103 أعوام علی وعد بلفور المشؤوم وسرقة أرض "فلسطین"... المأساة تتکرر فی "صفقة قرن" بلفوریّة!
103 أعوام مرت على وعد بلفور المشؤوم، الذی حول حیاة الفلسطینیین إلى جحیم، بعد أن منحت الحکومة البریطانیة حینها الیهود الحق فی إقامة وطن قومی لهم على أرض فلسطین، وقاد وعد بلفور إلى قیام فلسطین الانتدابیة، التی تضم حالیاً "الکیان الإسرائیلی والمناطق الخاضعة للسلطة الفلسطینیة"، وتسبب بقیام ما یعرف بـ "الصراع العربی الإسرائیلی"، ووصف فی حینه بأنه "وعد من لا یملک لمن لا یستحق".
وعد بلفور کان بمثابة الضوء الأخضر للإسرائیلیین لاحتلال فلسطین وإقامة کیانهم علیها، ومنذ ذلک الوقت وإخوتنا الفلسطینیون وهم یقامون الاحتلال الاسرائیلی ووعد بریطانیا بکل ما أوتیوا من قوة ورباطة جأش، بالرغم من الخذلان الذی یشعرون به الیوم فی ظل تآمر بعض الأنظمة العربیة على القضیة الفلسطینیة، وتوقیعهم اتفاقیات سلام مجانیة مع الاسرائیلیین على حساب فلسطین، وآخرها اتفاق ابراهام الذی وقعته الامارات والبحرین فی 15 أیلول الماضی مع العدو الصهیونی، وتبعها إعلان وزیر الخارجیة السودانی المکلف، عمر قمر الدین، بأن الحکومة الانتقالیة وافقت على تطبیع العلاقات مع الاحتلال الإسرائیلی، ما اعتبره الفلسطینیون، بإجماع الفصائل کافة والقیادة، "طعنة فی الظهر وخیانة للقضیة الفلسطینیة".
ومقارنة باتفاق أبراهام الذی أسس لتطبیع إماراتی بحرینی إسرائیلی، فحسب النصوص التی أصدرها البیت الأبیض عقب توقیع الاتفاق فی أیلول الماضی، تضمن الاتفاق تفکیکا ضمنیا لما عرف بـ "الصراع العربی الإسرائیلی". فقد نص على إقامة سلام وعلاقات دبلوماسیة کاملة بین أطرافه، مع "اعتراف کل طرف بسیادة الطرف الآخر وحقه فی العیش بسلام".
وکما نص وعد بلفور على منح حق للیهود بإقامة "وطنهم" فی فلسطین، أعطت اتفاقات التطبیع العربیة الحق فی السیادة الإسرائیلیة الکاملة على هذه الأرض، کما أقرت ضمنا بأبرز خطوات صفقة القرن وهی نقل السفارة الأمریکیة إلى القدس باعتبارها "عاصمة موحدة لإسرائیل"، وتعاملت معها کمکان دینی فقط ووصفت الاتفاق "بالفرصة" للمسلمین من أنحاء العالم لزیارة المسجد الأقصى.
عندما تم اطلاق وعد بلفور قبل 103 أعوام کان الفلسطینیین یملکون کامل أرضهم، وطالب الوعد بعدم بحقوق الفلسطینیین، ولکن هذا الشق لم یحصل، وللتذکیر فقد کان الفلسطینیون یطالبون عند توقیع اتفاقیة أوسلو للسلام مع اسرائیل بأقل من 22% من مساحة أرضهم، مع العلم أن وعد بلفور أعطى الفلسطینیین أکبر من هذه المساحة بکثیر، والتغییرات الحدیثة قد تجعل الامور تزداد سوءا اذا لم یتم الاتجاه نحو ایجاد حل لهذه الانتهاکات الدولیة غیر المبررة بحق الفلسطینیین والتآمر علیهم، وربما الوحدة بین الفلسطینیین هی احدى ابرز الحلول لکن المقاومة هی الحل الانجع وهذا ما اختبره الفلسطینیون خلال حیاتهم.
ذکرى وعد بلفور لا تمر إلا ویجدد الفلسطینیون دعوات الاحتجاج على "الوعد المشؤوم"، وخرج الفلسطینیون بمظاهرات فی الأراضی الفلسطینیة، ظهر الاثنین، استجابة لدعوات أطلقتها القوى الوطنیة والإسلامیة بذکرى وعد بلفور.
وأوضحت القوى فی محافظة البیرة ورام الله، فی بیان نشرته وکالة الأنباء الفلسطینیة "وفا"، أنها تنظم مسیرة جماهیریة، "تأکیدا على مواصلة شعبنا کفاحه الوطنی المشروع لنیل حقوقه".
ویشارک فی المسیرة: هیئة مقاومة الجدار والاستیطان، والحرکة الطلابیة فی الجامعات والمعاهد فی رام الله والبیرة، واللجنة الوطنیة للدفاع عن حق العودة، والاتحادات النسویة، والعمالیة، والمهنیة والفعالیات الوطنیة والشعبیة، ونشطاء المقاومة الشعبیة.
وأشارت القوى إلى أن الفعالیة "تأتی فی ظرف سیاسی بالغ الدقة والخطورة، حیث تتصاعد مخططات الضم ضمن سیاسات تکریس الامر الواقع الاحتلالی، واستمرار الهرولة لمستنقع التطبیع المجانی مع الاحتلال على حساب الحقوق الوطنیة لشعبنا". ویجد الفلسطینیون فی ذکرى الوعد، أنفسهم بمواجهة "صفقة القرن" الأمریکیة، ومخططات الضم الإسرائیلیة وتهوید القدس المحتلة وتوسعة الاستیطان، لیضاف إلیها صفقات التطبیع.
حماس ایضا اصدرت بیانا بهذه المناسبة وجاء فیه: "إنّ "شعبنا مستمر فی صموده وثباته وتصدیه لکل المؤامرات والمخططات التی تهدف إلى تصفیة حقوقنا الوطنیة، بدایة بوعد بلفور المشؤوم وصولاً لسرقة القرن المرفوضة".
وأکدت على أن بریطانیا التی ارتکبت مجزرة تاریخیة بحق شعب وبحق وجوده وثقافته وتاریخه؛ بات علیها الیوم التکفیر عن خطیئتها، بإعادة الحقوق لأهلها، والاعتذار لشعبنا الفلسطینی بتسهیل عودة اللاجئین الذین هُجروا من موطنهم الأصلی فی فلسطین التاریخیة، وتعویضهم عما لحق بهم، ودعم حقهم فی الحریة والاستقلال وتقریر المصیر.
وأضافت استمرار وجود شعبنا على أرضه، واستمرار مقاومته ونضاله فی وجه الاحتلال الباطل شرعا وقانونا، یقول للجمیع وبوضوح بالغ إن الاعتراف به أو شرعنة کیانه الغاصب، أو التطبیع معه تحت أی مبرر من المبررات، أو تحت أی ظرف من الظروف، لا قیمة له عملیا، وستثبت لهم الأیام کم أنهم کانوا مخطئین. وشددت الدائرة على أن حق الشعب الفلسطینی فی مقاومة الاحتلال حتى تحقیق أهدافه بالحریة والخلاص من الاحتلال، حق ثابت وغیر قابل للمساومة، وسیبقى شعبنا یرفض رفضا قاطعا کل محاولات التطبیع مع کیان العدو بکل أشکاله وعلى مختلف مستویاته، بل یعتبر شعبنا ذلک جریمة کبرى وطعنة فی ظهر الصمود الفلسطینی.
وأکدت تأییدها لمختلف الجهود التی تسعى لتحقیق الوحدة الوطنیة کضرورة استراتیجیة تستلزم العمل لأجلها من قبل کل مکونات الشعب الفلسطینی، وإعادة توحید شعبنا الفلسطینی ومکوناته المختلفة على أساس الشراکة الوطنیة.
وشددت على أن شعبنا الفلسطینی سیبقى متمسکًا بالمقاومة بکل أشکالها، وفی مقدمتها المقاومة المسلحة لمواجهة الاحتلال، وجرائمه البشعة بحق شعبنا، حتى تحقیق أهدافه المنشودة بالحریة والاستقلال.
من جهتها حملت حرکة فتح الأمم المتحدة والمجتمع الدولی مسؤولیة استمرار الظلم ومعاناة الشعب الفلسطینی ومسؤولیة تمادی اسرائیل فی انتهاک القانون الدولی وقرارات الشرعیة الدولیة. ودعت بریطانیا المسؤولة عن اعلان بلفور وتنفیذه فی فلسطین الى تصحیح موقفها عبر الاعتراف بالدولة الفلسطینیة وعاصمتها القدس الشرقیة على حدود الرابع من حزیران لعام 1967.
أما جامعة الدول العربیة فقد جدّدت الیوم الاثنین، مطالبتها فی ذکرى وعد بلفور بتصحیح هذا الخطأ التاریخی، وطالبت بریطانیا بالاعتراف بالدولة الفلسطینیة وبهذا الظُلم التاریخی الذی تسببت فیه، دعماً للسلام وفق رؤیة حل الدولتین، والضغط على إسرائیل، القوة القائمة بالاحتلال، لوقف جرائمها وانتهاکاتها المُتواصلة ووقف آلة الحرب والعدوان وإنهاء احتلالها لأرض الدولة الفلسطینیة.
وأکدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة، فی بیان لها الیوم، بمناسبة الذکرى الـ103 لوعد بلفور، أن السلام الشامل والعادل والدائم له طریق واحد وهو إنهاء الاحتلال الإسرائیلی لکل الأراضی الفلسطینیة والعربیة المُحتلة منذ عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطینیة وعاصمتها القدس الشرقیة وفقاً لمُقررات الشرعیة الدولیة ومُبادرة السلام العربیة.