فلسطینیون الداخل للمطبعین: لن تجعلوا من "إسرائیل" دولة طبیعیة

أضافت مواقف الفلسطینیین داخل الأراضی المحتلة عام 1948 الرافضة لما یعرف باتفاقیات "السلام" العربی مع "إسرائیل"، زخماً کبیراً للرفض العربی والإسلامی وحتى الدولی لموجة التطبیع التی شهدتها المنطقة مؤخراً.

تُشکِّل هذه المواقف رافعةً للمُناهَضَة العربیة للتطبیع، وذلک لأهمیة الحرکة الفلسطینیة فی أراضی الـ48، إذ أن هؤلاء الفلسطینیین یحملون "الجنسیة الإسرائیلیة" قسراً. کذلک استناداً للأهمیة المعنویة التی تفرضها تلک المواقف، رغم عقودٍ مرّت لم تستطع من خلالها الآلة الدعائیة الإسرائیلیة محو الهویة الفلسطینیة وطمسها فی ذاکرة هؤلاء الفلسطینیین، فی الوقت الذی بدأت فیه "إسرائیل" بنسج "علاقات طبیعیة" مع بعض الدول العربیة.

سامی أبو شحادة: "إسرائیل" دولة احتلال ولن تستطیع الإمارات أو البحرین تحویلها إلى دولة طبیعیة

فی هذا السیاق، علّق النائب فی الکنیست الإسرائیلی عن "التجمّع الوطنی الدیمقراطی" فی "القائمة المشترکة"، سامی أبو شحادة، على اتفاقیات التطبیع التی حصلت بین "إسرائیل" من جهة والبحرین والإمارات من جهةٍ أخرى، مشیراً إلى أن "إسرائیل هی دولة احتلال ولن تستطیع الإمارات أو البحرین أو أمیرکا أن یجعلوا منها دولة طبیعیة تستطیع أن تعیش بشکل طبیعی فی العالم العربی والإسلامی".

وقال أبو شحادة فی حدیثٍ للمیادین نت "نحن لا نعوّل على نظام الحکم فی الإمارات والبحرین لتحریر فلسطین، ولذلک لا نتوقع أن یکون هناک تأثیر کبیر على مستقبل القضیة الفلسطینیة"، مشدداً "نتعامل مع محاولات التطبیع على أنها محاولات فاشلة لن تنطلی على شعوب العالم العربی، ولیست إلا محاولات لدعم الحملة الانتخابیة للمجرم ترامب وللمجرم نتنیاهو".

وبیّن أبو شحادة أن من یعرف المشروع الصهیونی بشکل عمیق، یکون لدیه ثقة کبیرة جداً، بأن "هذا المشروع الاستیطانی الاستعماری لن یُقبل کجزء من المنطقة، لما له من أبعاد عنصریة استعلائیة تجاه العالم العربی ککل ولیس فقط الشعب الفلسطینی".

وتابع: "قدوم مواطنین بحرینیین أو إماراتیین إلى فلسطین المحتلة سیکشف لهم زیف الدیمقراطیة الإسرائیلیة ووهم المشروع الصهیونی الاستیطانی بمجرّد تجوّلهم بین المدن الإسرائیلیة والمدن الفلسطینیة، أو مشاهدة جدار الفصل العنصری، أو علم الاحتلال المرفوع على المسجد الأقصى وإجراءات الاحتلال التعسّفیة الیومیة بحق الفلسطینیین"، معتبراً أن هذا کله "سیؤکد لهم عدالة القضیة الفلسطینیة ومصداقیتها".

أوساط شبابیة: اتفاقیات التطبیع هدفها طمس ما تبقى من الهویة الفلسطینیة

وعلى خطّ موازٍ، طُلّاب فلسطینیون فی الجامعات الإسرائیلیة فضّلوا عدم الکشف عن أسمائهم لضرورات أمنیة، أکدوا لـ"المیادین نت" أنه "رغم فرض الجنسیة الإسرائیلیة علینا کفلسطینیین فی الداخل کثمن لبقائنا فی أرضنا، إلا أننا لا نرید للعالم العربی الاعتراف بنا من خلال جواز السفر الإسرائیلی أو اتفاقیات السلام الممهورة بالذل"، مشیرین إلى أن فلسطینیی الداخل "هم جزء لا یتجزأ من الشعب الفلسطینی، ورغم محاولات سلخ هذه الأقلیة عن بُعدها العربی والإقلیمی إلا أننا لم ننسَ هویتنا الأصلیة".

کما ترى فئات شبابیة فلسطینیة فی الداخل المحتل أن التطبیع لن یغیر شیئاً من الواقع العربی الداعم للقضیة الفلسطینیة.

ویعتبر هؤلاء أن تلک الاتفاقیات هدفها "طمس ما تبقى من الهویة الفلسطینیة"، بینما یراها آخرون استکمالاً لنهج الاحتلال الاستطیانی، مشددین على أنها "لیست سلاماً بین طرفین، بل هی بالأساس لنهب الخیرات الموجودة عند العرب لتذهب إلى المحتلّ الإسرائیلی، ولاستعمال هذه الحکومات، التی لم تقف یوماً مع فلسطین، فی أدوار تآمریة مستقبلیة على المنطقة". 

الناشطون من الدّاخل المحتل أکّدوا للمیادین نت أن "هذا التطبیع سیضرُّ بالعالم العربی کُلّه"، معتبرین أن "الإمارات والبحرین تنفّذان الرؤیة التّلمودیة للمشروع الصهیونی بحذافیرها لتقضی على ما تبقّى من القضیة الفلسطینیة بمحاولات بائسة لتزییف ذاکرة شعوبها وإقناعها بوجوب وجود إسرائیل فی المنطقة بحجّة الواقعیة السیاسیة، والإسرائیلیون یستغلون موقف هذه الأنظمة المعادی لإیران لتنفیذ الأجندات الصهیونیة".

رفض واسع فی الداخل المحتل لاتّفاقیات التطبیع 

یذکر أنه عقب توقیع اتفاقیات التطبیع الأخیرة، أبدى الفلسطینیون فی الداخل المحتل موقفهم المعارض. حیث دعت لجنة المتابعة العلیا لشؤون الفلسطینیین فی الداخل فی منتصف شهر أیلول/سبتمبر الماضی لتظاهرة رافضة لاتفاقیات التطبیع الإماراتیة والبحرینیة مع الاحتلال الإسرائیلی حملت عنوان "لا لصفقات التآمر على الشعب الفلسطینی وقضیته" و"ضد انبطاح أنظمة العمالة الإماراتیة والبحرینیة"، واعتبر فیها المتظاهرون أن "اتفاقیات التطبیع "تکریس للاحتلال الإسرائیلی، وخیانة للشعب الفلسطینی".

وعلّقت لجنة المتابعة العلیا ببیان لها على اتفاقیات التطبیع معتبرةً الخطوة "هرولة مشبوهة لأنظمة عربیة باتجاه التطبیع مع المؤسسة الإسرائیلیة"، رافضةً أی تجاوز لحقوق الشعب الفلسطینی الثابتة والمعترف بها دولیاً، بما فی ذلک "تجاوز أنظمة عربیة للمبادرة العربیة".

کما استنکرت اللجنة "إقامة علاقات بین دولة الإمارات وإسرائیل برعایة أمیرکیة"، مشیرة إلى أن "هذه الأنظمة ستدفع ثمن طعنتها أمام شعوبها عاجلاً أم آجلاً". 

أمّا حرکة "أبناء البلد" الفلسطینیة والمُعارِضة لأی شکل من أشکال مشارکة فلسطینیی الداخل فی انتخابات الکنیست الإسرائیلی، أصدرت بیاناً رأت فیه أن دول الخلیج تتنازل عن قواعد الحد الأدنى من الدعم العلنی لحل الدولتین لتنتقل حتى إلى "المساهمة فی تقویة إسرائیل سیاسیاً من جهة،.. ودعمًا لخط رئیس الحکومة الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو من جهة أخرى بإعطائه طوق نجاة یساعده فی أزمته الداخلیة بدلاً من تعمیقها".

معتبرةً هذه الخطوة "تعبیراً أکثر صراحة لدور الإمارات فی محاصرة المقاومة، وضرب المحور المناهض للدور الأمیرکی الإسرائیلی فی المنطقة، ما بات یتطلب منا مواجهته کما نواجه کافة المشاریع التَّصْفَوِیَّة بحق أمتنا وشعبنا".