تحلیل سیاسی : أنقرة ستواجه اسرائیل و هذه هی الأسباب!
بالنظر إلى سیل التقاریر المثیرة فی إسرائیل عن خطة إعادة فتح السیاحة إلى الیونان، قد یظن المرء خطأً أن هذا کان هو الغرض من الزیارة المُفاجِئة لوزیر الخارجیة الیونانی، نیکوس دیندیاس، إلى القدس، الخمیس 13 أغسطسآب. لکن هذا أبعد ما یکون عن الحقیقة.
فی ذروة "الدراما البحریة" التی تتکشَّف بین الیونان وترکیا على مدار الأیام القلیلة الماضیة، لیس الیونانیون فی عجلةٍ من أمرهم على الإطلاق فی هذه المرحلة للتعامل مع رحلات الطیران الأسبوعیة من بلدٍ غارقٍ فی فیروس کورونا المُستجَد. کان السبب الحقیقی وراء هذه الزیارة المُفاجِئة هو محاولة اجتذاب أکبر قدرٍ من الدعم من جانب إسرائیل، على الأقل فی الساحة الدبلوماسیة، للمعرکة المُحتدِمة ضد الأتراک، کما تقول صحیفة Haaretz الإسرائیلیة.
الیونان تستجدی مساعدة إسرائیل
یُتوقَّع أن یلتقی دیندیاس بوزیر الخارجیة الأمریکی، مایک بومبیو، الجمعة 14 أغسطس/آب، وسوف یعقد اجتماعاً طارئاً مع وزراء خارجیة الاتحاد الأوروبی حول الأزمة. وفی اجتماع الخمیس مع وزیر الخارجیة الإسرائیلی غابی أشکینازی، وبعد ذلک مع رئیس الوزراء بنیامین نتنیاهو، طَلَبَ دیندیاس دعم إسرائیل فی العموم، وکان هذا هو الحال فی اجتماعه مع بومبیو أیضاً. وتُعَدُّ هذه الزیارة هی الثانیة من دیندیاس لإسرائیل فی غضون وقتٍ قصیر، بعد أن زارها فی یونیو/حزیران الماضی، فی اجتماعٍ حکومی بین البلدین. أُثیرَت القضیة الترکیة آنذاک لأول مرة، حتى قبل أن تُطرَح مسألة السیاحة خلال أزمة فیروس کورونا المُستجَد.
تصاعَدَ الصراع البحری بین الیونان وترکیا على مصادر الغاز الطبیعی فی البحر المتوسط هذا الأسبوع، بعد سنواتٍ من التوتُّر. وفی یوم الإثنین 10 أغسطس/آب، أرسَلَت ترکیا سفینة مسحٍ إلى المنطقة المُتنازَع علیها، مصحوبةً بسفنٍ حربیة. وأخبَرَ وزیر الدفاع الترکی وکالة Reuters، یوم الأربعاء، قائلاً: "نحن نؤیِّد القانون الدولی وحسن الجوار والحوار"، لکن فی الوقت نفسه سوف تستمر ترکیا فی الدفاع عن حقوقها.
کان لإسرائیل تحالفٌ وثیقٌ مع الیونان وقبرص فی السنوات الأخیرة، ویرجع ذلک جزئیاً إلى تدهور علاقاتها مع ترکیا، وسارَعَت إلى إصدار بیانٍ داعم من وزارة الخارجیة، جاء فیه: "تتابع إسرائیل عن کثب، تصاعد التوتُّرات فی شرقی البحر المتوسط. وتعبِّر إسرائیل عن دعمها وتضامنها الکامل مع الیونان".
لکن من الواضح أن هذا سوف یکون التعبیرَ الوحید عن الدعم. تهتم إسرائیل أیضاً بمصادر الغاز الطبیعی وتضعها فی جدول أعمالها، فی ضوء خطتها الطموحة، إلى جانب الیونان وقبرص، لمدِّ خطِّ أنابیب لإمداد الغاز إلى أوروبا، التی تحاول إنهاء اعتمادها على روسیا. وهناک أوجه أخرى للتعاون أکثر سریة.
هل ستدعم إسرائیل الیونان بالفعل؟
تقول "هآرتس"، فی الوقت نفسه، إن إسرائیل لا تهتم بالدخول فی مواجهةٍ مع ترکیا، لذا فهی تحاول أن "تخطو بأکبر قدرٍ من الخِفَّة". وهذا ما جَعَلَ البیان الصریح الداعم للیونان "استثنائیاً للغایة". هَرَعَ الیونانیون إلى ترجمة البیان إلى الیونانیة وتوزیعه، والآن یحاولون دفع إسرائیل فی المعرکة بأعمق قدرٍ ممکن.
فی هذا الضوء، قد یکون تجدید السیاحة الإسرائیلیة إلى الیونان هدیةً صغیرةً للجمهور الإسرائیلی أو حکومة نتنیاهو، التی وَعَدَت بـ"فتح الأجواء" ابتداءً من الأحد 16 أغسطس/آب.
فی الأوقات العادیة، کانت إسرائیل تفضِّل إجراء تحسینٍ فی نمط التصویت بالأمم المتحدة کمکافأةٍ لها. لکن فی سیناریو أقل قلیلاً من السیناریو الأفضل، سیتطلَّب الأمر إلهاءً من الحکومة، التی تقدِّم هدایا ضئیلة للإسرائیلیین المُحاصَرین هذا الصیف فی بلدٍ مأزوم. کان من المُفضَّل أن تتلقَّى الحکومة استحساناً لخطة السیاحة إلى الجزر الیونانیة الخلَّابة، بدلاً من محادثةٍ بشأن الآثار المُترتِّبة على دخول إسرائیل فی مواجهةٍ مُتفاقِمةٍ بین عدوَّین فی البحر المتوسط.