ما بعد السلطان قابوس..کیف ستکون سیاسة عمان تجاه إیران؟

تعتبر العلاقات الإیرانیة العمانیة خلال السنوات الأخیرة علاقات عمیقة ومزدهرة وتلک الروابط والإشتراکات  لها جذور تاریخیة ولیست ولیدة هذه الأیام. 

کثرت التقدیرات فی وسائل الإعلام حول الوضع الصحی الذی یعانی منه "السلطان قابوس"، وفی هذا الصدد نشرت صحیفة "الغاردیان" البریطانیة تقریراً فیما یتعلق بحالة الملک قابوس الصحیة، ذلک التقریر الذی لاق رواجاً کبیراً محلیاً وعالمیاً. 

 

وجاء فی التقریر أن الملک قابوس یعانی حالة صحیة سیئة، وانه تجری مباحثات فی البلاط الملکی عن من سیخلف السلطان قابوس فی حکم عمان، وأضافت الصحیفة أن الملک قابوس حکم عمان قرابة ال50 عام وهو یعانی من حالة صحیة وخیمة. 

 

وأضافت الصحیفة ان السلطان قابوس" الذی لعب دوراً مفصلیاً فی سیاسة غرب آسیا لاربعین سنة غابرة، یعود الأسبوع الماضی من بلجیکا إلى عمان، فبسبب سرطان الأمعاء الذی یعانی منه الملک قابوس منذ 40 عاما واشتداد المرض علیه فی الفترة الأخیرة، سافر الملک قابوس لتلقی العلاج فی لجیکا، وکان من المفترض ان یبقى حتى نهایة ال2020 هناک إلا أنه عاد الأسبوع الماضی إلى عمان. 

 

ووفقاً للتقریر، فإن الملک قابوس لیس لدیه أی ولد، وبشکل بدیهی لم یعین خلیفته، ولکن کتب الملک قابوس فی وثیقة رسمیة الخیارات التی یراها مناسبة لمن یخلفه.

وفقاً للمادة 6 من الدستور العمانی، فإن الأسرة الحاکمة مکفّلة بتعیین حاکم جدید للبلاد بعد مضی ثلاث أیام من عزل او وفاة السلطان الموجود ولم یتم تعیین أحد بدلاً منه، فإذا لم یتمکن أعضاء مجلس الشورى الملکی من إنتخاب خلیفة للسلطان فإن مجلس الشورى الدفاعی العمانی سینتخب أحدا ممن اختارهم الملک قابوس فی وثیقته. 

 

فی الوقت الراهن وبالنظر إلى الحدیث حول عدم استقرار حالة السلطان قابوس الصحیة فإن السؤال الذی یطرح نفسه فی هذا المقام، هو انه کیف ستکون سیاسة عمان الخارجیة وبالخصوص سیاستها الخارجیة تجاه إیران؟، فهذا السؤال یتبادر إلى الأذهان، هل الروابط والعلاقات الحسنة بین إیران وعمان ستبقى کما هی بعد الملک قابوس أم انها ستتغیر؟

فی الحقیقة لا یمکننا ان نعتبر العلاقات الإیرانیة العمانیة علاقات کأی دولتین عادیتین، فإن الروابط بین طهران ومسقط استمرت بالإزدهار خلال الأربعین سنة الماضیة، وعلى الرغم من زعزعة العلاقات الدبلوماسیة بین بلدان کثیرة إلا أن العلاقات الإیرانیة العمانیة بقیت ثابتة ومحکمة.

 

ولا یجب ان ننسى أن العلاقات بین البلدین لها اصول وجذور تاریخیة ولا تعتمد على شخص بذاته، وکلا الطرفین لدیهم مشترکات کثیرة على أصعدة شتى، کالإشتراکات الثقافیة والتاریخیة التی ساعدت على تقویة العلاقات بین البلدین.

وایضاً بعد انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران اتبعت عمان سیاسة مسالمة مع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الامر الذی ساعد على تقویة العلاقات بین البلدین.

 

بناء على ما تقدم، من الواضح أنه حتى بعد انتهاء حکم السلطان قابوس فی سلطنة عمان، ستستمر العلاقات بین طهران ومسقط کما کانت من قبل، وسیاسة سلطنة عمان الخارجیة، وخاصة تجاه جمهوریة إیران الإسلامیة، سوف لا تشهد تغیرات ملموسة، ذلک نظرا إلى أن العلاقات بین الجانبین أصبحت نموذجًا فی مستوى العلاقات الدبلوماسیة بین الدول خلال العقود الأربعة الماضیة.

 

فی ضوء هذه العلاقات المتینة بین طهران ومسقط فقد توجه وزیر الخارجیة الإیرانی محمد جواد ظریف إلى عمان، وبقدر ما ترید إیران الحفاظ على تعزیز علاقاتها مع عمان، فإنه من الجانب الآخر یؤکد المسؤولون العمانیون على ضرورة تطویر العلاقات المشترکة بین البلدین.

 

هذا وإن إلقاء نظرة عابرة على هیکل السیاسة الخارجیة العمانیة على مدى السنوات القلیلة الماضیة تثبت حقیقة أن الجهاز کان دائمًا یدور حول "الحیاد" و "لعب الدور الأیجابی" فی حل أزمات المنطقة، سیاسة الحیاد التی تعنی أن سلطنة عمان دأبت على بذل قصارى جهدها لعدم الانخراط فی جبهات وائتلافات ومحاور سیاسیة ضد بعضها البعض. هذا هو السبب فی أننا لم نشهد مشارکة عمان فی التحالفات المناوئة لإیران فی المنطقة وحول العالم حتى الآن.

 

مصدر : وکالة مهر للأنباء

/انتهى/




ارسال التعلیق