مأساة شیعة البحرین مستمرة وکورونا شمّاعة جدیدة للقمع.. هل ینجو الحکّام من غضب الشعب؟

 یستخدم النظام البحرینی هذه المرة مراسیم الأربعین العالمیة کوسیلة للضغط على الشیعة فی البلاد واضطهادهم.

وفی هذا الصدد، أعلن النظام البحرینی فی بیان بحجة انتشار فیروس کورونا، أن کل من یقیم مراسم عزاء فی منزله بشکل جماعی فی ذکرى أربعینیة الإمام الحسین (علیه السلام)، سیعاقَب وفق القانون الجنائی.

من جهة أخرى، کان دیوان الأوقاف فی البحرین قد حظر إقامة مراسیم أربعینیة الإمام الحسین (علیه السلام) فی المراکز الدینیة والحسینیات.

کما أعلنت وزارة الداخلیة البحرینیة عن سلسلة من الإجراءات القانونیة بحق المشارکین فی مراسیم الأربعین الحسینی، فی بیان استفزازی تضمن تهدیدات للأغلبیة الشیعیة فی البلاد.

وجاء فی بیان وزارة الداخلیة البحرینیة: "فی ضوء بیان مجلس الوقف الجعفری وطلبه منع التجمعات فی مراسیم الأربعین، تؤکد وزارة الداخلیة علی ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازیة فی هذه المناسبة، من خلال استخدام تقنیة البث المباشر عبر شبکات التواصل الاجتماعی وعدم التجمعات فی المنازل".

وتحدثت وزارة الداخلیة البحرینیة عن تعاون رؤساء التکایا والتزامهم بإجراءات مکافحة کورونا، من خلال عدم إقامة أی تجمعات أو إقامة مواکب العزاء حول التکایا وإحیاء المراسیم عبر البث المباشر، وهددت باتخاذ الإجراءات القانونیة بحق من یخالف هذه القوانین.

ومثل هذه النبرة الاستفزازیة الصادرة عن وزارة الداخلیة البحرینیة لیست نادرةً، فبعض هذه الوزارات قد تعوَّدت على تهدید المواطنین الشیعة فی المناسبات الدینیة والسیاسیة.

حظر السفر إلى إیران والعراق فی البحرین

کذلک، حظرت الحکومة البحرینیة السفر إلى إیران، بعد إعلان حظر السفر إلى العراق لإقامة مراسیم الأربعین.

وقد حظرت البحرین السفر إلى إیران والعراق بحجة تفشی کورونا، بینما لا یزال السفر متاحاً إلى دول أخرى تفشی فیها الوباء بشکل مشابه أو أکثر خطورةً.

وفی هذا الصدد، حظر مجلس الأوقاف الجعفریة فی البحرین(التابعة للحکومة) فی بیانه له، مراسیم الأربعین الحسینی إلا عبر البث المباشر على الإنترنت.

کما حظر هذا المجلس حضور کبار السن وأکثر من 10 من خدم الحسینیات للبث المباشر، وکذلک توزیع المواد الغذائیة النذریة بأی شکل من الأشکال.

المعاملة الصارمة للخطباء والروادید الشیعة فی البحرین

من جهة أخرى، ألقت قوات الأمن البحرینیة القبض على رادودین هما "أحمد الماجد" و"حبیب المهدی" قبل أیام قلیلة من الأربعین، بعد إحیاء مراسم استشهاد الإمام الرضا(علیه السلام) (بحسب روایة الـ 17 من صفر) وسلَّمتهما إلى النیابة. کما تم أمس استدعاء رادودین معروفین آخرین هما "مهدی سهوان" و"أمیر البلادی" إلى مرکز الشرطة.

کذلک، استدعى المسؤولون البحرینیون خمسة من رجال الدین الشیعة یوم الجمعة الماضی، هم "الشیخ منیر المعتوق وزهیر الخال وجابر الشهرکانی وعیسى المؤمن ومحمد علی المحفوظ".

وفی هذا السیاق، أکد الشیخ "حسین الدیهی" نائب الأمین العام لجمعیة الوفاق الوطنی الإسلامیة بالبحرین، أن استهداف الحکومة البحرینیة لرجال الدین والروادید ومهاجمة الرموز العاشورائیة، هی "جریمة شنعاء" لا تقل عن تلک التی ارتکبها صدام.

وأضاف "إذا کان النظام البحرینی یعتقد أنه یستطیع تدمیر قیم الثورة الحسینیة بهذه الهجمات المروعة على مراسیم العاشوراء والطقوس الإسلامیة، فهو واهم".

وأکد الدیهی "یا من تعیشون فی الوهم، لا یمکنکم أن تقاتلوا الحسین وثورته. کل من وقف ضد حسین هو فی مزبلة التاریخ الیوم، وأنتم لستم استثناءً".

یشار إلی أنه منذ بدایة شهر محرم الحرام، ألقى جهاز الأمن البحرینی القبض على أکثر من 10 روادید وخطباء وقراء بحرینیین بذرائع واهیة، من بینها قراءة زیارة عاشوراء وإهانة بنی أمیة، کما اعتقل مواطنین بتهمة رفع علم الإمام الحسین(علیه السلام) على السطح أو أمام منازلهم.

الضغوط على الشیعة

إن إقامة مراسیم عزاء الإمام الحسین(علیه السلام) فی البحرین، على الرغم من أن غالبیة أبناء هذا البلد هم من الشیعة، ترافقها قیود وإجراءات استفزازیة من قبل الحکومة کل عام.

وفی هذا الصدد، تحدث کاتب بحرینی عن الموضوع دون أن یکشف عن اسمه فی صحیفة "الأخبار"، فکتب أن الحکومة البحرینیة استغلت کورونا ذریعةً هذا العام، لکن قمع مراسیم عاشوراء والعزاء الحسینی هو أمر سیاسی بحت.

وتساءل أولاً: "بصرف النظر عن مسألة الفکر الیزیدی والحسینی وماهیة مبدأ کل منهما، ینبغی أن نسأل ألا یجب أن تکون حریة إقامة الاحتفالات والطقوس الدینیة فی بلد غالبیة سکانه من الشیعة أمراً بدیهیاً؟ هل یُصدَّق أنه فی دولة ذات هویة شیعیة وإسلامیة، تهان المواکب الحسینیة والمساجد والحسینیات وتوجَّه إلیها الإساءات؟ بینما فی بعض البلدان الخلیجیة، تقوم الحسینیات بنشاطها السنوی وفقًا للبروتوکولات الصحیة.

وکتب رداً على السؤال الذی طرحه: "القیود على مراسم العزاء الحسینی سیاسة قدیمة، وکما تدعی الحکومة لیس لها علاقة بـ کوفید -19. تلفزیون البحرین یتجاهل أهم المراسیم التی تقام فی البلاد کل عام ولا یهتم بها. هل هذا یرتبط بکورونا أیضاً؟ بدلاً من ذلک، یبث تلفزیون البحرین خطاب الکراهیة ضد الشیعة ومعتقداتهم وتاریخهم".

کما تطرق الکاتب البحرینی إلى أوضاع الصحف والمجلات فی البلاد، وقال: هل یمنع کورونا هذه المطبوعات من الکتابة عن الإمام الحسین(علیه السلام) وشعائر أهل البیت؟

وتضیف المذکرة أنه لا أحد یصدِّق أن هناک حکومةً فی العالم الیوم تمنع تعظیم الشعائر الدینیة، فی حین أن غالبیة سکانها ینتمون إلی ذلک الدین. هذا الإجراء من قبل الحکومة هو أیضاً ضد دستور البحرین. حیث بحسب المادة 22، فإن الحکومة مطالبة بمنح المواطنین البحرینیین حق إقامة الاحتفالات والطقوس فی الحسینیات، وکذلک تزوید المشارکین بالتسهیلات اللازمة، بما فی ذلک المساعدة المالیة والتغطیة الإعلامیة والتجهیزات داخل الحسینیات. ولکن لیس فقط هذا لا یحدث، بل الحکومة والأجهزة الأمنیة تمنعان الأنشطة والمراسیم الدینیة على مدار العام.

ولذلک، فإن نظرة الحکومة لعاشوراء والحسینیات أحادیة الجانب وضیقة الأفق تمامًا، وتحاول الحکومة البحرینیة سرد تاریخ وثقافة البحرین بما یتماشی مع أفکارها.

ووفق هذا الکاتب البحرینی، فقد أغلقت الحکومة عددًا من المؤسسات الدینیة الشیعیة فی السنوات الأخیرة، بما فی ذلک "مجلس العلماء" و"جمعیة التنویر الإسلامیة"، بالتزامن مع زیادة الضغط على مجلس الوقف الجعفری. وفی السنوات الأخیرة أیضاً، تم إنزال یافطات الحسینیات عدة مرات واعتُقل الخطباء.

وجاء فی نهایة المذکرة، أن حکام البحرین لا یستطیعون تحقیق التقدم والتنمیة من خلال منع تعظیم الشعائر الشیعیة. وستسبِّب هذه السیاسات انقسامات وأزمات وخلافات عمیقة الجذور بین المواطنین البحرینیین أکثر من أی شیء آخر.