لماذا لا يفتح ملف الأموال المنهوبة؟!
تعيش الساحة الفلسطينية أوضاعا معيشية واقتصادية صعبة، تزداد حدة ووطأة.. واذا ما استمرت فان التداعيات خطيرة، وكل المؤشرات التي ترتبط بالمتغيرات والتطورات في المنطقة وما تشهده من تحركات واصطفافات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، تدل على أن هذه الساحة ستدخل في حصار مرير تشارك فيه جهات وقوى تتطلع الى تحقيق أهداف عبر تسويق تسويات وانتزاع تنازلات ومواقف مهينة.
وبعيدا عن الضبابية والتمويه فان الخيارات ضافت وباتت الامال مفقودة والساحة بانتظار المجهول، خاصة وأن جائحة كورونا اضافت على شعب هذه الساحة أعباء جديدة، والقيادة الفلسطينية مهما سعت وحاولت وانتظرت فانها ستصطدم بصعوبة مواجهة التحديات والتداعيات وخطورة تلبية المطالب الضاغطة من جهات في الاقليم والساحة الدولية.
هنا، وأمام تدهور الوضع تبرز أهمية اللجوء الى خيارات كان يفترض ويجب أن لا تترك أو تعمل طوال السنوات الماضية وتركن على الرف لهذا السبب أو ذاك، وهي خيارات ومطالب اساسية نادى بها الشارع الفلسطيني وما يزال.
ومن بين هذه الخيارات "ملف الاموال المنهوبة" وما يرتبط به من تسيب وتجاوزات خطيرة، يمكن أن تشكل مع غيرها من الملفات عاملا قويا لانفجار واسع في الشارع في هذه المرحلة المفصلية، هذا الملف وكما ينظر اليه الشارع يجب أن يفتح، فهو خيار مهم وضروري، يمكن من خلاله اذا أحسن التعاطي معه بجدية ونوايا سليمة أن يتفادى الشعب وقيادته الرضوخ للضغوط الاقتصادية الممارسة من أكثر من جهة، كذلك من شأن هذا التعاطي تخفيف وطأة الوضع المعيشي الاخذ في التدهور، وعدم الوقوع تحت معول الابتزاز الذي بدأت تلوح به بعض الجهات المرتبطة باعداء هذا الشعب، والمضطلعة بدور خدماتي يمس الحقوق الفلسطينية وعدالتها.
ان خوض معركة استرجاع واستعادة الاموال المنهوبة ووقف التجاوزات المستمرة، وغير الخافية على هذا الشعب، بات أمرا مقدسا وملحا، فهي معركة عادلة، تعزز مقومات صمود أبناء هذه الساحة.
لقد بدأت هذه المعركة التي تثلج صدور الشعوب في سوريا رغم التحديات والجراح وفي الاردن، وطالت أسماء كبيرة متنفذة، انها معارك شرسة لكنها عادلة ومقدسة ولا بد منها، في وقت يعيش فيه الشعب، وضعا صعبا مؤلما.
في الاردن وسوريا، ألقي القبض على "حيتان" السارقين والفاسدين، وأغلقت أبواب السرقة في وجوههم، واعيدت منهم أموال بمقادير كبيرة يمكن من خلالها، تخفيف حدة الحصار وتقليل نسب العجز، والأهم أن هذه المعارك لاقت ارتياحا كبيرا في الشارعين الاردني والسوري.
ان الابقاء على ملف الأموال المنهوبة مغلقا ومنسيا أيا كانت الاسباب، يمكن أن يؤدي الى سقوط أنظمة واقصاء قيادات، واشعال فوضى لا تبقي ولا تذر، ولا تستطيع أية قيادة أن تصم اذانها عن صرخات المواطنين التي تزداد ارتفاعا، فلا أخد يقلل من وعيهم، ولا فائدة لمواصلة استغفالهم.
انها دعوة صادقة، في مرحلة مفصلية، وما يزال هناك وقت لمعالجة هذا الملف، ملف الاموال المنهوبة، بطرق وأشكال مختلفة، فالمساءلة، أحد أعمدة البقاء والصمود، وترسيخ الثقة بين المواطن وقيادته.