خیارات الفلسطینیین؛ المقاومة المسلحة تلوح فی الأفق

صبر الفلسطینییون لأعوام طویلة، فی انتظار الحصول على حقوقهم وانهاء الصراع مع العدو الصهیونی، ولکن جمیع الاتفاقیات التی وقعتها السلطة الفلسطینیة مع اسرائیل أثبتت أن الأخیرة لا تعیر ای اهمیة لهذه الاتفاقیات وأنها کانت مجرد لعبة سیاسیة اسرائیلیة_أمریکیة لکسب شرعیة مجانیة من الفلسطینیین والمجتمع الدولی، وما هی إلا غطاء لجرائم الاحتلال الذی دعس بقدمه جمیع الاتفاقیات واستمر فی الاستیطان والضم، وما اتفاقیات السلام الجدیدة مع الامارات والبحرین إلا استمرار لهذا النهج.

بالمحصلة تعرضت القضیة الفلسطینیة لطعنات متعددة فی الظهر، والآن هی أمام مجموعة خیارات للدفاع عن نفسها خاصةً بعد أن خذلتها معظم الدول العربیة والاسلامیة، وهناک تحذیرات اسرائیلیة بأن یتجه الفلسطینیین نحو المقاومة المسلحة، وهذا ما قاله صراحةً الباحث بمعهد دراسات الأمن القومی بجامعة "تل أبیب"، الجنرال السابق یوحانان تسوریف، اذ حذر من أن مسار تطبیع علاقات دول عربیة مع "تل أبیب"، قد یقود إلى عودة الفلسطینیین للعمل المسلح.

وأوضح تسوریف بمقال له فی منتدى التفکیر الإقلیمی، أن الاتفاق مع الإمارات یفاقم التحدی الذی یواجه الفلسطینیین، ویجبرهم على محاولة تطبیق المصالحة الداخلیة مرة أخرى.

اذاً واضح من کلام الباحث الاسرائیلی أن الفلسطینیین أمام خیارین: 1- المقاومة المسلحة .2- تحقیق المصالحة الفلسطینیة.

ولکن للوصول إلى هذین الخیارین على الفلسطینیین تحقیق الأمور التالیة:

أولاً: عدم الاعتماد على الدول العربیة او انتظار دعم من هنا وهناک لأن ذلک لن یحصل وهم اختبروا ذلک، فی ظل وجود صمت عربی مخزٍ، الأمر الذی شجّع ترامب على توجیه الضربة القاضیة أخیراً، وهی لیست مجرّد تطبیع علاقات الإمارات والبحرین مع دولة الاحتلال الإسرائیلی، ولکن تفریغ القضیة الفلسطینیة من مضمونها، ووضع نهایة لما یعرف بالصراع العربی الإسرائیلی، عن طریق الاعتراف العربی بإسرائیل، وتطبیع العلاقات معها خارج إطار القضیة الفلسطینیة. والأمر، کما ذکر نتنیاهو وترامب، أن باقی الدول قادمة.

اتضح تماماً أن فلسطین لم یعد بإمکانها الاعتماد سوى على نفسها، وجمیع الاغراءات التی یتم تقدیمها للفلسطینیین من قبل الدول الخلیجیة هی مجرد محاولة للتغطیة على تطبیع بعض هذه الدول مع الاسرائیلی، لبرم اتفاقیات أمنیة وسیاسیة واقتصادیة لن تعود بالنفع سوى عل الاسرائیلی، فمالفائدة من هذه الاتفاقیات، الحصول على التکنولوجیا؟، من قال ان دول أوروبا والولایات المتحدة الأمریکیة تمنع وصول التکنولوجیا إلى الامارات وغیرها، وما ترید أن تحصل علیه الامارات من اسرائیل من تکنولوجیا حصلت علیه بالفعل من قبل، وبالتالی کل محاولات تجمیل التطبیع هی محاولات زائفة، ویجب أن یدرک الفلسطینیین ذلک.

ثانیاً: لقد اکتفى الفلسطینیین من التنظیر و علیهم استغلال الفرصة؟، عن ای فرصة یتحدثون، وعملیات الضم مستمرة ونتنیاهو نفسه قال علانیة بأن عملیات الضم تم تاجیلها ولکن لم یتم اغلائها، فلماذا یتبجح علینا الأمین العام للجامعة العربیة أحمد ابو الغیط، ویقول ان اتفاقیات السلام أوقفت التطبیع، یجب ان یدرک الفلسطینیین أن کل ما یجری الحدیث عنه من اغراءات لهم هو مجرد وهم ومحاولة جدیدة لتصفیة قضیتهم، لذلک علیهم الاتحاد ونبذ الخلافات جانبا، خاصة فی هذه الرحلة المصیریة.

هناک خطوات ایجابیة فی مسار المصالحة الفلسطینیة، یجب ان یستمر هذا الخیار، لأنه الأفضل فی هذه المرحلة وهو الحل الوحید الذی من شأنه ان یظهر قمائة التطبیع وجرائم العدو الصهیونی، ویجب على منظمة التحریر الفلسطینیة تغییر النهج الذی اتبعته خلال السنوات السبع والعشرین الماضیة بشکل جذری وعملی، وترجمة هذا التغییر فی السیاسات وفی التعاطی المیدانی، فلم یعُد مفهوما البتة الحدیث عن عملیة سلام بعد قیام کیان الاحتلال بدفنها من خلال إعلان "صفقة القرن"، ومن خلال مخططات الضم وإقرار قوانین یهودیة الدولة العبریة التی تستهدف ما تبقى من الوجود الفلسطینی على أرضه، سواء فی الضفة الغربیة أو فی أراضی 48، ولا عاد مفهوما الحدیث عن رباعیة دولیة باتت سرابا، ولا بقی شیء اسمه تضامن عربی وقرار عربی مشترک، بعد أن انقلب بعض العرب على ما کانوا قد ألزموا أنفسهم به فی مبادرة السلام العربیة سیئة الذکر، بل تجاوزوا ذلک لینضموا کلیا إلى المعسکر الصهیوأمریکی فی مواجهة الحق العربی والفلسطینی کما فصّلنا.

ثالثاً: کیف یمکن للسلطة الفلسطینیة أن تعترف بإسرائیل فی هذا الظرف، الم تتعلم الدرس، ألم تدرک حجم الظلم الذی ارتکبته بحق نفسها عندما وقعت مع الاسرائیلی اتفاقیة سلام، یجب ان تمزق هذا الاتفاق المشؤوم الذی لم یجلب سوى الخراب والدمار للفلسطینیین، فکیف یمکن للسلطة أن تطالب الآخرین بعدم القیام بأمر وهی تأتی به، لا سیما أن الاعتراف لم یُثمر أی إنجاز سیاسی، بل على العکس فقد کانت نتائجه کارثیة.

وبغض النظر عن صواب قرار الاعتراف بالکیان الصهیونی من عدمه آنذاک، فقد تبدلت الیوم البیئة الاستراتیجیة المحیطة، ناهیک عن أن السلطة اعترفت بکیان مصطنع وغاصب، بینما فی المقابل لا یعترف هذا المغتصب بوجود صاحب الحق الأصیل، وهذا بات واضحا بعدما أفصح الکیان الصهیونی عن نوایاه تجاه الأراضی المحتلة فی القدس والضفة الغربیة، وبالتالی تجاه من بقی من الفلسطینیین على أرضه.

رابعاً: یجب وضع التحالفات العربیة جانباً، وعدم الاعتماد علیها لأنها لم تحقق أی شیء یذکر للفلسطینیین، خاصة فی ظل تشرذم العرب حالیا وغیاب وجود وحدة وطنیة فیما بینهم، وغیاب الدور العربی المشترک، وعدم فعالیة الجامعة العربیة، وتموضع بعض الدول العربیة العلنی إلى جانب الکیان الصهیونی فی وجه الحق الفلسطینی .لیس مطلوبا من الفلسطینیین محاربة أی طرف إقلیمی سوى ذاک الکیان الدخیل على المنطقة، لکنه لا یعقل أن یعتبر هؤلاء الذین یتآمرون على القضیة الفلسطینیة علنا حلفاء، بینما یُعد خصما من یدعم صمود الشعب الفلسطینی سیاسیا وبالمال وحتى بالسلاح، أو أن یقابَل بنظرات الریبة.

المقاومة الفلسطینیة وحتى اللبنانیة تمکنوا من خلق معادلة ردع مع العدو الصهیونی، والسؤال عندما کانت اسرائیل تشن حروبها على محور المقاومة ماذا قدم العرب لهذا المحور، اعتبروا ما یقوم به مغامرة، وتآمروا علیه أو التزموا الصمت، وبالتالی لم یعد أمام الفلسطینیین سوى الاعتماد على انفسهم لاستعادة حقوقهم المغتصبة وأراضیهم التی سلبت منهم.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق