نتنیاهو یلوّح.. لماذا یحرّض تحالف الحرب على إشعال المنطقة؟
هی منطقة حوّلت بخیاراتها أنظار العالم المعجب بها الى أطماع. لنفطها وغازها ومیاهها وموقعها بین الشرق والغرب باتت منطقتنا بفعل التدخلات الخارجیة والاحتلالات غیر مستقرة، تنتهک الحروب والأزمات سلامها وأمنها.
یتواصل السعی الإسرائیلی لضرب إیران، هو اعتمد إنشاء تحالف حرب إحدى أدواته هی التحریض على ضرورة مهاجمة محور المقاومة فی إطار التهویل والتصعید وتلفیق أخبار کاذبة، لیس فقط عبر المنابر الإعلامیة ولکن من على منابر سیاسیة وفی أعلى المستویات.
أغرت القدرة العسکریة والتسلّط أمیرکا و"إسرائیل" ودولاً خلیجیة ضمن تحالف الحرب على التهدید والوعید والأهداف هذه المرة تبدو سیاسیة انتخابیة وتحویل الأنظار عن أزمات داخلیة.
یمارس تحالف الحرب التحریض، ویستثمر الأزمات، ویفتعل المشاکل لإشعال النار من إیران إلى العراق إلى لبنان ولا ننسى فلسطین والیمن، فمتى أصبحت دولنا أوراق مساومة لانتخابات رئاسیة أو نیابیة؟
باحثاً عن فتنة یبغاها، سار رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو على نهج الملک السعودی سلمان بن عبد العزیز فی التحریض ضد إیران وحلفائها.
قبل شهر على الانتخابات الرئاسیة الأمیرکیة، تبدو جعبة الرئیس دونالد ترامب شبه خاویة، کمن دخل جنته فوجدها خاویة على عروشها یبحث عن مبررات لقلب الطاولة العالمیة فی ظل حظوظه الانتخابیة المتهاویة.
فی المقابل، یبدو محور المقاومة کالقابض على الجمر وهو الذی تمرّس فی القبض على الزناد، یحاول سحب الذرائع من ید خصومه، فهل ینجح ؟
المقاومة فی المنطقة والجاهزة دائماً لأی مواجهة، تبتعد ما قدرت عن الاستفزاز وتتصرف بمسؤولیة عالیة، لإبعاد نار الحرب عن المنطقة بکل حکمة ونضج.
یدرک محور المقاومة مکر خصومه فیسعى لضبط النفس، یواجه المکر الحرب بحنکة الواثق المتزن ینزع فتیل التصعید ویتجنب جرّه إلى حرب فی توقیت یریده أعداؤه.
ردّت طهران على الخطاب التحریضی للریاض، واکتفت بتحذیرها من الرهان على من لا عهد ولا میثاق فی إشارة الى واشنطن. وبمسؤولیة عالیة تمتّعت فصائل المقاومة العراقیة، تجنّبت وضعها فی مواجهة الدولة، فأکدت على مکانة الدولة وسیادتها، ورفضت استهداف السفارة الأمیرکیة حالیاً، لترد مکر البیت الأبیض لصاحبه.
لبنانیاً، حافظ حزب الله على معادلة توازن القوى مع "إسرائیل" ترکها متخبطة على الحدود الجنوبیة، تترقب رده على مقتل أحد عناصره فی غارة إسرائیلیة، لکن الحزب لم یغفل تعریة تحریض نتنیاهو ضده لیترکه یحترق فی زیف ادعاءاته.
عجز الإسرائیلی عن کسر معادلة توازن القوى مع حزب الله یتزامن مع غضب سعودی من فشل عدوانها على الیمن، حالتان تؤکدان إدراک الباحثین عن الحرب لقوة المحور المقابل لهم.
ومن منطق الواثق یتحدث محور المقاومة عن صبر ساعة، فینفی قائد حرس الثورة الإیرانیة احتمال الحرب، ومعها یحرق أحلام ترامب السیاسیة فی المنطقة، لیحرمه من ورقة جدیدة یسعى لیضیفها إلى سلته الانتخابیة.
رئیس معهد إمیل توما للدراسات الفلسطینیة والإسرائیلیة، عصام مخول، یقول إن "نتنیاهو بالتحریض یجر المنطقة إلى حافة الحرب".
وفی حدیث، یضیف مخول أنه فی "إسرائیل" لا یأخذون نتنیاهو على محمل الجد، مؤکداً أن "الثقة دائماً هی لکلام السید نصرالله ولیس لکلام نتنیاهو".
واستبعد أن یکون هناک إمکانیة لأی حرب أمیرکیة ضد إیران، منوهاً إلى أن "واشنطن تحاول خلط الأوراق من جدید فی العراق".
وقال مخول إن "إسرائیل" وأمیرکا تعملان على "تفکیک الشعب اللبنانی على أسس طائفیة"، مشدداً على أنه "من عوامل القوة أن لا تنجر للمخطط الذی یحضره لک العدو".
بدوره، یقول الخبیر السیاسی وفیق ابراهیم،إن "قواعد الاشتباک بین القوى فی المنطقة لا تسمح بحرب کبرى"، مشدداً على أن الذی یوقف "إسرائیل" هو القوة المضادة وحزب الله بات قوة إقلیمیة.
وأوضح أن "لا أحد فی العراق یرید مهاجمة السفارة الأمیرکیة لکن هذه اللعبة أدت غرضها"، مشیراً إلى أن "أمیرکا مضطرة لإثارة مواضیع طائفیة وعنصریة فی العراق لمواصلة الامساک به".
مدیر معهد السیاسات الدولیة فی واشنطن، باولو فان شیراک، اعتبر من جهته أن "تحویل الأنظار عن مشاکل الداخل یغری ترامب".
وقال "لا أعتقد أنها فرصة سانحة لواشنطن لدعم أی عدوان واسع على إیران"، وأضاف "لا أعتقد أنه تم اتخاذ أی قرار لاغلاق السفارة الامیرکیة فی بغداد".
وأشار فان شیراک إلى أنه "إذا سحبت واشنطن المدنیین من السفارة فی بغداد قد یعتبر العراقیون ذلک شحذاً للسکاکین"، موضحاً أنه "لا دلالة واضحة تظهر أن أمیرکا تعد العدة لتصعید جدید فی المنطقة".