هل تکتفی إیران برفض صفقة القرن أم لدیها حل بدیل؟

بقلم یاسر الخیرو

 

منذ أن بدأت التسریبات حول صفقة القرن بین محور التطبیع وبین القیادة الأمریکیة فی عهد ترامب، سارعت إیران وتیار المقاومة لرفض هذه الصفقة التی بانت معالم الشر فیها منذ الوهلة الأولى.

 

صفقة القرن وهی اسم على مسمى، إذ تعد من النوادر التاریخیة، ربما طرفة اقتصادیة وسیاسیة کبرى، محور التطبیع اتفق مع ترامب على تسلیمه أراضٍ فلسطینیة لا یملکونها وتولی دفع تعویضات للفلسطینیین من أموال الشعوب العربیة الأخرى، بذلک یحصل ترامب على أراضٍ جدیدة من فلسطین وعلى عقود لاعمار فلسطین تدفع ثمنها دول التطبیع أیضاً، وبذلک ستحقق أمریکا مکسب منح أراضٍ لربیبتها الغدة السرطانیة ومکاسب اقتصادیة.

 

على الجانب الآخر سیکسب الصهاینة مشروعیة واعترافاً شرعیاً من حکومات غیر شرعیة أساساً بالإضافة إلى کسبهم أراضٍ جدیدة على حساب أصحاب الأرض؛ ولن یقدموا أی شیء فی الصفقة، بل أن الصفقة تسمح لهم بالتوغل أکثر فی الأجزاء التی لم یحتلوها من فلسطین حتى الآن وتضیق الحصار على الفلسطینیین أکثر من ذی قبل.

 

الجانب الفلسطینی هو الآخر لن یحصل سوى على الخسائر فالصفقة تعرض علیه المال مقابل الأرض والاستسلام، مع تقدیم تسلیم الأرض والاستسلام على تسلیم الأموال وفرض الکثیر من شروط الاستسلام مما یجعلها صفقة عار بامتیاز لن یقبلها شخص فی عروقه قطرة من الدماء الفلسطینیة.

 

وأخیراً تجدر العودة إلى البائعین المطبعین وما سیجنونه من هذه الصفقة، الصفقة تفرض على الدول العربیة والسلطة الفلسطینیة تسلیم الأراضی للصهاینة والاستسلام، ودفع التعویضات للفلسطینیین بدلاً من الرابحین الصهاینة والأمریکان؛ کل ذلک مقابل ماذا؟

 

لن تحصل الدول العربیة على جدید فی هذه الصفقة، بل أن ارتمائهم فی الأحضان الأمریکیة أکثر من سابق سیؤسس للمزید من التوتر فی المنطقة بسبب انتشار القوات الأجنبیة التی لا ترید سوى امتصاص خیرات الأمة ویصب الصراع بین الدول الإسلامیة فی صالحها؛ من جانب آخر ستخسر هذه الدول بقایا المشروعیة التی تدعی وجودها، فالشعوب العربیة ما تزال تتغنى بأمجاد حرب 1973 ضد الکیان الغاصب وما تزال تتفاعل مع الألم الفلسطینی، والقدس هی أولى القبلتین وهذه حقائق لا یمکن للصفقات تغییرها.

 

على الجانب الآخر، رفضت إیران قیام دولة صهیونیة فی المنطقة، وهذا الرفض ظهر واضحاً فی کلام الإمام الخمینی حتى قبل انتصار الثورة، وترى إیران أن الحل الوحید المنصف یأتی عبر صنادیق الاقتراع فی فلسطین، بشرط أن یشارک فی الاقتراع أصحاب الأرض الأصلیین فقط ومن جمیع الأدیان.

 

الحل الإیرانی هو الأکثر دیمقراطیة وهو الحل المناسب لارضاء جمیع من یریدون الاحتکام للدیمقراطیة التی یدعیها الغرب، رغم أنه غیر قابل للتنفیذ حالیاً حیث یرحب به الفلسطینیون أصحاب الحق، ویرفضه الصهاینة المستوطنون ومن خلفهم الأمریکان؛ لکن هذا الحل یعد الیوم شوکة فی حلقوم أدعیاء الدیمقراطیة الغربیة، فمن یدعی الدیمقراطیة علیه أن یحتکم إلى هذا الحل، ومن یرفض الدیمقراطیة فهو من یفرض الحل العسکری فی المنطقة والجمیع أصبح یعلم أن الحل العسکری لم یعد یصب فی صالح الغرب أو الکیان اللقیط ومحور المقاومة فرض معادلات جدیدة فی المنطقة.

 




ارسال التعلیق