السعودیة تقتل الطفل الیمنی بیدٍ وبالأخرى تنتشله من الجهل... على ماذا تشکرها "الیونیسیف" بالضبط؟
"الیونسیف" هی منظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبالتالی هی بصورة طبیعیة تدافع عن الطفولة فی جمیع أرجاء العالم، إلا أن "الیونسیف" هذه بدأت تستثنی أطفال الیمن وتغضّ النظر عن الانتهاکات التی یتعرضون لها من عدوان التحالف العربی على بلادهم، والأنکى من هذا أنها تشکر السعودیة على دعمها لأطفال الیمن، وکأن الیونسیف کانت فی المریخ ووصلت حدیثاً إلى کوکب الأرض، ولا تدری ماذا فعلت السعودیة بأطفال الیمن وکیف شردتهم ودمرت حیاتهم وطفولتهم ومدارسهم وجعلتهم عرضة للاستغلال وجندت قسماً کبیراً منهم، وهم الیوم یعانون من أمراض خطیرة ولا أحد فی العالم یکترث لهم.
خمس سنوات والعملیة التعلیمیة فی الیمن تمر فی أسوأ مراحلها، لدرجة ان ملیوناً ونصف الملیون من أطفال الیمن خارج دائرة التعلیم، وجاءت الکورونا لتقضی على مستقبلهم وتزید من معاناتهم، وهنا جاءت السعودیة التی تعانی من مشاکل اقتصادیة جمة والتی عجزت عن الخروج من وحل الیمن وسمعتها اصبحت فی الحضیض جراء الانتهاکات التی تقوم بها هناک، وجاءت لتستعرض أموالها أمام المنظمات الدولیة وتشتری صمتهم مقابل تقدیم بعض الدعم الوهمی هنا وهناک، ولا نعلم کیف یمکن أن تُشکر على شیء دمرته وترید ترمیم 1% منه.
بکل الأحوال خرجت علینا، هنرییتا فور المدیرة التنفیذیة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "الیونیسیف" لتشکر السعودیة على دعمها "السخی" لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانیة فی الیمن.
وأعربت فور عن تقدیرها للمملکة، ممثلة بمرکز الملک سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانیة، على الدعم السخی الذی أعلنته عبر تنفیذ سبعة مشروعات متنوعة بقیمة 46 ملیون دولار أمریکی لمصلحة الیمن، فی إطار خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانیة فی الیمن للعام 2020، وفق وکالة الأنباء السعودیة "واس".
ووجهت فور رسالة إلى مرکز الملک سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانیة، أکدت فیها أن "هذا الدعم سیسهم بمساعدة الیونیسیف فی تقدیم الدعم للأطفال وأسرهم فی مجالات الصحة والتغذیة والمیاه والصرف الصحی والتعلیم والحمایة، وتقدیم الدعم للمنظمة لمکافحة وباء کورونا فی الیمن عبر تدریب الکوادر الصحیة وتوفیر المستلزمات الطبیة وغیرها".
وأکدت أملها أن یکون هذا الکرم الذی أظهرته المملکة من خلال إسهامها الفعّال لأطفال الیمن مصدر إلهام للآخرین بأن یحذو حذوها.
ووقّع مرکز الملک سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانیة، الشهر الماضی، اتفاقیة مشترکة مع الیونیسیف لتنفیذ مشروعات فی الیمن، إنفاذًاً لتوجیهات العاهل السعودی الملک سلمان بن عبد العزیز، وولی العهد محمد بن سلمان، بالوقوف مع الشعب الیمنی والتخفیف من معاناتهم جرّاء الظروف المحیطة بهم.
أرقام وحقائق خرجت عن الیونسیف نفسها
تعیش المنظمات الدولیة هذه الأیام أسوأ مراحلها الانسانیة، حیث تظهر تابعةً لمن یمولها بغض النظر عن الجرائم التی یرتکبها الجانب الممول، ومثال ذلک السعودیة، التی تشکرها "الیونسیف" الیوم، مع أن المنظمة نفسها قالت فی مطلع العام الجاری 2020، فی تقریر عن وضع التعلیم فی الیمن، إن عدد المدارس التی توقفت عن العمل بسبب الصراع فی الیمن بلغت أکثر من 2500 مدرسة، دُمر نحو ثلثیها (66 فی المئة) بسبب العنف المباشر، وأُغلقت 27 فی المئة منها، وتُستخدم سبعة فی المئة منها لأغراض عسکریة أو أماکن إیواء للنازحین، فیما وثقت "مواطنة" أکثر من 2000 واقعة انتهاک على المدارس منذ بدء الصراع وحتى 2019. خلال 2018 فقط وثقت "مواطنة" ما لا یقل عن 60 واقعة اعتداء واستخدام للمدارس، منها واقعتا هجوم جوی، و22 واقعة احتلال، و36 واقعة لأشکال أخرى کالاقتحامات، إضافة إلى حالة انفجار ذخائر تم تخزینها فی مستودعات قریبة من مدارس أوقعت خسائر کبیرة فی صفوف الأطفال.
ومنذ 26 آذار 2015، حین أعلن التحالف بقیادة السعودیة والإمارات بدء عملیاته العسکریة فی الیمن، وحتى 31 کانون الأول 2019، وثقت "مواطنة" ما لا یقل عن 153 هجمة جویة نفذتها قوات التحالف على مدارس ومرافق تعلیمیة أو بقربها، فی 16 محافظة یمنیة: صعدة، وحجة، والعاصمة صنعاء، ومحافظة صنعاء، وأبین، والبیضاء، والحدیدة، والجوف، والمحویت، وعمران، وذمار، ولحج، ومأرب، وشبوة، وتعز، والضالع.
ووفق التقریر فإن معظم الهجمات التی شنت على المدارس کانت "عشوائیة"، "لم تجد فرق البحث المیدانیة للمنظمة أو شهود العیان قابلتهم أی أهداف عسکریة بالقرب أو بداخل 140 مدرسة مدمرة أو متضررة، مقابل 13 مدرسة تعرضت لهجوم جوی کانت بالفعل تستخدمها جماعات مسلحة، أو هناک شبهات لوجود عسکری فیها أو بالقرب منها أثناء الهجوم".
السؤال الآخر هل تمول السعودیة المدارس التی هدمتها دون مقابل؟
لن تقدم السعودیة الدعم لأطفال الیمن وهی من شردتهم، دون خطة بدیلة تعمل علیها، حیث بدأت المملکة منذ مدة لیست بالقریبة بالتوجه نحو تغیر المناهج الدراسیة فی مدارس الجمهوریة الیمنیة، وبدأت بتوزع مناهج لا احد یعرف ما بداخلها فی محافظة المهرة جنوب البلاد .
وفی وقت سابق نشرت قناة العربیة السعودیة خبر توزیع السلطات السعودیة للمنهج الدراسی فی محافظة المهرة کهدیة لدعم المسیرة التعلیمیة فی الیمن، حیث تم تدشین واستلام الدفعة الأولى من تلک الکتب المدرسیة للمسؤولین الیمنیین .
هذه الکتب التی قدمتها السعودیة فتحت باب التساؤلات حول ما محتواها، فهل هی نفس المنهج الدراسی الذی یدرس فی جمیع المدارس الیمنیة أم إنها نسخة من المناهج السعودیة، هذه التساؤلات فتحت خصوصاً مع تحرک السعودیة فی هذا المجال فی أکثر من محافظة، ففی محافظة مأرب انتشرت صورة على مواقع التواصل یظهر فیها مسؤولون سعودیون یزورون إحدى المدراس.
سعودة التعلیم، هکذا وصف مراقبون ما تقوم به السعودیة تجاه التعلیم فی الیمن، فی محاولة منها لنسخ مناهجها التی تحمل أفکاراً متطرفة إلى المدارس الیمنیة، فی نهج اعتمده فی السابق الاحتلال الفرنسی فی الجزائر.