سعی فلسطینی لتفعیل التحالفات الإقلیمیة.. هل بدأ النضال مرحلة جدیدة؟
نقاش بین أمناء الفصائل الفلسطینیة بشأن قواعد الاشتباک مع الاحتلال الإسرائیلی، وتفعیل التحالفات الإقلیمیة والدولیة لمواجهة مخططاته، فهل یتم تحصین القضیة الفلسطینیة وحمایتها؟
"المساس بالقدس ممنوع"، هی رسالة الفصائل الفلسطینیة فی اجتماعها برئاسة الرئیس محمود عباس بین بیروت ورام الله.
"إنهاء الانقسام، تحقیق المصالحة، وتطویر المقاومة الشعبیة الشاملة وتفعیلها"، هی عناوین عریضة وضعها الأمناء العامون للفصائل الفلسطینیة خلال اجتماعهم الأخیر.
من بیروت إلى رام الله، رسم المجتمعون خریطة واضحة للمرحلة المقبلة، فهی لا تحتمل انقسامات ولا خلافات.
الوحدة الفلسطینیة، والمقاومة العسکریة هما الخیاران الأساسیان اللذان أکد الأمناء على تفعیلهما وتطویرهما لمواجهة صفقة القرن ومشاریع الضم وتبعات التطبیع المتنامی.
وقررت الفصائل تشکیل لجنة تقدم رؤیة استراتیجیة للمصالحة وإنهاء الانقسام.
فی الشکل، صورة الأمناء العامین للفصائل الفلسطینیة معاً بالغة الأهمیة والدلالات، وفی المضمون اتفاق على الثوابت وإجماع على استعادة الحق.
یؤکد نائب الأمین العام للجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین، أبو أحمد فؤاد، أن "وحدتنا یمکن أن تشکل رادعاً لمن یعتدی علینا".
وأضاف، أن "ما یوصلنا إلى إنهاء الانقسام هو إلغاء اتفاق اوسلو لأنه أساس البلاء"، موضحاً أنه "لمسنا إدراکاً من الجمیع بما فیهم السلطة أن هناک خطراً داهماً على القضیة الفلسطینیة".
وشدد أبو أحمد فؤاد على أنه "نرید منظمة تحریر تمثل الـ13 ملیون فلسطینی، والداخل والخارج وکل الشعب الفلسطینی"، لافتاً إلى أنه "نحن مع انتخابات للمجلس الوطنی الفلسطینی تشارک فیها کل القوى".
وأشار إلى أنه "لا نفهم سبب الاعتداء الإماراتی علینا والتدخل فی شؤوننا الداخلیة"، مقتبساً من الأمین العام لحزب الله السید حسن نصر الله وقال "نحن فی غزة قادرون على إیقاف الإسرائیلی على نصف رجل کما یقف على رجل ونصف على حدود لبنان".
من جهته، قال نائب الأمین العام للجبهة الدیمقراطیة لتحریر فلسطین، فهد سلیمان، إنه "فی بیان الأمناء عودة إلى الثوابت والجذور".
وأشار فی حدیث له، إلى أن "متابعة تنفیذ مقررات الاجتماع یقع على عاتق لجان ستجتمع قریباً"، معتبراً أن "ثمة مواجهة یجری التحضیر لها ویجب أن نکون حاضرین لها".
وأکد سلیمان، أن "الحدیث عن المقاومة الشاملة یعنی الکفاح المسلح والمقاومة الشعبیة والعصیان المدنی والمقاطعة"، منوهاً إلى أن "ما خرج به الاجتماع لجنة متابعة وقیادة میدانیة موحدة ولجنة مصالحة تضع آلیات العمل".
ولفت إلى أنه "لدى الشعب الفلسطینی وحدة وطنیة، ولا وجود لانشطارات اثنیة وطائفیة"، مشدداً على أن "المدخل لتنفیذ کل ما هو مطلوب یکون عبر الشراکة".
وقال سلیمان إن "الأنسب هو اختیار طریق التوافق الوطنی، وصولاً لتأمین الشراکة التی تمهد للعمل الدیمقراطی"، وأوضح "نحن لسنا بصدد تطبیع بل بناء محور یهیمن على المنطقة".
ونوه سلیمان إلى أنه "لا یمکن أن یستقیم أی محور مقاومة فی المنطقة ما لم یکن الشعب الفلسطینی ضمنه"، مرحباً بأی "دعوة توجه لنا لجمع الفلسطینیین اذا کانت دعوة صادقة".
صورة إیجابیة قابلتها وسائل إعلام إسرائیلیة بمحاولات استفزاز الجانب الفلسطینی
الصورة الإیجابیة لاجتماع الأقطاب الفلسطینیین، بدا وکأنها أزعجت الطرف المدان الذی وجهت إلیه رسائل المجتمعین.
على غیر عادتها فی نقل الأخبار والأحداث، اختارت وسائل الإعلام الإسرائیلیة تجاهل نتائج الاجتماع، مظهرة حرصاً على الإساءة لهذه الصورة الإیجابیة الموحدة.
وعلى خطین متوازیین عمل الإعلام الإسرائیلی على توهین نتائج الاجتماع وتشویهها.
الخط الأول کان فی محاولة استفزاز السلطة الفلسطینیة من خلال الرغبة فی إظهار رئیس المکتب السیاسی لحرکة حماس، إسماعیل هنیة، کزعیم فلسطینی بامتدادات إقلیمیة من خلال الإضاءة على زیاراته الأخیرة.
الخط الثانی، استفزاز فصائل المقاومة من خلال الرغبة فی تسریب معلومات عما یسمیه الإعلام الإسرائیلی "اتصالات بین جهات أمنیة إسرائیلیة"، وجهة مقربة من الرئیس الفلسطینی محمود عباس.
یبدو أن هذه المحاولات الإسرائیلیة لخلق شرخ بین المکونات الفلسطینیة من خلال اللعب على الحساسیات، لم تؤت أکلها، فالمقاومة الفلسطینیة مصممة على السیر فی مقرارات الاجتماع، وهو ما أکد علیه إسماعیل هنیة الذی عاد ووجه رسالة للإسرائیلیین من بیروت قائلاً إنه "لا مستقبل لهم على أرض فلسطین".
یؤکد مسؤول الدائرة السیاسیة فی حرکة الجهاد الإسلامی، محمد الهندی، أن أهمیة الاجتماع أنه حصل بدون وسطاء وباستضافة بیروت.
وأضاف، أن "من مهام اللجان إعادة بناء منظمة التحریر الفلسطینیة وإدخال حماس والجهاد فی المنظمة"، مشدداً على أن "الکفاح المسلح هو على رأس المقاومة مع میل لتفعیل المقاومة الشعبیة فی الضفة".
وأشار الهندی إلى ضرورة "إنهاء التنسیق الأمنی بالکامل، وتصبح الضفة فی مواجهة مباشرة مع العدو"، معتبراً أنه "یجب أن تتحول المواقف التی أطلقت فی اجتماع الأمناء إلى أفعال على أرض الواقع".
ولفت إلى أن "غزة أصبحت قلعة للنضال وتقوم بتصنیع سلاحها"، منوهاً إلى أنه "فی الإقلیم قوى صاعدة ومهمة لها وزنها فی المنطقة مثل إیران وترکیا".
ما تحقق بدایة مسار طویل، فیها الکثیر من الرغبة بالتعاون والتقارب والابتعاد عن الشعارات، والدخول مباشرة فی صلب الموضوع: التمسک بالحق فی الدولة والعاصمة المستقلة، ولیس بأی عاصمة بل بالقدس.
أثبت الشعب الفلسطینی قدرة على الصمود والصبر، وبرهنت المقاومة بکفاءة عن قدرة على القیادة ،وعلى البناء على ما تحقق وعلى إکمال الإنجاز.
مرحلة أهمیتها بحجم المخاطر المحیطة، ففی الوحدة قوة، وبالقوة یبدأ طریق الانتصار.