یُشَکِّک فی صِحَّة هذا الرَّقم أو یُؤکِّده، ولکن ما نَملِکُه أنّ مُعظَم هَذهِ الغارات على أکثَرِها فَشِلت فی إنهاءِ الوجود العَسکریّ الإیرانیّ فی سوریة الذی ما زالَ على حالِه ویزداد قُوّةً، وهذا أوّلاً، أو مِن إضعافِ قُدرات الجیش العربی السوری الذی استعادَ الغُوطة کامِلةً، والجنوب السوری (درعا) فی الفَترةِ الأخیرة نفسها ثانیًا، وأنّ ترسانَة “حزب الله” اللُّبنانی من الصَّواریخ والعَتاد العَسکریّ تتضاعَف یَومًا بعد یوم، ثالثًا.
مَوقِع شرکة الأخبار الإسرائیلی (MAKO) نقل الیوم (الأحد) عن مَصادِرٍ استخباریّةٍ “أنّ القُوّة التی سیُشغِّلها الجیش الإسرائیلی فی حرب لبنان المُقبِلة ستَکون ثلاثة أضعاف تِلک التی حشدها فی حربِ تمّوز (یولیو) عام 2006″، وأضاف أنّ حزب الله لم یَنَم على أمجادِه فی تِلک الحرب بل واصَل تعزیز قُدراتِه الهُجومیّة، وباتَ یَملُک أکثَر مِن 150 ألف صاروخ، ویُمکِن أن یُطلِق المِئات مِنها یومیًّا ودُفعَةً واحِدةً”.
ما یُقلِق القِیادة العسکریّة الإسرائیلیّة فی رأیِنا لیسَت عدد هَذهِ الصَّواریخ فقط، وإنّما دِقّتها العالِیة أیضًا فی إصابَة أهدافِها، فقد کشف السید ناصر الدویلة، فی تغریدةٍ له على حسابه على “التویتر” (وهو ضابط سابق فی الجیش الکویتی وعَمِل مُستشارًا عسکریًّا لوزیر الدفاع) “أنّ أربع صواریخ إیرانیّة قصیرة المَدى (300 کلم) أصابت عمارة کانت المُعارضة الإیرانیّة تتَّخِذها مَقرًّا لها فی إقلیم کردستان أصابَ إحداها العَمارة بشَکلِ مُباشِرٍ ودمّرها، وآخَر سقط على بُعدِ أربعة أمتار منها، والاثنان الباقِیان فی مُحیطِها، ممّا یُحتِّم مُراجَعة الخُطط العسکریّة الخلیجیّة وقُدراتِها الدفاعیّة”، وهو هُنا کخبیر عسکری لا یُضَخِّم هَذهِ الصَّواریخ وفعالیتها، وإنّما یُحَذِّر الدُّوَل الخلیجیّة مِنها، ویُطالِب بخُطَّةٍ تسلیحیّةٍ مُتطوِّرةٍ لمُواجَهتِها، أو هکذا فَهِمنا.
***
نَعودُ إلى الغارةِ الصاروخیّة التی استهدفت مَطار دِمشق ونقول أنّها “ضربةٌ استفزازیّةٌ یائِسة”، هَدفها دِعائیّ بالدَّرجةِ الأُولى، تَعکِس حالةً من الارتباکِ الإسرائیلیّ بعد الفَشَل الذَّریع فی مَنعِ الجیش السوری من استعادَة مدینة دَرعا بدَعمٍ روسیٍّ وإعادَتها إلى سِیادَة الدَّولة، والقَضاء على الجماعات المُسلَّحة التی کانت تُسیطِر علیها، واعترَفت القِیادة الإسرائیلیّة بأنّها درَّبت وسلَّحت 12 مِنها، وإخراج القُوّات العَسکریّة الإیرانیّة وأذرُعِها العَسکریّة من سوریة.
الأمر المُؤکَّد، حسب آراء مُعظَم الخُبراء العسکریین أنّ هَذهِ الغارة الصاروخیّة سیکون تأثیرها مَحدودًا على سوریة وإیران معًا، المُنشَغلین حالیًّا فی التَّرکیزِ على معرکة إدلب، ولکن هذا لا یَعنِی أنّ هذا العُدوان السَّافِر وکل الغارات الأُخرى على سوریة ستَظَل بِلا رَدٍّ فی قادَم الأیّام، اللهُ جَلَّ وعَلا “یُمْهِل ولا یُهمِل”.. والأیّام بَیْنَ