مبادرة فیینا فی الدقائق الأخیرة لإنقاذ الاتفاق النووی

بدأت اللجنة المشترکة للاتفاق النووی، اجتماعها یوم الثلاثاء الماضی على مستوى نواب وزراء الخارجیة والمدیرین السیاسیین لوزراء خارجیة إیران ومجموعة 5 + 1 فی فندق کوبورغ بفیینا.

وبدأ الاجتماع السادس عشر للجنة المشترکة برئاسة عباس عراقجی، نائب وزیر الخارجیة الإیرانی، وهیلجا شمید، نائبة مفوض الاتحاد الأوروبی للشؤون الخارجیة ، فی فیینا ، فی ظل الظروف التی یتم فیها انتهاک الاتفاق النووی وعدم وفاء الغربیین بالتزاماتهم والخطورة التی تحیط بإجراءات البیت الأبیض لإعادة العقوبات، والآن یتعین على الأطراف المتبقیة إیجاد طریقة للحفاظ على الاتفاق.

افتتح الاجتماع فی حوالی الساعة 11:30 بتوقیت أوروبا الوسطى فی فندق کوبورغ فی فیینا بمشارکة ممثلین عن ست دول: إیران وألمانیا وفرنسا وبریطانیا وروسیا والصین کأعضاء متبقین فی الاتفاق النووی وممثل الاتحاد الأوروبی.

وعادة ما یُعقد اجتماع اللجنة المشترکة للاتفاق النووی کل ثلاثة أشهر، لکن هذه المرة تأخر ثلاثة أشهر أخرى بسبب تفشی فیروس کورونا. ویمکن اعتبار اجتماع فیینا الأخیر، على الرغم من عقده على مستوى نواب وزراء الخارجیة، أکثر جهد جدی من قبل الأطراف الحاضرة فی الاتفاق النووی لإنقاذ الاتفاق.

فیینا ضد جهود أمریکا لتفعیل عملیة الـSnapback

بینما تواصل أمریکا، خارج إطار الاتفاق النووی ومن خلال تفسیرها الأحادی الجانب لقرار مجلس الأمن رقم 2231، سعیها لإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن السابقة على إیران، والتی تم تعلیقها بموجب الاتفاق النووی، سیجتمع الأعضاء الباقون فی الاتفاق النووی بالإضافة إلى إیران فی اجتماع دوری للجنة المشترکة، على مستوى نواب وزراء الخارجیة لمناقشة آخر المستجدات والقضایا المطروحة على جدول الأعمال لتنفیذ أقسامها المختلفة.

وبقدر ما تسعى أمریکا إلى خلق التشوش والتوتر فی مجلس الأمن ضد الاتفاق النووی وایران، تسعى إیران، إلى جانب الصین وروسیا وأعضاء الاتفاق النووی الأوروبیین، إلى منع أمریکا وحلفائها الإقلیمیین من وضع العِصی فی دولاب الاتفاق.

تمکّنت إیران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة الأسبوع الماضی، من التوصّل إلى اتفاق لحلّ النزاع بعد أسابیع من المشاورات والمفاوضات والتبادلات السیاسیة الأسبوع الماضی.

وفی تقریرَیها حول تطبیق قواعد وأنظمة الحمایة فی إیران، والذی تزامن مع نشر التقریر الخاص بتنفیذ الاتفاق النووی على أساس الوثائق المزعومة والتی، بحسب المسؤولین الإیرانیین، کانت وثائق مزوّرة مبنیة على وثائق تجسس، طالبت وکالة الطاقة الذریة بإجراء تفتیش فی الموقعین غیر المعلن عنهما من قبل ایران.

ولم تعلن إیران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة أسماء هذین الموقعین رسمیاً، لکن یقال إن هذین الموقعین قریبان من أصفهان والآخر قریب من طهران. ولم تعتبر إیران حجج الوکالة لطلب الوصول إلى الموقعین متوافقة مع قواعد الحمایة وعارضت الطلب فی البدایة.

فی الوقت نفسه، فی الأشهر الستة الماضیة، وبعد مشاورات عدیدة، تمکّن الجانبان من إیجاد آلیة لحل النزاع الحاصل. وخلال زیارة رئیس الوکالة الذریة رفائیل غروسی لطهران، وافقت إیران طواعیة على منح حق الوصول للوکالة لتفقد الموقعین بموجب الضمانات الشاملة والبروتوکول الإضافی. وفی المقابل أعلنت وکالة الطاقة أنها لن تقدم طلبًا او سؤالًا فی إطار الوثائق والمستندات التی بحوزتها حالیًا.

ورحبت الدول الأوروبیة والصین وروسیا بالاتفاق بین إیران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة ، ومن بین الموضوعات المدرجة على جدول أعمال اللجنة المشترکة للاتفاق النووی، شرح هذا الاتفاق لأعضاء اللجنة.

وعلى هامش الاجتماع فی فیینا ، من المقرر أن یلتقی السید عباس عراقجی ، نائب وزیر الخارجیة ورئیس الوفد الإیرانی فی فیینا ، مع رفائیل غروسی ، مدیر عام وکالة الطاقة الذریة. هذا الاجتماع له أهمیة خاصة بعد أسبوع من الاتفاق بین إیران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة حول موضوع الضمانات والحمایة. وکان الاتفاق بین إیران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة من أهم الذرائع التی ساقتها أمریکا وحلفاؤها لعرض ملف إیران على مجلس الأمن عبر مجلس الحکام.

هذا الاتفاق ذو أهمیة کبیرة فی ظل الوضع المتوتر لمجلس الأمن واجتماع مجلس الحکام. لذلک، فإن اجتماع لجنة الاتفاق النووی المشترکة فی مثل هذه الظروف بهدف تحقیق قدر أکبر من التعاون والتنسیق بین الأطراف من أجل الحفاظ على الاتفاق النووی فی الأسابیع والأشهر القادمة له أهمیة مضاعفة. 

المرافقة العالمیة لقمة فیینا والاتفاق النووی

لقد لقیت قمة فیینا ترحیباً من قبل السلطات السیاسیة فی روسیا والصین وألمانیا باعتبارهم أحد الأطراف فی الاتفاق النووی، نظراً لحساسیاتها الخاصة فی الوقت الحالی وتزامنها مع الجهود الأمریکیة لتفعیل snapback. وفی هذا الصدد، أشار المندوب الروسی فی المنظمات الدولیة فی فیینا فی تغریدة له على تویتر إلى بدء اجتماع اللجنة المشترکة للاتفاق النووی فی الساعات المقبلة.

وکتب میخائیل أولیانوف، ممثل روسیا لدى المنظمات الدولیة فی فیینا ، عن بدء اجتماع اللجنة المشترکة قائلا: سیبدأ اجتماع اللجنة المشترکة للاتفاق النووی بمشارکة جمیع الأعضاء الحقیقیین فی الاتفاق النووی (ولیس أولئک الذین یدعون) فی فیینا فی غضون ساعات قلیلة. وکتب أولیانوف أن "المشاورات فی أطر مختلفة بدأت بالفعل".

على صعید آخر، شدد وزیر الخارجیة الألمانی فی مؤتمر صحفی مشترک مع وزیر الخارجیة الصینی على ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووی. وبحسب وکالة أنباء سبوتنیک ، قال وزیر الخارجیة الألمانی هایکو موس فی مؤتمر صحفی مشترک مع نظیره الصینی وانغ یی إن البلدین یشترکان فی وجهة نظر مشترکة مفادها أن الحفاظ على الاتفاق النووی ضروری. وأشار موس أیضا إلى أن القضیة نوقشت بالتفصیل فی مجلس الأمن فی الأسابیع الأخیرة.

الاقتراح الروسی بتمهید الطریق لمفاوضات بین طهران وواشنطن

بالتزامن مع اجتماع فیینا ، أعلن وزیر الخارجیة الروسی استعداد بلاده للتوسط بین إیران وأمریکا، وقال وزیر الخارجیة الروسی سیرجی لافروف إنه إذا کانت إیران وامریکا مستعدتین ، فإن بلاده مستعدة لتهیئة الظروف للحوار والمساعدة فی إجراء محادثات مباشرة بین البلدین.

وقال لافروف "نحن مستعدون للمساعدة فی إجراء محادثات مباشرة بین إیران وامریکا ولکن فقط إذا کان الجانبان مهتمان"، وقال وزیر الخارجیة الروسی، متحدثًاً فی جامعة العلاقات الدولیة (MGIMO) الیوم: "من الأفضل دائماً التعبیر عن آرائک مباشرة والاستماع مباشرة إلى الرد، وشدد: أنّ معاملة أمریکا لإیران فی قضیة الاتفاق النووی تشبه سلوک فیل ما فی متجر لأطباق قابلة للکسر.

وأشار لافروف إلى أن أمریکا، اضافة الى انسحابها من الاتفاق النووی، ترید الآن استخدام الآلیة القانونیة الصعبة التی تم بحثها فی الاتفاقیة، وهی الآلیة التی یمکن من خلالها إلغاء عقوبات الأمم المتحدة ضد إیران. ورفعت العقوبات عام 2015 بعد عقد الاتفاق النووی. هذا الأمر مستحیل، لأنه أولاً ، لا أساس لإعادة فرض العقوبات لأن إیران توفی بالتزاماتها الى اقصى حد ممکن. وثانیًا ، فقدت أمریکا حقها بعد انسحابها من الاتفاق النووی.