الناتو یستمر فی الوجود العسکری فی العراق... ماذا عن غضب الشعب؟
أعلن الأمین العام لحلف شمال الأطلسی(الناتو) "ینس ستولتنبرغ" مؤخرًا، أن أعضاء هذا التحالف العسکری وافقوا على توسیع مهمتهم التدریبیة فی العراق.
هذا القرار أعلنه ستولتنبرغ بعد اجتماع استمر یومین لوزراء دفاع الناتو، قائلاً إن الناتو ملتزم بزیادة الدعم فی ضوء الوضع الأمنی المتأزم.
وزعم أن "هدفنا هو المساعدة فی بناء قوات عراقیة مکتفیة ذاتیاً، وقادرة على مواجهة الإرهاب ومنع عودة داعش وتحقیق الاستقرار فی بلدهم".
ومضى الأمین العام لحلف الناتو معرباً عن قلقه مما أسماه تزاید عدد وتعقید الهجمات ضد القوات الدولیة فی العراق. وقال إن نطاق رفع مستوى المهمة فی العراق سیتحدد فی اجتماع لوزراء الدفاع فی فبرایر.
ویأتی ادعاء الأمین العام لحلف الناتو بزیادة وجوده فی العراق، فی وقت یتعارض إلى حد کبیر مع وضع هذا البلد.
زیادة وجود الناتو فی العراق یتعارض مع رغبات العراقیین
تأتی مطالبة الأمین العام للناتو بزیادة الوجود العسکری فی العراق، فی الوقت الذی یسعى فیه الرأی العام العراقی بقوة إلى انسحاب القوات الأجنبیة من البلاد.
وبناءً على طلب الرأی العام العراقی نفسه، صوَّت البرلمان العراقی فی الشتاء الماضی على سحب جمیع القوات الأجنبیة، من خلال عقد اجتماع بشأن انسحاب القوات الأمریکیة. کما دعا البرلمان العراقی إلى حظر استخدام القوات الأجنبیة للأجواء العراقیة، لأی سبب من الأسباب.
فی الواقع، بعد العمل الإرهابی والعدوانی الذی قام به الجیش الأمریکی بمهاجمة السیارة التی کانت تقل "الفریق سلیمانی" و"أبو مهدی المهندس" فی مطار بغداد، یؤکد الرأی العام فی العراق بشدة على انسحاب القوات الأجنبیة، وخاصةً الأمریکیة، وبتأثیر من الرأی العام وافق البرلمان العراقی على انسحاب القوات الأجنبیة من البلاد.
والآن فی الوقت الذی یؤکد فیه کل من الرأی العام والبرلمان العراقیین بجدیة على انسحاب القوات الأجنبیة، فإن تأکید الناتو على زیادة وجود قواته فی العراق، هو فی الواقع إجراء غیر قانونی، ویتعارض مع الرأی العام العراقی وقرار البرلمان.
استمرار الوجود الأمریکی فی العراق تحت غطاء الناتو
من ناحیة أخرى، یرى البعض أن ترکیز الناتو على استمرار وتوسیع وجوده فی العراق، یتزامن مع بعض الأنباء والتحرکات الأمریکیة لتقلیص وجودها والانسحاب التدریجی من العراق، بعد ضغوط داخلیة فی هذا البلد.
ووفقًا لهذا التحلیل، فعلى الرغم من أن الولایات المتحدة غیر قادرة على مواصلة وجودها العسکری فی العراق کما فی السنوات السابقة بسبب الضغوط الکبیرة، ولکن ربما بعد الانسحاب الرسمی من العراق، یبحث الجیش الأمریکی الآن عن حضور بالوکالة تحت غطاء الناتو فی بعض المناطق العراقیة.
وفی وقت سابق أیضاً، قال مسؤول أمریکی طلب عدم الکشف عن هویته، إن الولایات المتحدة من المتوقع أن تسحب ثلث قواتها من العراق.
کذلک، کان الرئیس الأمریکی قد أعلن فی لقاء مع رئیس الوزراء العراقی فی واشنطن، أنه یعمل على خفض عدد قوات بلاده فی العراق، وأن الانسحاب سیکتمل فی غضون ثلاث سنوات.
وفی الشهر الماضی، أعلن الجنرال "کینیث ماکنزی" قائد القیادة المرکزیة الأمریکیة، أن عدد القوات الأمریکیة فی العراق سینخفض من نحو 5200 إلى 3000.
وفی ظل هذه الظروف، على الرغم من أن الولایات المتحدة تسحب ظاهریًا قواتها من العراق، ولکنها ستواصل مهمتها وتحرکاتها فی البلاد فی شکل الناتو.
فی الوقت نفسه، یسعى المواطنون العراقیون إلى الانسحاب الکامل للقوات الغربیة والأجنبیة من بلادهم، ولا شک فی أن زیادة وجود القوات الأجنبیة فی شکل حلف شمال الأطلسی فی العراق، أمر غیر مقبول للشعب العراقی مثل وجود القوات الأمریکیة.
ولذلک، على الرغم من أن الأمین العام لحلف الناتو قد صرَّح بأن الغرض من استمرار وجود هذا الحلف فی العراق، هو استقرار الوضع الأمنی فی هذا البلد، ولکن بما أن هذا الهدف لا یتماشى مع مطالب الرأی العام العراقی، فمن غیر المتوقع أن یؤدی استمرار حضور الناتو فی العراق إلی توسیع واستقرار الوضع الأمنی فی العراق، وربما یزداد الوضع الأمنی فی هذا البلد سوءاً أکثر من أی وقت مضى، مع استمرار وجود قوات الناتو الأجنبیة.