ترکی الفیصل یغازل جو بایدن.. ما الثمن الذی ستدفعه السعودیة لإرضاء واشنطن؟
عقب خسارة دونالد ترامب حلیف السعودیّة فی الانتخابات الرئاسیّة الأمریکیّة، ومبارکة العاهل السعودیّ، الملک سلمان وابنه ولی العهد الأمیر المتأخرة للرئیس الأمریکیّ الجدید، جو بایدن، هرع المسؤولون السعودیون فی إطلاق الهراء والتملق المکشوف لمحاولة کسب ود "أمریکا بایدن"، وکان آخرهم رئیس الاستخبارات السعودیة السابق، ترکی الفیصل، الذی أوضح أنّ الرئیس الأمریکیّ المنتخب یدرک مصالح بلاده، مدعیّاً أنّ الریاض ستبقى أکبر شریک استراتیجیّ لواشنطن فی المنطقة، بحسب قناة "سکای نیوز عربیة" التابعة للنظام الإماراتیّ.
مصالح أمریکا
فی أسلوب سعودیّ رخیص، قال رئیس الاستخبارات السعودیة السابق، ترکی الفیصل، المعروف بعلاقاته الوثیقة بوکالة الاستخبارات الأمریکیة "CIA"، إنّ بایدن لا تغیب عنه مصالح أمریکا فی المنطقة من خلال خبرته کعضو فی مجلس الشیوخ الأمریکیّ، وکنائب للرئیس فی عهد باراک أوباما، حسب زعمه.
وبعد خسارة الرئیس الأمیرکیّ، دونالد ترامب الذی کان یرغم السعودیة على دفع ملیارات الدولارات مقابل حمایة واشنطن لها، أشار المسؤول السعودیّ الذی عمل سفیراً لبلاده لدى الولایات المتحدة بین عامی 2005 و2007، إلى متانة العلاقات بین الریاض و واشنطن على کافة الأصعدة، فی تملق مباشر للرئیس الدیمقراطیّ الجدید.
وزعم الأمیر السعودیّ أنّ علاقات التعاون المشترک على الصعید الأمنیّ وثیقة بین البلدین لمواجهة ما أسماه "خطر الإرهاب"، ما یشمل تبادل المعلومات، والقیام بعملیات مشترکة وغیرها من النشاطات التی واجهت خطر "القاعدة" و"داعش"، فی محاولة لرأب الصدع الذی خلّفه انحیاز الإعلام السعودیّ لترامب وحملته الانتخابیّة.
وأسهب ترکی الفیصل فی الحدیث عما وصفها العلاقات الدبلوماسیّة المتینة بین المملکة وکافة الإدارات الأمریکیة، رغم وجود صعود وهبوط فی هذه العلاقات حسب تغیر الأوضاع، وفی تصریح مثیر للسخریّة اعتبر أنّ العلاقات الاستراتیجیّة بینهما بقیت وثیقة بوجود المصالح المشترکة وأهمها "إیجاد السلام والاستقرار" فی المنطقة، من خلال محاولة التوصل لسبل حل للقضیة الفلسطینیة، التی قدموها لواشنطن على طبق من ذهب، وغیرها من القضایا التی تشکل المملکة رأس حربة فیها کالیمن النازف والممزق بسبب الإرهاب السعودیّ وما رافقه من دعم أمریکیّ فی فترة دونالد ترامب.
ومن الجدیر بالذکر أنّ الرئیس بایدن سبق وأن هاجم السعودیة، وتوعد بملاحقة قتلة الصحفیّ السعودیّ المعروف، جمال خاشقجی، فی قنصلیّة بلاده باسطنبول عام 2018، کما توعد بوقف العدوان السعودیّ المستمر على الیمن، ورفع الغطاء عن جرائم ولی العهد السعودیّ محمد بن سلمان.
هاویة العزلة الدولیّة
بالتزامن مع فوز الرئیس بایدن تقترب السعودیّة یوماً بعد آخر من هاویّة العزلة الدولیّة نتیجة "السیاسات الصبیانیّة" لولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، واستراتیجیّاته المفضوحة دولیّاً، لمحاولة تلمیع انتهاکاته فی مجال حقوق الإنسان، وانتهاء مرحلة التغطیّة الأمریکیّة على الأفعال الإجرامیّة لساسة البلاد.
وبناء على ذلک، ستصبح الصورة القبیحة التی طبعها محمد بن سلمان عن بلاده فی الأذهان الدولیّة أکثر وضوحاً بعد انتصار بایدن فی الانتخابات، لأنّ الدیمقراطیین یحاولون إظهار أنفسهم کمدافعین عن حقوق الإنسان، لذلک ستتعرض الریاض لهزیمة کبرى بعد الفضائح الکبیرة التی وثّقت منهج الملوک الدمویّ فی التعاطی مع شعبهم ومع الدول الأُخرى.
وفی الوقت الذی تنتهج فیه مملکة آل سعود سیاسة لا تتماشى أبداً مع سیاسة "أمریکا بایدن" ، لابد للریاض أن تقدم الطاعة والکثیر من التنازلات ما یعنی المزید من الدعم للولایات المتحدة ، یضاهی ما قدمته لإدارة ترامب الذی قام بزیارتها بعید انتخابه فی أیار/مایو 2017، وأقام مع قادتها وخصوصاً محمد بن سلمان علاقات وطیدة للغایة.
وما ینبغی ذکره، أنّ علاقات ترامب تناقضت مع السعودیة ودول الخلیجیة الثریّة الأخرى مقارنة بالعلاقة الفاترة التی ربطت هذه البلدان الغنیّة بالنفط بسلفه باراک أوباما، الذی أثار بإبرامه اتفاقا نوویّاً مع إیران مخاوف السعودیّة وجیرانها، وکان بایدن نائباً لأوباما طوال فترة حکمه.
کما عارض البیت الأبیض فی عهد الرئیس السابق ترامب القرارات المناهضة للسعودیة فی الکونغرس على خلفیة حربها الشعواء فی الیمن وجریمة قتل الصحافیّ السعودیّ جمال خاشقجی.
کذلک، تشعر مملکة آل سعود بالقلق من أن تقوم إدارة بایدن بإعادة الولایات المتحدة إلى الاتفاق النوویّ مع إیران الذی انسحب منه ترامب، وتخفّف العقوبات على طهران، وتتبّع سیاسة متشددة تجاه مسألة "حقوق الإنسان" فی بلاد الحرمین، التی غض الرئیس الجمهوریّ النظر عنها.