قانون الانتخابات العراقی الجدید بین مؤید ومعارض.. هل یقدم للعراق حلولاً؟
وقع الرئیس العراقی برهم صالح ، یوم الثلاثاء الماضی ، على قانون انتخاب جدید بعد شهور من النقاشات السیاسیة حوله. ومن المقرر إجراء الانتخابات العراقیة فی 6 یونیو من العام المقبل بموجب القانون الجدید. وتمکن مجلس النواب العراقی قبل أسبوع من تجاوز العقدة الأخیرة فی طریق تمریر قانون الانتخابات المتعلق بمحافظة کرکوک والتصویت على المشروع.
کان إقرار قانون الانتخابات الجدید من أهم المطالب السیاسیة والاجتماعیة للعراقیین فی السنوات الأخیرة ، وخاصة بعد احتجاجات العام الماضی. وفی عهد حکومة عادل عبد المهدی السابقة شُکلت لجنة وزاریة لهذا الغرض ، عَقدت ثلاثة اجتماعات ولکن مع استقالة الحکومة توقفت مهامها.
لکن ما هی تفاصیل قانون الانتخابات العراقی الجدید وکیف یختلف عن قانون الانتخابات السابق؟ ومن جانب آخر ، ما هو تأثیر التغییرات على أجواء المنافسة السیاسیة ومعادلات القوة فی هذا البلد؟ وما هو موقف مختلف القوى السیاسیة؟
أهم التغییرات فی قانون الانتخاب الجدید
یحتوی قانون الانتخابات العراقی الجدید على 50 مادة تشمل التعریفات والأهداف والمصداقیة وحقوق التصویت والمرشحین والدوائر الإنتخابیة وتسجیل الناخبین ، بالإضافة إلى العدید من الأحکام الجزئیة والکلیة. وقد مر هذا القانون بتغییرات جذریة من نواحی مختلفة ، ولکن ربما یکون التغییر الأکثر أهمیة متعلقًا بزیادة الدوائر الانتخابیة.
فی انتخابات 2005 و 2018 ، صنف العراق کل محافظة على أنها دائرة انتخابیة ، ولکن بموجب القانون الجدید ، تم تقسیم الـ 18 محافظة إلى دوائر أصغر. فی هذا التغییر ، یتم تقسیم المحافظات والمدن إلى دوائر انتخابیة أصغر بناءً على المناطق والمدن ، ویکون لکل 100000 شخص مقعد برلمانی واحد ، وإذا کان عدد سکان المنطقة أقل من 100000 نسمة ، فیتم دمجها مع منطقة مجاورة لتجاوز هذه الإشکالیة.
وبموجب القانون الجدید ، سیتم توزیع 83 دائرة انتخابیة على جمیع المحافظات وسیتم انتخاب 322 نائباً فیها ، أی من 3 إلى 5 ممثلین عن کل منطقة. ووفق هذا القانون ، تنقسم العاصمة بغداد إلى 17 دائرة ویکون لها 69 نائباً. فی حین ، تم تقسیم نینوى إلى ثمانی دوائر انتخابیة بـ 31 مقعدًا. فیما سیکون للبصرة 6 دوائر یمثلها 25 نائبًا.
ویکون لمحافظة ذی قار 5 دوائر بـ 19 نائبا ، وبابل 4 دوائر بـ 17 مقعدا ، والانبار 4 دوائر بـ 15 نائبا ، ومحافظة دیالى 4 دوائر بـ 14 نائبا ، وکرکوک 3 دوائر بـ 12 مقعدا ، ومحافظة النجف الأشرف ثلاث دوائر بعدد 12 نائبا. وستکون محافظة صلاح الدین من ثلاث دوائر تضم 12 نائبا ، وکربلاء 11 نائبا. وینطبق الشیء نفسه على محافظتی واسط والدیوانیة ، فی حین أن دائرة میسان سیکون لها نفس عدد الدوائر ولکن بـ 3 نواب.
وستضم محافظة المثنى الواقعة فی جنوب العراق والمتاخمة للسعودیة دائرتین وسبعة مقاعد. وفی السلیمانیة فی اقلیم کوردستان بلغت عدد الدوائر الانتخابیة 5 دوائر بـ18 مقعد ، بینما بلغت فی اربیل 4 دوائر انتخابیة و 16 مقعدا فی البرلمان. کما أن دهوک مقسمة أیضا إلى 3 دوائر مع 12 مقعدا. وبموجب القانون الجدید ، ستبقى سبعة مقاعد للأقلیات الدینیة.
وبحسب بند آخر فی القانون الجدید ، فإن حق الترشح فی الانتخابات ، لن یقتصر من الآن وصاعدًا على الحاصلین على شهادات جامعیة ، کما یحق لمن حصل على شهادة الثانویة العامة الترشح.
کما نص القانون الجدید على أن الفائز هو من یحصل على أکبر عدد من الأصوات بغض النظر عن عدد ونسبة الأصوات. ووفق هذه التراتیبیة ، فی حالة استقالة أو وفاة نائب ما ، یکون البدیل هو الشخص الذی حصل على أکبر عدد من الأصوات ، ولیس نائب من حزبه. فی المقابل ، بحسب هذا البند ، لا یملک رئیس التحالف الإنتخابی أو رئیس أی قائمة انتخابیة أخرى ، سلطة اختیار مرشح على آخر فی قائمته ، لأن القانون ینص على أن المرشح الذی یحصل على أکثر الأصوات هو الفائز بالمقعد النیابی.
کما قانون الانتخاب الجدید یحظر إمکانیة إنتقال النائب الفائز من کتلته النیابیة إلى کتلة أخرى إلا بعد تشکیل الحکومة بهدف الحد من المناکفات السیاسیة والفساد وحتى التهدیدات الداخلیة والخارجیة ضد النواب.
التعبات المحتملة لقانون الانتخابات الجدید
على الرغم من أن قانون الانتخابات العراقی الجدید تمت صیاغته بهدف التضییق على نظام المحاصصة السیاسیة ، الذی یرى المعارضون والمنتقدون إنه أدى إلى احتکار السلطة فی أیدی الأحزاب والقوى الکبیرة والتقلیدیة ، مما یعطی متنفسًا للمستقلین والأحزاب الصغیرة ، لکن لا یوجد اتفاق بین القوى السیاسیة حول هذه المسألة. وفی الواقع ، خلق القانون الجدید الکثیر من الارتباک والحیرة لدى التیارات السیاسیة العراقیة لإتباع نهج مُرحب أو مُعارض لهذه التغییرات.
یمکن رؤیة المعارضة الأهم ، أو بعبارة أخرى ، القوى المحافظة فی مواجهة القانون الجدید ، فی تیارات بارزة مثل تحالف الفتح ، وائتلاف دولة القانون ، والائتلاف الوطنی بزعامة خمیس الخنجر ، وبعض الأحزاب الکردیة کالحزب الدیمقراطی. فی غضون ذلک ، لم یرحب حتى المتظاهرین بالقانون الجدید ، کما قال أحمد الخضر ، عضو لجان تنسیق مظاهرات أکتوبر ، "لقد سُرق قانون الانتخاب الذی أراده الشعب وتم تقدیم نسخة مشوهة بدلاً منه یخدم الأحزاب الفاسدة".
تظهر أنباء المفاوضات البرلمانیة أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوری المالکی والحزب الدیمقراطی الکردستانی دعا الى إبقاء کل محافظة دائرة انتخابیة. ویقول محللون إن الحزب الدیمقراطی یشعر بالقلق من خسارة العدید من مقاعده فی المناطق المتنازع علیها.
فی وقت سابق ، ادعى صباح طالوبی ، النائب عن ائتلاف سائرون فی البرلمان العراقی ، أن بعض الأحزاب تعارض تعدد الدوائر فی المحافظات لأنها ستخسر الکثیر من مقاعدها فی البرلمان المقبل. ومن بین المؤیدین ، طالب تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر بأن یکون لکل دائرة انتخابیة نائب ، لکن تحالف عراقیون بزعامة عمار الحکیم کان یمیل لمنح أربعة مقاعد فی کل دائرة انتخابیة.