الأسرى الفلسطینیون یقتلون بدماء باردة وسط صمت التطبیع الممیت

یمارس العدو الاسرائیلی قتلاً بطیئاً بحق الأسرى الفلسطینیین القابعین فی سجون الاحتلال، من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم ومنع وصول المعقمات وأدوات التنظیف إلیهم فی ظل انتشار وباء کورونا، وتقوم اسرائیل بهذه الخطوة بشکل متعمد لممارسة أکبر ضغط ممکن على الأسرى وعلى القیادات الفلسطینیة ومحاولة کبح جاح أی خطوة ممکن أن تقوم بها السلطة الفلسطینیة أو حماس أو حتى المنظمات الدولیة التی تراقب ما یجری بصمت مطبق، وعوضاً أن تساهم بعض الأنظمة العربیة التی تدعی بأنها تدافع عن القضیة الفلسطینیة، فی حمایة هؤلاء الأسرى والضغط على الاحتلال قامت بعکس ذلک ومارست ضغوطها على الفلسطینیین والسجناء أنفسهم من خلال التطبیع مع اسرائیل الأمر الذی منح الصهاینة الضوء الأخضر لتعذیب الفلسطینیین.

الأسیر سامی أو دیاک فقد حیاته داخل السجون الاسرائیلیة فی الفترة الأخیرة، وهو مکبل الأیدی والأرجل بعد معاناة طویلة مع مرض السرطان حیث تشیر تقاریر حقوقیة عدیده أنه توفى جراء الاهمال الطبی المتعمد بحقه، ویمارس الاحتلال الاسرائیلی نفس هذه التصرفات القذرة مع باقی السجناء ویحرمهم من العلاج والأدویة، وهناک من حیاتهم مهددة بالخطر بسبب الأمراض التی یعانون منها، ومع ذلک ألغت اسرائیل حوالات "الکانتینا" "دکان السجن" لعدة شهور، ثم أعادتها مجدداً تحت الضغط، لکن الفلسطینیین الأسرى لا یثقون بما تقوم به اسرائیل ویخشون أن یکون الأمر مؤقتاً لذلک قاموا بخطوات تصعیدیة قبل أیام، بإعادة بعض وجبات الطعام ضد هذه السیاسیة، وقد نشهد خطوات أکثر تصعیداً خلال الفترة المقبلة، إذا ما واصلت سلطات الاحتلال محاولتها الفاشیة فی التنغیص على الأسرى والتهجم على حقوقهم والتضییق علیهم، فی کل تفاصیل حیاتهم الیومیة.

وفی هذا الإطار قال رئیس هیئة شؤون الأسرى والمحررین الفلسطینیة، قدری أبو بک، "إن الأوضاع فی مختلف السجون والمعتقلات الإسرائیلیة، ذاهبة باتجاه التصعید والضغط والانفجار، إن استمرت السیاسات الإسرائیلیة العنجهیة بحق الأسرى والتضییقات الخانقة بحقهم".

ووفق أبو بکر، فقد تم إغلاق أکثر من 90 حساباً بنکیاً لعائلات الأسرى الفلسطینیین فی سجون الاحتلال من قبل أحد البنوک.

ودخل الأسرى الفلسطینیون فی اضراب عام یوم الجمعة والسبت، احتجاجا على رفض إدارة سجون الاحتلال على إدخال أموال "الکانتینا" فی حسابات الأسرى المخصصة لشراء احتیاجاتهم، وکان الأسرى فی عدة سجون إسرائیلیة اتخذوا الأسبوع الماضی قرارا بإرجاع وجبات الطعام، وإغلاق الأقسام یومی الجمعة والسبت الماضیین، رفضا لقرار الاحتلال إغلاق حساب "الکانتینا" الخاصة بمشتریات الأسرى، وإعادة الحوالة الخاصة بها والتی تدفعها السلطة الفلسطینیة شهریا.

الکورونا وترهیب السجناء

خرجت مئات التقاریر التی تؤکد التعامل القذر الذی یقوم الکیان الاسرائیلی مع الأسرى الفلسطینیین فی ظل انتشار وباء کورونا، فمنذ البدایة تعمد الاحتلال نقل الفیروس إلى داخل السجن عن طریق بعض حراس السجن ورغم معرفتها بإصابة هؤلاء بالفیروس لکنها تعمدت أن یخالطوا السجناء لتنتقل لهم العدوى، والیوم تحول الأمر لأسلوب ضغط جدید، حیث یهدد الصهاینة الأسرى الفلسطینیین بتعریضهم لمصابین بالفیروس القاتل أثناء استجوابهم.

موقع "میدل ایست ای" أکد هذا الأمر فی تقریر له، وقال إن هناک مخاوف من قیام سلطات السجون للوباء کوسیلة للقمع وإثارة الفزع بین السجناء الفلسطینیین. ونقل التقریر عن المنسق الإعلامی لجمعیة نادى الأسرى الفلسطینیین أمان سارانیح مان قوله للموقع:"السجون فشلت فی توفیر الحد الأدنى من الإجراءات الوقائیة مع بدایة انتشار الوباء، مثل الکمامات والمطهرات. ولکنه أوضح أن السجن قدم المواد المطهرة التی تضم المشتبه فی اتصالهم المباشر بالسجناء المصابین.
ولفت إلى أن إدارة السجون قللت کمیة الخضروات والفاکهة والمطهرات المتوافرة فی "الکانتینا". وأکد التقریر أن السلطات الإسرائیلیة تفرض السریة على المعلومات المتعلقة ب"کوفید-١٩"، ومن ثم فإن الحصول على صورة واضحة داخل السجون "أمر عسیر".

وحذّر "نادی الأسیر" مجدداً، من استمرار الاحتلال فی تنفیذ هذا القرار الذی سیفاقم من صعوبة الأوضاع الحیاتیة للأسرى، وخاصة أنّ الأسرى یعتمدون أساساً على أموال "الکانتینا" التی تحوّلها السلطة الفلسطینیة شهریاً لتلبیة احتیاجاتهم وتوفیر طعام جید لهم. إذ إنّ إدارة سجون الاحتلال التی من المفترض أن تکون الجهة المسؤولة عن توفیر احتیاجات الأسرى، لا توفّر الحد الأدنى منها، فضلاً عن أنّ الطعام الذی تقدّمه سیء کمّاً ونوعاً.

یبدو أن الاحتلال الاسرائیلی وجد فی فیروس کورونا وسیلة ضغط جدیدة على السجناء وعلى القیادات الفلسطینیة، وخاصة أن هناک أکثر من 4500 سجین بینهم نساء وأطفال، وبالتالی استغل کیان العدو هذا الوباء لفرض العقاب على السجناء الفلسطینیین وتقلیص حقوقهم على نحو متزاید، کما أن سلطات السجن منعت الزیارات لتحرم السجناء من رؤیة أسرهم والنقود التی یجرى تحویلها لشراء احتیاجاتهم من الکانتینا، فهم بذلک صاروا قید العزل المزدوج الذی یتمثل فی منع الزیارات وقطع الاتصالات.

أبعد من ذلک وصلت الوقاحة مع عدد من قیادات الأجهزة الأمنیة الإسرائیلیة وبعض الاسرائیلیین أمثال نجل القاتل آرییل شارون جلعاد شارون، وکذلک المدعی العسکری العام الإسرائیلی شارون أفیک، ورئیس هیئة أرکان الجیش أفیف کوخافی باللجوء إلى آلیة تقوم على تأخیر إطلاق سراح أسرى قطاع غزة بعد انتهاء محکومیتهم، من خلال استئناف سیاسة الاعتقال الإداری.

وبما أن اسرائیل تفصّل القوانین على مزاجها، تعمل حالیا على تفعیل قانون احتجاز المقاتلین، ووفقاً للقوانین المعمول فیها داخل إسرائیل، فإن هناک بنداً فی قانون احتجاز المقاتلین غیر الشرعیین لعام 2002 یتیح لرئیس أرکان الجیش صلاحیات، باعتبار أی أسیر مقاتلاً غیر شرعی، وهذا یعنی أنه لن یُطلق سراح أی أسیر ترى تل أبیب أنه یشکل علیها خطراً، وهذه الآلیة القانونیة نفسها للاعتقال الإداری (من دون لائحة اتهام) التی یتم استخدامها بشکل أساسی مع المشتبه فیهم فی أنشطة معادیة فی الضفة الغربیة، حتى لو لم یتم تقدیم لائحة اتهام ضدهم.