زیارة وفد حماس لطهران وبحث آلیات تطویر المقاومة

إن أحد أهداف زیارة وفد حماس لطهران هو بحث آلیات تطویر المقاومة ورسم استراتیجیة مستقبلیة شاملة قوامها التأکید علی خیار المقاومة، وإتخاذ إجراءات لتسلیح الضفة الغربیة وتصعید وتطویر المقاومة فیها.

حسین رویوران*: وصل وفد رفیع المستوى من حرکة "حماس" برئاسة نائب رئیس المکتب السیاسی للحرکة، صالح العاروری، إلى العاصمة الإیرانیة طهران فی زیارة تستغرق عدة أیام. کما یضم الوفد قیادات من الحرکة، منهم موسى أبو مرزوق وماهر صلاح وعزت الرشق وزاهر جبارین وحسام بدران وأسامة حمدان وإسماعیل رضوان وخالد القدومی. ومن المقرر أن یلتقی الوفد کبار المسؤولین الإیرانیین بعدما التقی أمس بقائد الثورة الإسلامیة.

 

إن زیارة وفد حماس لطهران أجریت فی ظروف حساسة کثقفت فیها امریکا من خطواتها الهادفة لضمان أمن اسرائیل وابعاد الخطر عنها، إضافة إلی السعی الحثیث والمتواصل لجعل القضیة الفلسطینیة طی النسیان.

 

ما ینبغی ذکره فی الوهلة الأولی هو أن أمریکا طالما حاولت الحصول علی ضمانات تخدم المصالح الإسرائیلیة وذلک عبر توسطها مفاوضات السلام بین اسرائیل والسطلة الفلسطینیة، لکنها وبعد أن فشلت فی إقناع الفلسطینیین للتنازل عن کل شی لصالح اسرائیل، لجأت إلی حلول جدیدة من خلالها ضمان ماتریده اسرائیل؛ تلک الحلول تتمثل فی إدخال بعض الدول العربیة کالسعودیة فی عملیة المفاوضات وعبر ذلک تسعی للحصول علی مکاسب جدیدة لاسرائیل بهدف ضمان بقاء اسرائیل وأمنها وتبعد الخطر المحدق بها.

 

 أن امریکا تری بأن طریق بلوغ هذا الهدف هو تغییر المعادلات الاقلیمیة وایجاد تناقضات تؤدی إلی زعزعة الأمن والاستقرار فی المنطقة وابعاد اسرائیل عن دائرة التوتر. کما أنها(أی امریکا) تری بأن الخطوة الأولی تتمثل فی تحسین صورة اسرائیل لدی الرای العالم العربی، فطالما بقت اسرائیل هی العدو الرئیسی للأمة بالنسبة للرأی العام العربی، لایمکن إتخاذ أی خطوة یمکنها ان تضمن المصالح الإسرائیلیة. وعلیه ان إدارة ترامب ومنذ البدایة عملت بشکل مکثف علی طرح مبادرات تقرب اسرائیل من العالم العربی، وفی المقابل أخذت تروج إلی أن إیران تستهدف الإتلاف العربی الإسرائیلی فی محاولة منها للتأثر علی الرأی العام. وبالفعل قامت واشنطن باتخاذ العدید من الخطوات لتحقیق هذا الطموح لکنها فشلت ولم تحقق نتائج.

 

وبناء علی ماتقدم ذکره یمکننا ان نشیر إلی أهمیة وأهداف ودلالات زیارة وفد حماس إلی طهران فی هذه المرحلة الحاسة وفی ظل المحاولات الأمریکیة فی المنطقة.

 

إن صالح العاروی الذی یعتبر مؤسس فرع الضفة الغربیة للجناح العسکری لحرکة حماس، هو من یترأس الوفد الذی یزور طهران حالیا، وعلیه فان هذه الزیارة تمت فی إطار تقدیم الدعم للمقاومة وبحث آلیات تطویرها کخطة واستراتیجیة مستقبلة لمواصلة الکفاح ضد العدو.

 

جدیر بالذکر أن المنطقة فی الوقت الراهن تشهد صراعا بین تیار المقاومة والتیار الذی یرید السلام والتقارب مع اسرائیل؛ أی التیار الذی یقوم باتخاذ خطوات لتطبیع العلاقات مع اسرائیل ومن أبرز تلک الخطوات هو القیام باستضافة مؤتمر اقتصادی بهدف التمهید لصفقة شاملة تستهدف القضیة الفلسطینیة وحقوق الشعب الفلسطینی. فی حین أن المقاومة تقف إلی جانب الشعوب وتسعی لتحقیق ما تطمح إلیه الشعوب وتسعی إلی تحقیقه وهو الوصول إلی الحریة واللتحرر من الهیمنة الغربیة.

 

لکن مهما یکن ان امریکا فشلت فی أولی خطواتها والتی تمثلت فی إقامة ورشة اقتصادیة فی العاصمة البحرینیة. الموقف الموحّد الذی اتخذته القوى والفصائل والهیئات الفلسطینیة شکّل رفضاً وإدانة لورشة المنامة، کما انه شکل رفضا تاما للصفقة الأمریکیة والتی تعرف اعلامیا بصفقة القرن.

 

إذن إن اجراء زیارات وعقد لقاءات بین قادة دول محور المقاومة لرسم الخطوات القادمة وتطویر آلیات المقاومة أمر فی غایة الأهمیة. کخطوة أولی قامت إیران بانهاء سوء الفهم الحاصل بین حرکة حماس والحکومة السوریة. أما الخطوة الثانیة تتمثل فی رسم استراتیجیة مستقبلیة شاملة قوامها التأکید علی خیار المقاومة، وإتخاذ إجراءات لتسلیح الضفة الغربیة وتصعید وتطویر المقاومة فیها.
 


*خبیر فی الشؤون السیاسیة والإقلیمیة




ارسال التعلیق