"صراع الممالک" یتحول لـ"حرب ناعمة" بین دول مجلس التعاون الخلیجیّ.. ماذا بعد الحملات المضللة؟
ضجت المواقع الإخباریّة بالمعلومات التی کشفها برنامج "المسافة صفر" على شاشة الجزیرة، حول أنّ شرکات ومنصات رقمیّة تابعة لأبوظبی، استهدفت کلاً من قطر وترکیا بالتحریض وحملات إعلامیّة مضللة، وبث التحقیق بعنوان "رسائل سیتا" الأحد المنصرم، صوراً لمشروع رقمیّ تابع للإمارات یُدعى "عرب إنتلجنس" لاستهداف عدة أنظمة من بینها القطریّ والترکیّ.
استهداف ممنهج
فضحت وسیلة الإعلام التابعة للنظام القطریّ، رسائل مُسربة من وزارة الخارجیّة المصریّة بشأن تنسیق تحرکات دول مقاطعة قطر أو ما تسمیها الدوحة "دول الحصار" وهی السعودیة والإمارات والبحرین ومصر، لمهاجمة کل المؤسسات الاقتصادیّة والإعلامیّة القطریّة فی المحافل الدولیّة.
وفی هذا الصدد، أظهرت المعلومات قیام موقع التواصل الاجتماعیّ "تویتر" بحظر شبکة مکونة من 271 حساباً مزیفاً مرتبطة بشرکة "دوت دیف"، التی تعمل فی أبوظبی والقاهرة لاستهداف قطر ودول أخرى بینها إیران، فیما حظر الموقع أکثر من 4 آلاف حساب ضمن عملیّة استهداف الدوحة بآلاف التغریدات المضللة والوهمیّة.
وفی هذا الخصوص، أشار البرنامج الذی یبث على الجزیرة، إلى کوالیس تحرکات مراکز بحثیّة ممولة من الإمارات فی الولایات المتحدة، للتحریض الممنهج ضد قطر والتنسیق بین دول المقاطعة الأربعة ، بالتزامن مع اختراق وکالة الأنباء الرسمیّة القطریّة "قنا"، حیث روّجت الإمارات لهاشتاغی انقلاب فی قطر والوکرة، ضمن عدة هاشتاغات أطلقتها حسابات وهمیة مرتبطة بالإمارات للتحریض على نظام آل ثانی، فیما استعانت دول المقاطعة بقراصنة إنترنت للترویج للهاشتاغین أوربیّاً.
وفی الوقت الذی یعرض فیه برنامج “المسافة صفر” وثائق ومعلومات جدیدة تکشف شبکات منظمة تعمل بسریّة تامة على فبرکة القصص والأخبار، وتشن حملات إعلامیّة مضللة تستهدف قطر وحلفاءها، وعلى وجه الخصوص ترکیا، قام فریق البرنامج بتحلیل أکثر من 4 ملایین تغریدة لمعرفة مصادر الأخبار الکاذبة والفیدیوهات المفبرکة والهاشتاغات التی تهاجم قطر ونظامها الحاکم .
ومن الواضح أنّ البرنامج على القناة القطریّة، مُوّل بالتحدید لفصح خطط ومؤامرات أبو ظبی وتحالفها، ضد قطر وداعمیها، حیث فضح تفاصیل وأسماء العاملین فی تلک المواقع ومقراتها فی القاهرة، وإدارتها من العاصمة الإماراتیة أبوظبی صاحبة التمویل الرئیس لتلفیق تهم وهمیّة ضد قطر بدواع مختلفة.
غزو عسکریّ
بعد مرور عدة سنوات على قرار المقاطعة العربیّ أو ما تسمیه قطر "الحصار"، وتأثیراته الاقتصادیّة والسیاسیّة والاجتماعیّة علیها إلا أنّ سیاساتها لم یطرأ علیها أیّ تغییر، خاصة مع وجود اتهامات لها فی دعم الإرهاب، ومواصلة الدور التخریبیّ بالمنطقة، رغم أنّ الدول التی تفرض حصاراً على الدوحة هی نفسها غارقة إلى أبعد الحدود فی دعم الإرهاب والتخریب والتدمیر الذی أصاب الکثیر من البلدان العربیّة.
ویشار إلى أنّ وزیر الدولة القطریّ لشؤون الدفاع، خالد العطیة، قال فی وقت سابق، أنّ "دول الحصار" کانت تخطط لغزو قطر عسکریّاً على مرحلتین، الأولى تتمثل بالحصار من خلال الضغط على الشارع القطریّ ومن ثم الغزو العسکریّ.
وجاءت تصریحات وزیر الدفاع القطریّ، على القناة نفسها، لتوکّد النوایا المبیّتة لتلک الدول وعلى وجه الخصوص السعودیّة والإمارات، بعد إعلانها قطع علاقاتها الدبلوماسیّة مع الدوحة أوائل حزیران/یونیو عام 2017، الشیء الذی ترافق مع إجراءات اقتصادیّة من بینها إغلاق الحدود البریّة والبحریّة مع قطر، بالإضافة إلى قطع الرحلات الجویّة وفرض قیود على حرکة القطریین داخل أراضیها.
ومن الجدیر بالذکر، أنّ الدوحة ترتکز فی اتهاماتها لدول المقاطعة على أدلة وثقها بعض رؤساء الدول، بینهم الراحل أمیر الکویت، صباح الأحمد الصباح، ورئیس رومانیا، کلاوس یوهانیس، فی لقائهما بأوقات مختلفة مع الرئیس الأمریکیّ، دونالد ترامب، بالإضافة إلى وزیر خارجیّة سابق لألمانیا، حیث أکّدوا جمیعاً وجود نوایا سابقة لغزو قطر عسکریّاً.
کذلک، أشار مدیر مبادرة الشفافیّة فی مرکز السیاسة الدولیّة "بن فریمان"، قبل أسبوع، إلى وجود مراکز أبحاث ممولة من أبوظبی والریاض فی الولایات المتحدة الأمریکیّة نظمت مؤتمرات ضد الدوحة قبل إعلان مقاطعتها، بینما تشید بالدور السعودیّ والإماراتیّ فی مواجهة الإرهاب، لیتم التأثیر على أعضاء فی الکونغرس بغیة اتخاذ قرارات تضر بالمصالح القطریّة.
فی النهایة، یتصاعد "صراع الممالک" یوماً بعد آخر، بحیث أصبح کـ "حرب ناعمة" بین دول مجلس التعاون الخلیجیّ، وعلى وجه الخصوص بین الریاض وأبوظبی من جهة والدوحة من جهة ثانیة، بسبب التنافس على النفوذ الإقلیمیّ، بالتحدید بعد أحداث "الخریف العربیّ" الذی خلق استماتة عند ملوک تلک الدول لإیجاد موطئ قدم لنشر نفوذهم فی العالم العربیّ.
