المطران حنا: المسیحیون والمسلمون ومقدساتهم فی آتون البطش الإسرائیلیّ
بالتزامن مع حملات التطبیع مع العدو الصهیونیّ تحت مُسمى "السلام"، لا یکف الاحتلال الغاصب للأراضی الفلسطینیّة عن ممارسة الضغوط على کلّ ما هو غیر یهودیّ باستهداف المسلمین والمسیحیین هناک، حیث شدّد رئیس أساقفة سبسطیّة الروم الأرثوذکس، المطران عطا الله حنا، على وجود محاولات إسرائیلیّة ممنهجة لإضعاف وتهمیش وشطب الوجود المسیحیّ من مدینة القدس المحتلة ودفعهم لمغادرتها، محملاً سلطات العدو المسؤولیة الکاملة عن تراجع أعداد المسیحیین فی المدینة المقدسة من جراء سیاساتها وظلمها للفلسطینیین.
حقیقة مرة
المسیحیون أمام حقیقة مرة الیوم، فقد أصبح عددهم فی مدینة القدس لا یتجاوز الـ 8 آلاف مسیحیّ، بعد أنْ کانوا یفوقون الـ 35 ألف مسیحیّ عام 1948، وتعود أسباب تلک القضیّة، إلى سیاسات الاحتلال المتبعة بحق المقدسیین من مسلمین ومسیحیین، إلى جانب الظروف الاقتصادیّة والمعیشیّة الصعبة التی یعانی منها الأهالی نتیجة لسیاسات الاحتلال.
کذلک، یوجد عدد من العائلات المسیحیّة لم یبق لها أیّ أثر فی مدینة القدس، وفق المطران عطا الله حنا، الذی أکّد أنّ ما یتعرض له المسیحیون یتعرض له المسلمون، فالتهجیر عن المدینة المقدسة لم یطَل المسلمین وحدهم بل طال المسیحیین أیضاً، مبیّناً أنّه یتم التواصل مع المسیحیین فی القدس باستمرار من أجل دعم صمودهم فی أرضهم، کما یتم التواصل مع المغتربین لإبقائهم على ارتباط مع مدینتهم ولحثهم على العودة إلیها.
وفی الوقت الذی یُجمِع فیه الفلسطینیون بمختلف أطیافهم على أنّ العدو الغاشم یسعى بکل الطرق والأسالیب العدوانیّة لطمس هویتهم الإسلامیّة والمسیحیّة، بالتوازی مع ممارسات التضییق وتشدید الخناق علیهم على حد سواء وتعکیر صفو حیاتهم، أشار رئیس أساقفة سبسطیّة الروم الأرثوذکس، أنّ الاعتداء الصهیونیّ على المسجد الأقصى بمنزلة اعتداء على المسیحیین والمسلمین فی العالم، وأنّ التعدی على الأوقاف المسیحیّة تعدٍّ على المسلمین فی فلسطین التی کانت وستبقى أنموذجاً للعیش المشترک بین أبنائها.
وبینما ینشغل العالم بجائحة فیروس کورونا، تستغل سلطات العدو الصهیونیّ هذه الفترة العصیبة من أجل تنفیذ مخططاتها وجرائمها فی مدینة القدس المحتلة التی حولتها إلى مدینة أشباح بعد أن کانت تنبض بالحیاة، حیث أوضح المطران حنا أنّ الاحتلال یحاول جعل واقع مدینة القدس أکثر مأساویّة وصعوبة، محذراً من استغلال العدو الصهیونیّ للجائحة، من أجل فرض السیطرة على القدس والمسجد الأقصى المبارک والبلدة القدیمة.
وفی ظل الاعتداءات المستمرة التی تنتهجها قوات الاحتلال بمساعدة المستوطنین، لمحاولة إنهاء الوجود المسیحیّ فی القدس، وسرقة العقارات والأماکن الدینیّة المسیحیّة ونهبا، قال المطران حنا: "نحن واعون لما یُخطط لمدینتنا فالمسیحیون والمسلمون أسرة واحدة ولن یتخلوا عن واجبهم الإنسانیّ والروحیّ والوطنیّ فی الدفاع عن عاصمتهم".
لیسوا عابری سبیل
لا تفرق قوات الاحتلال بین المسلمین والمسیحیین فی قمع واستهداف المقدسیین، فالعدو لا یفرق بین مسجد أو کنیسة، أو أوقاف مسیحیّة أو إسلامیّة، فکل الفلسطینیین مستهدفون ویراد لهم التحول إلى عابری سبیل فی وطنهم وأرضهم، لکنهم لیسوا کذلک ولیسوا ضیوفاً عند أحد، فالقدس والمقدسات لهم، ولأنّهم أصحاب الأرض، مُصرّون على الدفاع عن هویتها العربیّة والإسلامیّة.
وفی هذا الخصوص، دأب جیش العدو منذ بدایة احتلاله لفلسطین، على مهاجمة کل سکان هذه الدیار، دون النظر أو الاکتراث فی مرجعیاتهم الدینیّة وغیرها، فعانى الجمیع من هول الممارسات العدوانیّة والاعتداءات الهمجیّة التی وصلت إلى القتل والتدمیر، فلم تَسلَم المقدَّسات المسیحیة الدینیّة من بطشهم، ومنذ "النکبة" عام 1948، تقبع المعالم الأثریّة وکنائس وأدیرة المسیحیین تحت دائرة بطش الصهاینة ونیرانهم، فیما فشل الاحتلال الغاشم فی اقتلاع الفلسطینیین والمسیحیین من جذورهم.
إضافة إلى ذلک حث المطران حنا مسیحیی العالم على الدفاع عن فلسطین وعن مدینة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارک، واعتبر الدفاع عنها واجباً إنسانیّاً وأخلاقیّاً وحضاریّاً، داعیّاً القیادة والفصائل الفلسطینیّة لإتمام تحقیق الوحدة الوطنیّة لمواجهة کل جرائم العدو والمشاریع التی تعصف بالقضیة الفلسطینیّة.
ومن الجدیر بالذکر، أنّ رئیس أساقفة سبسطیّة الروم الأرثوذکس فی فلسطین، المطران عطا الله حنا، أواخر العام الفائت، وجه الاتهام للکیان الصهیونیّ ومعاونیه بالوقوف خلف محاولة اغتیاله عن طریق السمّ، مؤکّدا ًعزمه على الدفاع عن الشعب الفلسطینیّ، رغم کل محاولات اسکاته لصرفه عن التحدث والمدافعة عن شعبه وقضیّته.