لبنان.. إقرار للتدقیق الجنائی وحذر من الاستغلال السیاسی
بعد أخذ ورد وخلاف سیاسی على مدى أسبوعین، وافق مجلس الوزراء اللبنانی على التعاقد مع شرکة للتدقیق الجنائی مع شرکتین للتدقیق المحاسبی. قرار وصفه أکثر من مصدر وزاری بالإنجاز وخطوة أساسیة على طریق إصلاح المالیة العامة لا سیما أنه القرار الأول من نوعه منذ عقود.
فلقد وافق مجلس الوزراء اللبنانی فی جلسة أمس الثلاثاء على التعاقد مع الشرکات الثلاث، بعد نقاش مطوّل بین الوزراء خلال الجلسة بسبب ارتباط بعض الشرکات المطروحة بالعدو الإسرائیلی، وبعد طرح الموضوع على التصویت وافق المجلس بالأکثریة مع تسجیل وزراء حزب الله وحرکة أمل تحفظهم وصوّتوا بورقة بیضاء على قرار التدقیق المالی الجنائی، مع استثناء وزیر المالی غازی وزنی الذی صوّت مع القرار.
وعلمت صحیفة "البناء" أن الوزراء عماد حب الله (حزب الله) وحمد حسن (حزب الله) وعباس مرتضى (أمل) تحفظوا على اسم شرکة التدقیق نظراً للارتباط بـ"إسرائیل" ولیس على المبدأ، کما استند موقف الوزراء الثلاثة الى ما أکدته نائب رئیس مجلس الوزراء وزیرة الدفاع زینة عکر بأن کل شرکات التدقیق العالمیة فیها أعضاء إسرائیلیون. فیما أشارت مصادر أخرى لـ "البناء" إلى أن "وزیری الصناعة والصحة (حب الله وحمد) امتنعا عن التصویت لا سلباً ولا ایجابا"، کاشفة أن "بعض الوزراء تساءلوا عن احتمال أن یقوم بعض موظفی الشرکات بتسریب معلومات مالیة ومصرفیة خاصة بلبنان إلى جهات خارجیة وإسرائیلیة تحدیداً وطلب الوزراء ضمانات فی هذا الإطار فتمت إضافة بند على العقد بأن المعلومات التی تحصل علیها الشرکة تبقى ضمن لبنان وسیکون هناک ضوابط تقنیة للموضوع”. ورجّحت مصادر وزاریة أن توقع العقود لبدء عملیة التدقیق بین أسبوع وعشرة أیام على أن ینتهی بین مدة ثلاثة وستة أشهر.
وفی السیاق ذاته، کتبت صحیفة "الأخبار" "أن موقف حزب الله لیس رفضاً مطلقاً للتدقیق الجنائی، إنّما بمثابة اعتراض غیر معلن على تبلیغه إسم الشرکة قبل یومٍ واحد من موعد جلسة الحکومة، بما لا یسمح بوقت کافٍ للتأکد من خلفیة الشرکة ومدى النفوذ الإسرائیلی فیها، خصوصاً أن فیها موظفاً کبیراً خریج جامعات العدو ویحمل جنسیته. وجاء اعتراض حب الله بعد أن أکّدت وزیر الدفاع زینة عکر أن الأجهزة الأمنیة تبیّنت عدم وجود فروع للشرکة فی إسرائیل، وأن غالبیة الشرکات المالیة فی العالم یعمل فیها موظفون إسرائیلیون، ومن الصعوبة أن یتمّ إیجاد شرکات لا وجود لموظفین إسرائیلیین فیها. وقال حب الله لـ"الأخبار" إن "الموقف هو تحفّظ على المعلومات عن وجود موظفین إسرائیلیین رفیعین فی الشرکة، بانتظار معلومات جدیدة فی الأسبوع المقبل، مع تأکید کامل على موافقتنا على موضوع التدقیق الجنائی".
وأضافت أنه "مما لا شکّ فیه، أن حزب الله، مع عدم ممانعته التدقیق الجنائی، إلا أنه یترقّب عملیة استخدام سیاسی من جانب الأمیرکیین لعمل شرکات التدقیق الدولیة، ومحاولات تألیف مناخات معادیة له انطلاقاً من هذه العملیات، کما حصل سابقاً فی التحقیقات الدولیة، بدءاً من دیتلیف میلیس إلى شهود الزور، طالما أن المعرکة مع الأمیرکیین مفتوحة على کل الاحتمالات، وهناک تصاعد للضغوط والتحریض ضد الحزب فی الداخل اللبنانی. وکما حدث فی التلاعب فی التحقیقات باغتیال الرئیس رفیق الحریری لتلفیق اتهام أمنی - سیاسی، لیس هناک أی رادع من التلاعب بالتحقیقات لتلفیق ملف اتهامی على خلفیات مالیة.