الإمارات والسعودیة یداً بید فی وجه القضیة الفلسطینیة... ما غایة هذا التوافق؟

من المعروف بالنسبة للجمیع أنّ السیاسة السلبیّة للسعودیّة والإمارات تجاه قضیّة فلسطین وشعبها هی سیاسة واحدة، وهذا ما تؤکّده تصریحات مسؤولی البلدین، رغم أنّ الریاض لم تعترف برغبتها الجامحة فی التطبیع مع العدو الصهیونیّ، إلا أنّها أعلنت تأیّیدها الرسمیّ لاتفاق الخنوع الإماراتیّ – البحرینیّ مع الاحتلال الغاصب، ناهیک عن الاجتماعات السریّة بین الریاض وتل بیب، ما یُظهر بوضوح تطابق سیاسة الإمارات والسعودیّة التی تعادی بشکل فاضح الشعب الفلسطینیّ وقضیته العادلة ومطالبه المُحقّة.

وفی هذا الصدد، یمکننا تلخیص أبرز العوامل التی تدلل على التوافق التام بین سیاسات الریاض وأبو ظبی فی معاداة الفلسطینیین وانخراطهم ضمن مشروع واحد لتصفیّة القضیّة الفلسطینیّة، بما یحقق رغبة الإدارة الأمریکیّة:

أولاً: هجوم موحّد على القیادات الفلسطینیّة

عقب الانتقادات اللاذعة التی وجهتها القیادات والفصائل الفلسطینیّة لاتفاق العار الذی وقعته البحرین والإمارات مع العدو الصهیونیّ الغاصب، وقیام السعودیّة عبر رئیس استخبارات نظامها السابق، بندر بن سلطان، قبل أیام، بشنّ هجوم حاد على موقف السلطة الفلسطینیّة من اتفاق الاستسلام الخلیجیّ، قال وزیر الدولة للشؤون الخارجیّة الإماراتیّ، أنور قرقاش، أنّ مقابلة بن سلطان کانت مهمة للغایة، مبیّناً أنّ حدیثه کان واقعیّاً وصریحاً فی منطقة عانت من قلة العمل وکثرة الکلام.

وما ینبغی ذکره، أنّ بندر بن سلطان، الذی أمضى ثلث حیاته سفیراً فی واشنطن، عبّر عن غضب بلاده من تصریحات المسؤولین الفلسطینیین التی انتقدت الدول المُطبعة، واصفاً ذلک بأنّه تجرؤ بالکلام الهجین على دول أسماها بالـ"شقیقة"، وتأتی التصریحات الهجومیّة للسعودیة على القیادات الفلسطینیّة، فی الوقت الذی تسعى فیه الریاض إلى إقامة علاقات رسمیّة مع العدو الصهیونیّ، وتعزیز التقارب السریّ مع تل أبیب.

کذلک، أسهب المسؤول السعودیّ البارز فی الحدیث عن الدعم الذی قدمته القیادات السعودیّة المتعاقبة للقضیّة الفلسطینیّة، مشیراً إلى أنّه على الشعب الفلسطینیّ التذکر بأنّ المملکة کانت حاضرة دائماّ لتقدیم المساعدة والمشورة، متناسیّاً اللقاء السریّ الذی جمع ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، بوفد صهیونیّ على متن یخته الشخصیّ فی البحر الأحمر قبل مدة.

ثانیاً: التصریحات الإماراتیّة حول عودة اللاجئین الفلسطینیین

فی مقال نشرته صحیفة "هآرتس" العبریّة، أوضح الملیاردیر الإماراتیّ، خلف الحبتور، أنّ اللاجئین الفلسطینیین لن یکون بمقدرتهم العودة إلى بلدهم أبداً، واصفاً الفلسطینیین بالـ "متعنتین" بسبب إصرارهم على حق العودة إلى بلادهم من سوریا والأردن ولبنان وبلدان أخرى.

وفی هذا الخصوص، نصح الحبتور المُهجرین الفلسطینیین، عبر الإعلام العبریّ، أن یطلبوا من الدول المضیفة إزالة المخیمات ومنح اللاجئین حق العمل وامتلاک المنازل، بمعنى آخر "إسقاط حق العودة"، فیما اعتبر أنّ الفلسطینیین الذین هجرهم العدو الصهیونیّ من بلادهم، ینقلون آمالاً کاذبة إلى أولادهم ویسلّمونهم مفاتیح المنازل التی کانت لآبائهم أو أجدادهم ونهبها الاحتلال الغاشم، یُبقون الکراهیة الشدیدة للصهاینة حیّةً من جیل إلى آخر.

ویشار إلى أنّ الملیاردیر الإماراتیّ، أشاد باتفاقیة الخیانة التی قامت بها بلاده مع العدو الصهیونیّ، مرحباً بفوائد التطبیع الجمّة على جمیع الأطراف، فی مجالات التجارة والسیاحة والتکنولوجیا والأمن، وجاءت تصریحات الحبتور بعد أن أطلق حکام الإمارات حججاً واهیة بعضها اقتصادیّ، لتبریر التطبیع مع الصهاینة، رغم أنّ تجربة التطبیع المصریّة والأردنیّة  أثبتت أنّ العدو الغاصب أکثر استفادة اقتصادیاً، فالصفقات والتبادل التجاریّ یمیلان دوماً لصالح تل أبیب.

ثالثاً: تسارع الاستثمار الصهیونیّ فی الدول الخلیجیّة بعد التطبیع

مما لا شک فیه أنّ إعلان التطبیع الإماراتیّ – الصهیونیّ، جاء تتویجاً لسلسلة طویلة من الخیانة الإماراتیّة، وعلى أساسه سیتم تطویر العلاقات بینهما فی عدة مجالات أهمها الاقتصادیّ، حیث أعطى رئیس الإمارات، خلیفة بن زاید آل نهیان، قبل مدة، الضوء الأخضر لرجال الأعمال فی بلاده لعقد صفقات تجاریّة مع العدو الصهیونیّ، من خلال إصدار مرسوم یقضی بإلغاء قانون مقاطعة "إسرائیل".

وقبل أیام قلیلة أعلنت مجموعة أعمال إماراتیّة عن أول تحالف رئیس مع کبرى شرکات الاستثمار الصهیونیّة، حیث قامت الشرکة الصهیونیّة للاستثمار "آور کراود" ، بالتوقیع على مذکرة تفاهم مع شرکة تطویر الأعمال الإماراتیّة "فینکس کابیتال"، بغیة تعزیز الروابط بین تل أبیب وأبو ظبی فی مجال الأعمال التجاریّة والتکنولوجیّة.

کذلک، أعلن مکتب أبوظبی الحکومیّ للاستثمار، توقیع اتفاقیة مع المعهد الصهیونیّ للتصدیر، لتعزیز فرص التجارة الثنائیّة، فیما یقوم المکتب حالیاً بإجراء مباحثات مع أکثر من 85 شرکة تابعة للعدو فی عدة قطاعات لممارسة الأعمال داخل أبوظبی، وتوقع المکتب ارتفاع هذا العدد مع مواصلة الجهود لمد جسور التعاون مع المؤسسات التجاریّة الصهیونیّة، ناهیک عن مساعی تل أبیب وأبوظبی للترویج الاستثماریّ والسیاحیّ، وتدشین رحلات جویّة مباشرة بینهما عبر الأراضی السعودیّة.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

ارسال التعلیق