ترامب یشعل فتیل التطبیع باتجاه لبنان.. هل تنجح مساعیه لمفاوضات "لبنانیة - إسرائیلیة"؟
مُستغلاً حالة انفراط العقد العربی وسقوط عدد من الأنظمة العربیّة کأحجار الدومینو فی فخ التطبیع کدولة الإمارات ومملکة البحرین وبشکلٍ رسمی؛ بالإضافة للانتخابات الرئاسیة الأمریکیة التی باتت على الأبواب؛ یسعى الرئیس الأمریکی دونالد ترامب إلى تعزیز موقفه وصورته أمام الجمهور والکونغرس الأمریکی لکی یستحق دورة رئاسیة جدیدة وأنه وفا بوعوده الانتخابیة السابقة فیما یخصُّ تطبیع الدول العربیة مع الکیان الإسرائیلی.
من جدید؛ تطفو الیوم لبنان على السطح لتکون الهدف المُقبل لحملة ترامب التطبیعیة، بعد أنّ فشلت محاولات جمع لبنان والکیان الإسرائیلی على طاولة واحدة العام الماضی تحت ذریعة تقسیم المیاه الإقلیمیة بین لبنان والکیان، وکانت تلک الفکرة قد فشلت فشلاً ذریعاً بعد رفض الکیان وجود الأمم المُتحدة کمُراقب لتلک المحادثات، وهو الأمر الذی أصرّت علیه بیروت، لتنتهی فکرة إجراء تلک المحادثات عند هذا الحد.
هل تسقط لبنان فی فخ التطبیع؟
بعد سقوط الأقنعة العربیة، ووعود ترامب وصهره کوشنر بوجود دول عدّة سترکب قطار التطبیع قریباً، أعید إشعال الخلاف بین الکیان الإسرائیلی ولبنان بشأن حقول الغاز فی البحر المتوسط هذا الأسبوع حیث جددت إدارة ترامب مساعیها لإجراء محادثات لإنهاء هذا الخلاف.
الخلاف المذکور یأتی بعد أکثر من تسع سنوات من الخلاف على الحدود البحریّة بین الکیان الإسرائیلی ولبنان، ومحاولة الکیان السیطرة على ما مساحته 860 کیلومترا مربعا فی شرق البحر الأبیض المتوسط، وتضم هذه المساحة عدّة کتل غنیة بالغاز الطبیعی قبالة السواحل اللبنانیّة.
مُخطئ یعتقد رئیس وزراء الکیان بنیامین نتنیاهو ومن خلفه الداعم الأمریکی أنّ انفجار بیروت والأزمة الاقتصادیة الخانقة التی تضرب لبنان، والانتقادات والمظاهرات المحلیة والمستمرة ضد الحکومة اللبنانیّة من شأنّها جرُّ لبنان إلى طاولة التطبیع والمُسمّاة زوراً وبُهتاناً "محادثات"، وعلى أساس اعتقاد ترامب السّابق؛ طار مساعد وزیرة الخارجیة لشؤون الشرق الأدنى دیفید شینکر إلى الکیان الإسرائیلی وناقش القضیة مع وزیر الطاقة فی الکیان یوفال شتاینتس ومع وزیر الخارجیة غابی أشکنازی.
زیارة شینکر السابقة تُشکّل جزءا من الدبلوماسیة المکوکیة الأمریکیة بین لبنان والکیان فی محاولة لاستغلال الحالة الصّعبة التی یعیشها لبنان، حیث وصل شینکر إلى الکیان قبل عدة أسابیع، ثم سافر إلى بیروت للقاء مسؤولین حکومیین وعاد إلى الکیان هذا الأسبوع لتنسیق المواقف بین واشنطن والکیان، خصوصاً أنّ الأخبار التی رشحت من تلک المُشاورات تؤکد أنّ شینکر قدم لساسة الکیان هذا الأسبوع مسودة اتفاق محدثة لبدء المفاوضات، بعد أن تمّ تعدیلها لتُناسب حالة لبنان الصّعبة.
لبنان فی عاصفة الانتخابات الأمریکیّة
جددت إدارة ترامب دفعها لفتح محادثات مباشرة بین الکیان الإسرائیلی ولبنان حول ترسیم حدودهما البحریة من أجل إیجاد حل للخلاف بین البلدین حول استکشافات منابع الغاز الطبیعی شرقی البحر الأبیض المتوسط، ووفق ما رشح من أخبار فإنّ إدارة ترامب تهدف إلى تسویة ترسیم الحدود البحریة الآن وقبل الانتخابات المُقبلة، وهو الأمر الذی سیؤدی وفق مُراقبین إلى تطبیع العلاقات بشکل کامل، حیث یأمل ترامب فی البدء بالمحادثات قبل الانتخابات العامة المقبلة فی نوفمبر.
أکثر من ذلک؛ إدارة ترامب تأمل فی بدء محادثات دبلوماسیة بین الکیان الإسرائیلی ولبنان قبل انتخابات نوفمبر المقبلة، وهی مفاوضات لم تحدث بین الکیان ولبنان منذ قرابة 30 عاماً، واستئناف هذه المفاوضات الآن سیکون إنجازا کبیرا للبیت الأبیض، وورقة انتخابیّة قویّة بالنسبة لحملة ترامب الرئاسیة.
وبالإضافة لقدرة ترامب الناعمة التی سیکتسبها جرّاء إجراء تلک المحادثات، هناک فائدة أخرى رُبّما لا یُدرکها سوى ترامب ذاته، فمن خلال تحالفه من شرکات الطّاقة الکبرى سیضمن دعمها له خلال تلک الانتخابات فیما إذا تمکّن من حل الخلاف الحدودی فی وهو الأمر الذی سیعود بعائدات یمکن أن تصل إلى عشرات الملیارات من الدولارات، خصوصاً بعد أن توقف التنقیب عن الغاز الطبیعی فی المنطقة وهو الأمر الذی یهم شرکات الطاقة الأمریکیة.
وفی النهایة؛ لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ مُقترح إجراء محادثات بین لبنان والکیان الإسرائیلی والذی راج خلال العام الفائت بعد ترویج الوسیط الأمریکی "دیفید ساترفیلد" ویهدف إلى بدء مفاوضات مباشرة بوساطة أمریکیة وتحت رعایة "الأمم المتحدة" فی قاعدة للأمم المتحدة على الحدود بین فلسطین المحتلة ولبنان، غیر أن الکیان هو من کان قد رفض وجود الأمم المُتحدة، مُطالباً بوجود الوسیط "غیر النزیه" الأمریکی، وهو ما رفضته بیروت مُصّرة على حضور الأمم المتحدة.