من یعتقد أننا سنتخلى عن مقاومتنا فهو واهم
جدران سفارة عوکر شاهدة على کل ما کان یُخطّط للبنان أمیرکیاً على مدى عقود خلت. إنما هذه المرة قرّرت الولایات المتحدة الأمیرکیة أن تخوض الحرب على هذا البلد بالأصالة، مع استخدام بعض الأدوات هنا وهناک إن اقتضى الأمر. وهو الأمر الذی یُفسّر "الوقاحة" غیر المسبوقة لسفیرة من المفترض أن تحترم القواعد الدبلوماسیة للبلد المضیف، أعنی السفیرة الأمیرکیة المدعوة دوروثی شیا والتی امتهنت منذ تولیها منصبها فی لبنان الادلاء بتصریحات تحاکی الحقد الأمیرکی. أمس الجمعة، هاجمت هذه السفیرة بحماسة مکوّناً أساسیاً من مکوّنات الشعب اللبنانی وممثل فی الحکومة والبرلمان. فمن یستمع لتصریح شیا الذی زعمت فیه أنّ "ملیارات الدولارات ذهبت إلى دویلة حزب الله بدلًا من الخزینة الحکومیة"، یلمس مستوى الحقد والوقاحة والغباء الذی تخطّت فیه شیا کل الأدبیات الدبلوماسیة. وهنا من المفید أن نقلب الآیة، لو أنّ السفیر الإیرانی فی لبنان قرّر التدخل فی الشؤون اللبنانیة وتحدّث عن مکوّن لبنانی بهذه الطریقة، ما الذی کان سیحصل؟. بالتأکید، کانت ستُصدر سفارة عوکر أول بیانات الإدانة.
رئیس الحزب الدیمقراطی اللبنانی النائب طلال ارسلان یُعلّق فی حدیث لموقع "العهد" الإخباری على تصریحات شیا، فیُشدّد على أنّ التدخل الغربی والأمیرکی تحدیداً لیس بجدید، ولم یکن یوماً لمصلحة لبنان واللبنانیین، فهم یقومون بما یحقق مصالحهم ویحمیها فی المنطقة، وهذا التدخل لم یکن لیؤثر بالفعالیة ذاتها لولا الاستجابة الحاصلة من بعض من فی الداخل له.
ویُشدّد ارسلان على أنّ حدیث السفیرة الأمیرکیة عن ملیارات الدولارات التی ذهبت لحزب الله بدلاً من الحکومة اللبنانیة یُثیر السخریة، والجمیع دون استثناء یعرف التفاصیل عن الفساد والفاسدین فی لبنان، الفساد الذی "عشش" فی السلطات والمؤسسات وإدارات الدولة کافة، وهذا أدى إلى سرقة الملیارات من الخزینة العامّة.
ویختم ارسلان حدیثه بالقول "ان الضغط الخارجی قد یؤثر علینا جمیعاً، على حلفاء الخارج قبل الخصوم، إنما من یعتقد أننا سنتخلى عن خطنا ومقاومتنا وتاریخنا مقابل الاقتصاد، فهو واهم ولا یقرأ التاریخ جیّداً".