لبنان.. عودة الفراغ للسلطة التشریعیة؟

لا شک فی أن التخبط المحلی حیال التعاطی مع مرحلة ما بعد انفجار 4 آب سید الموقف، فکل المؤشرات تدل على محاولة القوى السیاسیة تقاذف الاتهامات وإبعاد المسؤولیات عنها، ما دفع ببعض النواب الوزراء إلى الاستقالة التی رأت مصادر متابعة بحسب صحیفة "البناء" أنها تعبر عن رسائل مرجعیات طائفیة ودینیة وسیاسیة، یمکن لمواقفها الدافعة باتجاه هز الاستقرار التقلیدی لنظام الطائف سواء بربط الانتخابات بتوافق على قانونها، وعدم التلاعب بولایة مجلس النواب خارج إطار التوافق نفسه، أن تؤدی لفتح الباب للحدیث عن سقوط الطائف بغیاب بدیل توافقی على نظام جدید، سواء من قلب الصیغة الطائفیة أو من خارجها، کما تتضمن دعوات الذهاب لنظام مدنی، فتکون النتیجة هی الفراغ والفوضى، بسقوط الصیغة التی أنتجها الطائف، بینما أصحاب دعوات الفدرالیة والحیاد یتوهمون أن سقوط شرعیة النظام القائم یجعلهم أقرب لطروحاتهم، فیأخذون البلد إلى حیث یصیر السلم الأهلی مهدداً، أو یجعلون لبنان وصیغة نظامه مواضیع خارجیة للتفاوض، لا یملک اللبنانیون فرص التأثیر علیها، والخارج الباحث عن مقایضات یجریها ویقیم علیها التسویات لن یزعجه تورط اللبنانیین فی منحه هذه الفرصة.

ورأت صحیفة "الأخبار" أن الحکومة ستستقیل لأن لا مکان لها فی مرحلة ما بعد ٤ آب.. الانفجار قلب الموازین الغربیة فی التعامل مع لبنان. کان هدف الحصار خنق لبنان واقتصاده وأحزابه، لا قتله. لکن الانفجار أودى بالبلد إلى أبعد بکثیر من الخطط الغربیة. هذا اغتیال بالجغرافیا استدعى تغییراً جوهریاً یضمن عدم انهیار لبنان. وصول الرئیس الفرنسی ایمانویل ماکرون إلى بیروت على وجه السرعة، لم یکن للتعزیة حصراً. زیارته أعلنت عودة الفراغ إلى السلطة التنفیذیة، تمهیداً لإعادة ملئها ببرکة الغرب. الزیارة، کما مضمونها التسووی، کانت مدعومة أمیرکیاً أیضاً. بحسب المعلومات، فإن اجتماعاً عقد فی الخارجیة الأمیرکیة فی الیوم الذی تلا الانفجار لتقییم الموقف. وقد خلص إلى أن الأولویة الیوم هی المحافظة على الستاتیکو القائم، لأن لا مصلحة أمیرکیة فی انزلاق الأمور وخروجها عن السیطرة. وقبل ذلک کانت السفارة الفرنسیة قد أجرت مسحاً بیّن لها أن الخیارات محدودة فی لبنان، ولا بدیل من إعادة لم شمل السلطة لمواجهة التحدیات.

المشکلة أن البدیل لم ینضج بعد. ربما تحرر سعد الحریری من الضغط الأمیرکی الذی یمنعه من تولی رئاسة حکومة تضم حزب الله، لکنه لم یحصل على الضوء الأخضر السعودی بعد. وفیما تعهد ماکرون بإعداد الأرضیة لتألیف حکومة الوحدة الوطنیة فی کل من إیران والسعودیة، یبدو أن السعودیة لیست متحمسة لعودة الحریری، ولیست مستعدة بعد للتسلیم لحزب الله بالبقاء بالحکومة.