شبح التطبیع الثقیل یلقی بظلاله على قمة الجامعة العربیة

عقد یوم الاربعاء الاجتماع الـ 154 لجامعة الدول العربیة برئاسة فلسطین لبحث بعض القضایا المهمة للدول العربیة ، وقد انعقد هذا الاجتماع فیما طغت علیه مناقشة تطبیع العلاقات بین الإمارات العربیة المتحدة والکیان الصهیونی ، وفی هذا الصدد قال مسؤول فلسطینی لبعض المصادر العربیة إن فلسطین قدمت یوم الاثنین طرحاً إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة لإدانة تطبیع العلاقات بین الإمارات والکیان الصهیونی ، على أن یتم بحثها فی اجتماع ممثلی الأمم المتحدة یوم الثلاثاء للتحضیر لاجتماع یوم الأربعاء ، وأضاف أن الخطة نوقشت أیضا خارج الاجتماعات الرسمیة بین الأعضاء یوم الثلاثاء ، وأثارت هذه القضیة احتجاجات ومعارضة من الإمارات والبحرین ، وأدت إلى تهدید الإمارات بالانسحاب من الجامعة العربیة.

وبناءً على ذلک ، یمکن التساؤل حول تأثیر مساعی الإمارات والأطراف الأخرى لدعم التطبیع أو على الأقل إزالة موضوع تطبیع العلاقات بین أبوظبی وتل أبیب من جدول أعمال الاجتماعات ، على هذا الاجتماع؟ وإلى جانب ذلک ، هل سیؤدی هذا الاجتماع إلى النتائج المرجوة لإمارة أبوظبی لدعم التطبیع؟

محاولات إماراتیة لموائمة جامعة الدول العربیة مع التطبیع

أقدمت دول مختلفة فی العالم العربی على تقییم واظهار ردود الفعل تجاه الامارات العربیة المتحدة عقب إعلانها لتطبیع علاقاتها مع الکیان الصهیونی ، ولکنها فی هذه الأثناء لم تواجه معارضة من معظم الدول المؤثرة فی جامعة الدول العربیة ، وقد فهمت هذه النقطة جیدًا انها لن تواجه أی خطر فی هذا الصدد فی الاجتماع المقبل لجامعة الدول العربیة ، لکن فی غضون ذلک ، فان المواقف القویة للفصائل الفلسطینیة والمطالبة الفلسطینیة بعقد اجتماع وزاری للجامعة العربیة لمراجعة اتفاق تطبیع العلاقات بین الإمارات والکیان الصهیونی الذی جرى الأسبوع الماضی ، کان التهدید الأکثر أهمیة لأبو ظبی.

وعلیه ، وفی بدایة الامر، أعلن الأمین العام لمجلس التعاون الخلیجی ، الذی سبق أن أدانه القطریون لإبداء آرائه الشخصیة فی قالب مواقف المجلس ، انه یتعین على رام الله الاعتذار عن المواقف المتشددة التی اتخذتها بعض الأطراف فی اجتماع الفصائل الفلسطینیة الذی جرى فی بیروت یوم الخمیس الماضی ، وعقب جهود الإمارات وبعض الجهات التابعة لأبوظبی ، أحبطت البحرین محاولة فلسطینیة لعقد اجتماع وزاری لبحث اتفاق تطبیع بین الإمارات والکیان الصهیونی ، وتم عقد اجتماع جامعة الدول العربیة یوم الاربعاء بشکل دوری.

لذلک ، وقبل انطلاق قمة جامعة الدول العربیة ، حاولت أبوظبی وبعض حلفائها نقل رسالة إلى رام الله مفادها أن الاجتماع لن یتخذ موقفاً من تطبیع العلاقات بین الإمارات والکیان الصهیونی ، وان هذا الامر یعد خط احمر للامارات وبعض الاطراف.

بالإضافة إلى ذلک ، حاولت الإمارات والسعودیة ومصر تحویل مسار النقاش من خلال تسمیة ترکیا بأنها أخطر تهدید حالی لمصالح الدول العربیة ، وأشار الأمین العام المصری لجامعة الدول العربیة إلى ترکیا وتهدیداتها للدول العربیة فی الأجزاء الرئیسیة من خطابه ، کما کرس جزءًا من خطابه للموقف المتکرر والمزاعم غیر الواقعیة من التهدیدات الإیرانیة ، کما خلص وزیرا خارجیة مصر والسعودیة إلى توافق القاهرة والریاض بالتنسیق مع أبوظبی بان ترکیا هی التهدید الأول والراهن للعالم العربی ، وتحت هذه الذریعة فإن أی موقف یهمش هذه القضیة یعتبر موقفاً خلافیاً ومبعثاً للفتنة ، وفی حالة فلسطین ، بذلت جهود على غرار المحور الوالی لأبو ظبی لمعارضة خطة الضم (والتی تعتبرها أبوظبی هدفاً اساسیاً من التطبیع) وإقامة دولة فلسطینیة مستقلة ضمن حدود عام 1967 ، وهو أیضًا شرط مسبق للسعودیة والبحرین وبعض الدول العربیة الأخرى هناک لتطبیع العلاقات مع الکیان الصهیونی.

لذلک ، یبدو أن أبو ظبی وحلفاءها یسعون فی المقام الأول لإخراج قضیة إدانة تطبیع العلاقات بین الإمارات والکیان الصهیونی من محور اجتماع جامعة الدول العربیة ، ثم القبول والتشجیع الضمنی لهذا الإجراء من خلال اتخاذ بعض المواقف.

موقف جامعة الدول العربیة من التطبیع

على الرغم من أن الفصائل الفلسطینیة فی الاجتماع مشترک فی بیروت اتخذت موقفًا قویًا ضد التطبیع ، الأمر الذی أثار مخاوف جدیة فی أبو ظبی ، لکن یبدو أن انسحاب السلطة الفلسطینیة من تلک المواقف لن یدعم فقط القضیة الفلسطینیة ، لکنه سیشجع أیضًا أبو ظبی والدول التی تصطف معها على تطبیع العلاقات مع الکیان الصهیونی.

وفی هذا الصدد أفادت وکالة رویترز أن السلطة الفلسطینیة خففت انتقاداتها لاتفاق التطبیع بین الإمارات والکیان الصهیونی قبل اجتماع جامعة الدول العربیة یوم الأربعاء ، ووفقاً لهذا التقریر فقد تم طرح مسودة قرار لجامعة الدول العربیة من قبل المندوب الفلسطینی فی هذه الهیئة لا یشمل أی طلب لإدانة الإمارات أو اتخاذ أی إجراء ضدها بسبب الاتفاق المذکور ، وکانت السلطة الفلسطینیة ، التی وصفت سابقًا اتفاق الإمارات مع الکیان الصهیونی خیانة وطعنًا فی ظهر الشعب الفلسطینی ، قد صاغت قرارًا إلى جامعة الدول العربیة تقول فیه: لا ینتقص هذا الاتفاق من الإجماع العربی على قضیة فلسطین باعتبارها القضیة الرئیسیة لجمیع الدول العربیة ، ودعم جمیع الدول الأعضاء للحقوق القانونیة وغیر القابلة للتصرف للشعب الفلسطینی ، وفوق ذلک کله ، حق تقریر المصیر وموضوعیة الدولة الفلسطینیة المستقلة فی عام 1967 وعاصمتها القدس.

معتبرا أن ذلک یعد تقصیرا للسلطة الفلسطینیة عن مواقفها السابقة ، وتم القیام به من أجل إدراج موقف دعم فلسطین فی البیان الختامی بأی صفة أو سعر کان ، یبدو أن جامعة الدول العربیة لن تتخذ موقفا یدین تطبیع علاقات الإمارات مع الکیان الصهیونی.

والحقیقة أنه بالرغم من مساعی الإمارات وحلفائها لتقدیم صورة عدو جدید للدول العربیة بدلاً من الکیان الصهیونی (أی ترکیا) والضغط على فلسطین للبقاء صامتة فی وجه التطبیع من أجل الحفاظ على وحدة الوطن العربی فی وجه عدوهم الجدید والمشترک ، وتراجع السلطة الفلسطینیة عن مواقفها السابقة أطلق رصاصة الرحمة على الموقف المحتمل المتمثل فی إدانة التطبیع ، بحیث لا یذکر البیان الختامی المحتمل لهذا الاجتماع ذلک الامر نهائیاً.