البیان الختامی للاجتماع الثانی عشر للمجلس الأعلى للمجمع العالمی للصحوة الاسلامیة

 

الحمدلله رب العالمین والصلاة والسلام على سیدنا ونبینا محمد المصطفى (ص) وعلى أهل بیته الطاهرین وأصحابه المنتجبین.

بالتوکل على الله المتعال وتزامناً مع الأیام المبارکة لشهر ربیع الاول ومولد منقذ الانسانیة الکبیر سیدنا ونبینا محمد المصطفى (ص) وأسبوع الوحدة الإسلامیة عقد الاجتماع الثانی عشر للمجلس الأعلى للمجمع العالمی للصحوة الاسلامیة بحضور ومشارکة أکثر من 60 شخصیة علمیة وفقهیة وفکریة ومن کبار نخب العالم الإسلامی وذلک بدعوة کریمة من المجمع العالمی للصحوة الإسلامیة یوم السبت الثامن عشر من ربیع الاول 1441 هجری قمری المصادف للسادس عشر من تشرین الثانی 2019 میلادی فی فندق آزادی (الحریة) أعلن المفکرون والمثقفون والعلماء المجتمعون فی هذا الاجتماع عن سرورهم واعتزازهم بالانتصارات التی حققتها جبهة المقاومة فی المنطقة ومع أخذهم بنظر الاعتبار المرحلة التاریخیة التی تمر بها أمتنا الاسلامیة والمؤامرات الخطیرة التی یواجهها العالم الإسلامی

 

 أکدوا على النقاط الآتیة:

1.تعتبر الوحدة الاسلامیة من أهم المواضیع وعلى رأس الأولویات فی العالم الاسلامی حیث أن أعداء الإسلام وعلى رأسهم أمریکا والنظام الصهیونی یسعون من أجل فرض سیطرتهم على أرواح وأموال وأعراض المسلمین وفی المقابل إیجاد الأمن المستدام للنظام المغتصب لفلسطین ومن خلال نهب الثروات المادیة والمعنویة للأمة الإسلامیة وتضعیف الطاقات والإمکانات التی یمتلکها المسلمون  وإشغال الدول الاسلامیة بأمور ثانویة وزرع ونشر بذور التفرقة والفتنة بین أبناء الأمة الإسلامیة والعمل خلافا للحدیث الشریف "انما المؤمنون إخوة" من خلال تعمیق الاختلافات المذهبیة والقومیة والقبائلیة یسعون الى تحقیق اهدافهم الخبیثة.

 

یعتبر المشارکون فی هذا الاجتماع "وحدة العالم الاسلامی" وتحکیم روح الاخوة بین المسلمین هو الطریق الوحید لتحقیق النجاح والانتصار للمسلمین وهزیمة المشاریع والمؤامرات والمخططات الخبیثة للاستکبار العالمی والصهیونیة الدولیة ونوصی جمیع المسلمین بالتمسک والعمل بالقرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة باعتباره أفضل سبیل لتحقیق الأهداف الإسلامیة الأصیلة.

2.کما تم التأکید علیه مرارا فإن أهم وأول قضیة للعالم الاسلامی هی القضیة الفلسطینیة حیث نرى للأسف الشدید أن أمریکا وبالتعاون والتنسیق مع الصهیونیة العالمیة وضغطها على بعض الشیوخ والملوک العرب فی المنطقة تسعى من أجل تمریر تنفیذ صفقة القرن واغتیال قادة الجهاد الاسلامی والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائیل ونقل سفارتهم من تل ابیب الى القدس والاعتراف بضم الجولان المحتلة لاسرائیل واعتبارها من أراضی النظام الصهیونی فضلا عن عقد عدة مؤتمرات دولیة فی البحرین وعدد من الدول الاوروبیة وعشرات الاجراءات الاخرى التی تمهد لصفقة القرن.

إن هذا الاجتماع یستنکر مشروع صفقة القرن واغتیال قادة الجهاد الاسلامی لاسیما الأخ الشهید بهاء أبو العطاء ویدعو جمیع أبناء الشعوب الاسلامیة والأحزاب والمجموعات والتیارات والدول الإسلامیة إلى دعم الآمال والطموحات الفلسطینیة حتى تحقیق الانتصار الکامل وإزالة النظام الصهیونی الغاصب الظالم قاتل الأطفال ومساعدتهم.

 

3. لقد بذلت المنظمات الفلسطینیة خلال 70 عاما من احتلال فلسطین جهودا سیاسیة واسعة وکذلک قاومت فی سبیل إحقاق حقوق الشعب الفلسطینی لتعیین مصیر واستقلال فلسطین وفی المنحى السیاسی دخلت هذه المنظمات فی مفاوضات طویلة غیر مجدیة لم یتلقوا حیالها سوى نکث العهود وعدم منح أیة امتیازات للفلسطینیین وعدم الاستفادة من الفرص المتاحة وتوسیع المستوطنات ودعم الاستکبار العالمی للنظام الصهیونی الغاصب ولم یحصلوا على أی إنجاز للشعب الفلسطینی بینما استطاع سبیل المقاومة والصمود من خلال الاعتماد على الأحکام القرآنیة النورانیة ومن خلال التمسک بالآیة المبارکة "فاستقم کما أمرت ومن تاب معک" أن یحقق تحولات عمیقة على الساحات السیاسیة والأمنیة والعسکریة ولم یبق أمام الشعب الفلسطینی المظلوم والنازح والمشرد بعد أن تحمل مصائب وویلات التشرد وهدم البیوت والقتل والدمار سوى الجهاد واستمرار الصمود والمقاومة أمام الأعداء.

 

للأسف فإن النظام المهیمن على العلاقات الدولیة ونظام التزویر والقوة والاستکبار العالمی بقیادة أمریکا من خلال دعمه الکامل والتام للنظام الصهیونی قام بسلب الشعب الفلسطینی حقه فی الحیاة. لذا فإن الطریق الوحید لحل القضیة الفلسطینیة هو استمرار المقاومة والصمود والرد بقوة على المؤامرات الصهیونیة والأمریکیة حتى القضاء الکامل على النظام المحتل للقدس.

4. إن أمریکا وبعد إلحاق الهزائم المتکررة بها فی المنطقة قامت بتغییر سیاستها واتخاذ أسلوب ناعم فی المواجهة وقامت بالتدخل المباشر فی دول المنطقة. وبعد هزیمة مشروع الشرق الأوسط الجدید وسیاسة الحرب بالوکالة فی المنطقة والتعامل المزدوج مع المجموعات التکفیریة لاسیما داعش وتخریب البنى التحتیة وتدمیر الأماکن والدور السکنیة وقتل وإبادة الآلاف من الأبریاء وتشرید النساء والأطفال ونشر الفساد والحرب الأهلیة واللاأمن فی المنطقة وقتل الاخوة لبعضهم البعض.

 

وقد رفعت أمریکا أخیرا شعارات الدیمقراطیة والدفاع عن حقوق الانسان وقامت بالتدخل المباشر فی الشؤون الداخلیة لدول المنطقة مثل العراق ولبنان وسوریا حتى تحقق أهدافها فی نهب الثروات والخیرات لذلک فإن هذا الاجتماع یدین ویستنکر بشدة السیاسات الخبیثة والاجراءات التی تنفذها أمریکا فی المنطقة وکذلک یدعو جمیع الشعوب والحکومات الإسلامیة أن تحافظ على وعیها وبصیرتها فی مواجهة الشیطان الأکبر أمریکا وتعریة الأسالیب النفاقیة لهذا الشیطان وبالتالی إفشال مخططات الاستکبار العالمی لتحقیق أهدافه المشؤومة فی المنطقة.

5. وضع الاستکبار العالمی بقیادة أمریکا والصهیونیة العالمیة مخططاته الجهنمیة الهادفة إلى السیطرة على مصیر المسلمین والهیمنة على الشریان الأصلی وثرواتهم الحیاتیة والاقتصادیة وقد نفذ الکثیر منها ومن أهم هذه المشاریع نشیر إلى سعیهم لنشر الإسلام الأمریکی لتشویه صورة الإسلام النقیة وعرض صورة عنیفة ومشوهة عن الإسلام وذلک من خلال إشعال الحروب المذهبیة والقومیة والقبائلیة فضلاً عن الحروب الأهلیة وقتل الإخوة لبعضهم البعض وتخریب البنى التحتیة للعالم الإسلامی وتضعیف العالم الإسلامی وذلک بهدف ضمان الأمن للنظام الصهیونی.

 

کذلک سعى الاستکبار العالمی من خلال إشعال الضوء الأخضر أمام الطواغیت ودعم المستبدین من أجل تخریب وقصف أبناء الشعوب المسلمة فی الیمن وسوریا وغزة وبیع الأسلحة للحکومات العمیلة وإخراج الاقتصاد الأمریکی والأوروبی من الطریق المغلق الذی وصل إلیه.

لذلک فإن الإیمان القلبی بالمعنى الحقیقی للإسلام والترکیز على المصالح الحیاتیة للعالم الإسلامی والبصیرة ومعرفة عمق أهداف أعداء الإسلام وتحقیق التقریب العملی بین المذاهب الإسلامیة والاتحاد الواقعی فی مقابل الأعداء والمشارکة والتنمیة والتعاون فی جمیع المجالات تعتبر أهم السبل الکفیلة للوقوف بوجه مؤامرات الأعداء وبالتالی تحقیق الحضارة الإسلامیة الحدیثة.

6. إن هزیمة مشروع الحرب بالوکالة للاستکبار العالمی والنظام الصهیونی والرجعیة العربیة والقضاء على داعش فی المنطقة أدت إلى أن تقوم أمریکا بتنفیذ استراتیجیة جدیدة وهی اللجوء إلى الأسلوب العنصری المتطرف ووضع بعض الشعوب فی مواجهة حکوماتهم القانونیة والرسمیة لعدد من دول المنطقة والاستفادة من امبراطوریتهم الإعلامیة ومؤسساتهم الاستخباریة والأمنیة وقاموا بتحریک هذه الشعوب ضد حکوماتهم کما یحدث الآن فی العراق وبالتالی یحولوا حلاوة انتصار الشعب العراقی ضد داعش إلى مرارة لا تطاق.

إن الشعب العراقی من خلال وعیه وبصیرته المشهودة وانقیاده لخط المرجعیة العلیا سیجتاز هذه الأجواء الفوضویة وسیتابع إحقاق حقوقه القانونیة من خلال القنوات القانونیة ویستفید من تجربته الجهادیة ضد داعش والتکفیریین وسیخرج منتصراً ومرفوع الرأس إن شاءالله کما أن الحکومة العراقیة ینبغی علیها أن تراعی مصالح شعبها وتلبی مطالبهم من خلال السعی لحل مشاکلهم الاقتصادیة والاجتماعیة والمعیشیة.

7. إن لبنان الذی یمثل خط النضال والجهاد الأول ضد الصهاینة وشکل منطلق هزیمة مخططات الأعداء خلال العقود الأخیرة منشغل منذ عدة أشهر باضطرابات داخلیة بسبب سوء تدبیر بعض أرکان حکومته وقد استغل الأعداء هذه الحالة للنیل من الشعب اللبنانی والانتقام من هزائمهم خلال حرب الثلاثة والثلاثین یوماً وطردهم من الجنوب اللبنانی، لذک لابد للمسؤولین وقادة الأحزاب أن یقبلوا بمسؤولیتهم حیال قضایا المنطقة ویجدوا حلولاً ناجعة لمشاکل شعبهم ویشکلوا حکومة وطنیة بعیداً عن تدخل الأجانب وتقف أمام مؤامرات الصهاینة الهادفة إلى النیل من انتصارات الشعب اللبنانی وصموده أمام مؤامرات الصهاینة والرجعیة العربیة وتدعیم خط المقاومة.

 

8. إن دولة تدعی خدمتها للحرمین الشریفین ترتکب أبشع الجرائم منذ خمس سنوات ضد الشعب الیمنی المستضعف وترتکب أبشع الجرائم ضد الیمنیین العزل حیث أن الائتلاف العربی بقیادة السعودیة یرتکب کل یوم أبشع المجازر ضد الشعب الیمنی المجاهد إلا أن أنصار الله والمقاومة الیمنیة یقفون بکل صمود وقوة أمام حملات الأعداء ووجهوا لهم أشد الصفعات والضربات الموجعة لذا یتوجب على جمیع المفکرین والمثقفین والعلماء والأحرار أن یدعموا هذا الشعب بشتى الأسالیب السیاسیة والاجتماعیة حتى یرغموا النظام السعودی الذی ینتهک کل الحقوق الإنسانیة للشعب الیمنی على التراجع عن موقفه وینهی هذه الحرب الظالمة.

 

9. الآن وقد اجتازت شعوب منطقة غرب أسیا والشرق الأوسط أصعب الحروب وأکثرها دمویة فإنها دخلت مرحلة أخرى تستلزم اتحاد المسلمین وأبناء الشعوب المظلومة والوعی والبصیرة ومعرفة حقیقة العدو وتعریته أمام الآخرین وبالتالی یوفرون فرصة جیدة أمام الشعوب لنیل کرامتها وحیاتها السعیدة وضمان حاضر الأجیال المعاصرة ومستقبلها.

 

یشکر المشارکون فی الاجتماع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة قیادة وحکومة وشعباً على استضافتهم الکریمة ویثمنون عالیاً الأفکار المقاومة والآراء السدیدة والحکیمة لقائد الثورة الإسلامیة سماحة الإمام السید علی الخامنئی (حفظه الله) لتحقیق الوحدة الإسلامیة واستمرار خط مقاومة الاستکبار ونصرة المستضعفین کما یقدرون جهود الأمین العام للمجمع العالمی للصحوة الإسلامیة وجمیع المراجع والعلماء والنخب والمفکرین العاملین فی ساحة الصحوة الإسلامیة.

والسلام على من اتبع الهدى

2019.11.16 المیلادی / 18 ربیع الأول 1441

طهران فندق آزادی (الحریة)

 




ارسال التعلیق