زمن الحرب على إیران .. قاطنو قصور الزجاج نحو خطى ثابتة
الدکتور محمد بکر
کان بدهیا” ولزاما” فی ذات الوقت، أن یتصاعد خطاب التهدید الإیرانی على لسان حسین سلامی نائب قائد الحرس الثوری، عندما حذر من یسکن فی قصور الزجاج من ملوک وأمراء الخلیج بحسب تعبیره من تجاوز الخطوط الحمر، على خلفیة تصاعد الحملة السیاسیة والعسکریة ضد بلاده، ندوة متحدون ضد إیران التی عقدت فی جنیف، والاجتماع الذی عقده وزیر الخارجیة الأمیرکی مایک بومبیو مع نظرائه فی مجلس التعاون الخلیجی ومصر والأرن، لم تکرسا فقط صورة التحالفات الحاصلة الیوم، وطبیعة المحاور، بل أسست لمرحلة جدیدة حساسة وغایة فی الخطورة فیما لو کتبت فیها الاستمراریة وتغذیة النار.
توافق الخطاب الأمیرکی والإسرائیلی والخلیجی على هامش دورة الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی التحشید ضد إیران، وشیطنة الأخیرة وشرح مخاطر سلوکها وتوسع نفوذها، یقود بطبیعة الحال لما هو أعمق وأبعد من تکرار لهجة بعینها، أو تنامی خطاب بعینه استمر لسنوات طوال، نحو تفعیل أسس المواجهة مع الجمهوریة الإسلامیة، والانتقال بالصراع نحو جبهة جدیدة متجاوزا” الساحة السوریة والعراقیة وحتى الیمنیة، فی محاولة لتثقیل ماکان قد طرحه ولی العهد السعودی محمد بن سلمان، لجهة نقل المعرکة للداخل الإیرانی، ولعل استهداف العرض العسکری فی الأهواز ربما یشکل أول الغیث.
عوامل بالجملة مهدت للاستهداف والحملة المکثفة ضد إیران، منطلقها لیس فقط ماقاله لافروف أمام الجمعیة العامة للأمم المتحدة، بأن إیران کان لها الدور الفاعل فی محاربة الإرهاب فی سوریة، وهو مایعنیه الدور الرئیس لإیران فی إسقاط جملة من أوراق المشروع الأمیرکی فی المنطقة، بل أیضاً دور إیران فی إیلام الإسرائیلی بالمعنى المادی فی جبهتی غزة والجنوب اللبنانی.
لا یمکن معرفة ماهیة وحدود ماقیل عنه بأنه التحالف الشرق الأوسطی الاستراتیجی أو الناتو العربی، وهل بالفعل یسعى أطرافه لصیاغة مواجهة عسکریة مع إیران، سواء بالمعنى المباشر أو غیر المباشر، لکن المؤکد أن الإخفاق الإسرائیلی فی الوصول لنتائج مثالیة فی جبهات عدیدة سواء فی سوریة أو فلسطین فیما یتعلق بتمریر صفقة القرن، أو الحد من قدرات واستنزاف محور دمشق حزب الله، والفشل فی تحقیق المستوى الأدنى من الحد مما یقلق الإسرائیلی فی الجنوب السوری، ومتانة وصلابة الموقف الروسی تجاه حلفائه فی دمشق وطهران، فبادر لتزوید الأولى بمنظومة اس 300، وشکل ظهیرا” صلبا” للثانیة فی ذروة الحملة ضدها، کل ذلک دفع بالإسرائیلی لیرسم ملامح الحاصل الیوم تحت عنوان تصعیدی وبمصادقة أمیرکیة، من هنا نقرأ ونفهم ماقاله وزیر الخارجیة الفرنسی لجهة الإقرار بانتصار الأسد فی الحرب والذی ستستمر معه الحروب فی المنطقة إن لم یتم التوصل لاتفاق بشأن الأزمة السوریة.
الاتفاق بالاتفاق والنقض بالنقض والتهدید بالتهدید کما طرح الرئیس روحانی فی کلمته أمام الجمعیة العامة للأمم المتحدة ردا” على السیاسة الأمیرکیة تجاه بلاده، هل تشکل عامل ردع لخصوم طهران، أم تمهد لمزید من الرؤى والسیناریوهات وربما المواجهة وإن کانت آجلة، هذا هو السؤال المحوری؟
لا نعتقد أن تأجیج المواجهة مع إیران أو تفعیل سبل نقل الخراب والدمار الى داخلها، من الممکن أن یجلب الفوائد أو الحصاد الفاعل والنوعی لمن یدیرون ویمولون هکذا مشروع، بل سیزید من تعقیدات المشهد السیاسی وسیجلب الویلات والنیران، التی ستأکل من موارد ومقدرات دول الخلیج نفسها، قبل ان تطال ألسنتها الداخل الإیرانی.