الجیش الأمریکی أمام حدث مهم کشفت عنه مناورات "ذو الفقار 99"
یمکن اعتبار غواصات فئة "غدیر" کأول جهد جاد ومثمر فی إیران، لبناء وإنتاج الغواصات بکمیات کبیرة، وفی الوقت الحاضر، یمکن القول إن جمهوریة إیران الإسلامیة تُعرف بأنها المنتج والمالک الوحید لأسطول الغواصات الخفیفة التی تسمى "الغواصة القزمیة" فی العالم.
بالطبع، لا تقتصر الخبرة والقدرة الفنیة لصناعة الدفاع الإیرانیة على تصمیم وبناء غواصات خفیفة، وفی السنوات الأخیرة تمت إضافة قدرات خاصة ومهمة للغایة إلى أسطول الغواصات من فئة "غدیر".
کانت المناورات الأخیرة للبحریة التابعة لجیش جمهوریة إیران الإسلامیة، فرصةً جیدةً لإظهار قدرة مهمة أخرى إلى العالم، یمکن أن تُدخل "غدیر" فی مرحلة جدیدة من استعراض القوة.
فی هذا التقریر سوف نلقی نظرةً على هذه الفئة من الغواصات وقدراتها الخاصة، بما فی ذلک مشروع "جاسک 2"، وهو ما یعنی إمکانیة إطلاق الصواریخ من الغواصات.
تمثِّل منطقة الخلیج الفارسی، باعتبارها منطقة میاه صغیرة وضحلة غالباً، تحدیاً کبیراً لمعظم الغواصات، حتى أنواع الدیزل الإلکترونیة ذات الأوزان العادیة. فی الأساس، تحتاج هذه المنطقة إلى سفن صغیرة وخفیفة فی حرب الغواصات، والتی یمکن القیام بها بتکلفة منخفضة وبالطبع طاقم قلیل.
تحت الماء فی الخلیج الفارسی هو فی الواقع بیئة ذات جغرافیا معقدة، تجعل منها جمیع أنواع المنخفضات والتلال، بیئةً صعبةً للغایة للغواصات العادیة، ولهذا فإن الغواصات من فئة "کیلو" التی تم شراؤها من روسیا فی أوائل السبعینیات للبحریة التابعة لجیش جمهوریة إیران الإسلامیة، لم تکن مناسبةً بما فیه الکفایة لهذه البیئة.
وقد أدت هذه القضیة إلى قیام خبراء صناعة الدفاع الإیرانیة بتصمیم وبناء جیل جدید من الغواصات الصغیرة والخفیفة لمنطقة الخلیج الفارسی.
بدأ إنتاج الغواصات من فئة "غدیر" حوالی عام 2006، وفی عام 2018 تم تسلیم آخر غواصة منها إلى البحریة التابعة لجیش جمهوریة إیران الإسلامیة علنًا. وتشیر بعض التقدیرات إلى أن حوالی 15 من هذه الغواصات، قد دخلت فی خدمة البحریة التابعة لجیش جمهوریة إیران الإسلامیة.
تزن هذه الغواصات حوالی 120 طنًا، ویبلغ طولها حوالی 30 متراً، ومن حیث الأسلحة، تم تجهیز هذه الغواصات بقاذفات طوربید 533 ملم.
قلب قوی نابض لغواصة "غدیر" الإیرانیة
فی عام 2018، وأثناء تسلیم غواصتین من فئة غدیر، تم الإعلان عن أخبار مهمة تتعلق بترکیب أنظمة دفع جدیدة لهذه الغواصات. محرکات BLDC هی جیل جدید من الوقود الدافع الذی تم تطویره لهذه الغواصات.
محرکات BLDC (محرکات DC بدون فرشات) هی نوع من المحرکات المتزامنة، وهذا یعنی أن المجالات المغناطیسیة تتولد فی العضو الدوار والجزء الثابت بنفس التردد، لا تنزلق المحرکات الکهربائیة التی تعمل بالتیار المستمر عدیمة الفرشاة بنفس طریقة انزلاق المحرکات الحثیة، وتتوافر محرکات BLDC فی أنواع أحادیة الطور وثنائیة الطور وثلاثیة الطور.
هذه المحرکات أصغر من المحرکات الإلکترونیة التقلیدیة، وهی أکبر نقطة إیجابیة بالنسبة للغواصة وخاصةً فی حجم "غدیر"، فی الوقت نفسه، ینتج هذا المحرک، بحجمه الأصغر، مزیداً من الکفاءة والقوة، وبسبب عدم وجود فرشاة، فهو أکثر هدوءاً من النماذج المعتادة للمحرکات الإلکترونیة.
والمیزة الأخرى لهذا النوع من المحرکات هی قلة الحاجة إلى الصیانة، ما یقلل بشکل کبیر من وقت وتکلفة الإصلاح وفترة الإصلاح.
وإذا کانت النقطة السلبیة لهذا النظام، وفقاً للتعریفات الأجنبیة، هی سعره الأعلى مقارنةً بالنماذج القدیمة، ولکن فی مقابل مزایا نظام الدفع هذا على وجه الخصوص، والزیادة الکبیرة فی القوة القتالیة الإیرانیة تحت السطح فی منطقة الخلیج الفارسی ومضیق هرمز الحساسة، سیکون من الممکن الدفاع عن هذا السعر، وبالطبع سینخفض هذا الرقم مع الإنتاج الضخم.
بطبیعة الحال، من المهم جداً الإشارة إلى أن جمهوریة إیران الإسلامیة هی أول دولة تقوم بتثبیت هذا النوع من المحرکات تشغیلیاً على غواصات الدیزل الإلکترونیة الخاصة بها.
مشروع جاسک 2 وقوة خاصة لغواصات "غدیر" التابعة للبحریة الإیرانیة
یمکن اعتبار "جاسک 2" من أهم مشاریع الصواریخ الاستراتیجیة فی المجال البحری، لأن هذا المشروع أعطى القدرة إلى الغواصات الإیرانیة على إطلاق صواریخ کروز من تحت الماء. وهی قدرة خاصة وفریدة من نوعها قد تکون متاحةً لأقل من 10 دول فی العالم.
وینبغی ملاحظة أن بعض النماذج النشطة من الغواصات الصغیرة فی العالم أو النماذج المقترحة، کلها مسلحة بطوربیدات، ولا یتم تزویدها بصواریخ کروز مضادة للسفن مع القدرة على إطلاقها من تحت الماء.
فی النموذج المستخدم فی "جاسک 2"، یتم وضع الصاروخ المعنیّ داخل غطاء یشبه الطوربید، ویتم إطلاقه من المخازن القیاسیة 533 ملم. ثم، عندما یقترب الصاروخ من سطح الماء وینشط، ینفصل الغلاف الخارجی ویُطلق الصاروخ على الهدف.
ویعتمد تصمیم "جاسک 2" على صاروخ کروز "نصر 1" المضاد للسفن، تم اختیار صاروخ کروز الصغیر والخفیف لهذا التصمیم، لأنه یمکن استخدامه داخل غواصة صغیرة مثل "غدیر".
یبلغ مدى الصاروخ نحو 35 کیلومتراً، ویزن رأسه الحربی نحو 150 کیلوجراماً، کما أن سرعته تبلغ حوالی 0.8 إلى 0.9 ماخ، ویستخدم التوجیه التلفزیونی أو الرادار وفق النوع المطلوب.
فی المناورة البحریة الأخیرة التی حملت اسم "ذو الفقار 99"، شهدنا إطلاقاً ناجحاً لهذا الصاروخ من غواصات من طراز "غدیر"، أمام عدسات وسائل الإعلام، وبالطبع أمام المراقبة الاستخباراتیة للقوات العابرة للمنطقة الموجودة على شواطئ الخلیج الفارسی، مثل الولایات المتحدة.
ویمکن القول الآن باطمئنان إن صاروخ کروز المضاد للسفن، أصبح السلاح القیاسی لعائلة "غدیر"، وهذا یعنی أن جمهوریة إیران الإسلامیة هی المالک الأول والوحید حتى الآن للغواصات الصغیرة المزودة بصواریخ کروز المضادة للسفن القادرة على الإطلاق من تحت الماء فی العالم.
ومع ترکیب نظام الدفع الحدیث وأسلحة جدیدة الآن، فی الحقیقة أصبحت غواصات فئة "غدیر" النوع الأکثر تقدماً من الغواصات الصغیرة العاملة فی العالم بأسره.
بالطبع، النقطة الأکثر أهمیةً فی هذا المجال، هی أن هذه القدرات، وخاصةً مسألة تسلیح الغواصات بصواریخ کروز، باتت صناعةً محلیةً الآن فی إیران، والأجیال القادمة من الغواصات الإیرانیة مثل "فاتح" و"بعثت"، ستکون مزوَّدةً أیضًا بصواریخ کروز أکبر وأکثر قوةً.