مؤتمر اللاجئین وأبعاده فی الداخل والخارج

یشکل مؤتمر اللاجئین خطوة مهمة فی تاریخ الحرب السوریة لما له أبعاد مهمة على الداخل والخارج السوری، وشکل رسالة واضحة لکل المشککین بنوایا الحکومة السوریة ورغبتها بفتح الأبواب للاجئین السوریین للعودة إلى بلادهم، وفی نفس الوقت فضح ممارسات الدول الغربیة واستخدامها أسالیب سیاسیة قذرة لعرقلة الحلول السیاسیة فی سوریا واستغلال اللاجئین لأغراض سیاسیة.

فضح المؤتمر فی أحد جوانبه هذه الدول التی رفضت حضور المؤتمر فی العاصمة السوریة دمشق بعد ان وجهت لهم دعوات رسمیة، ومع ذلک انعقد المؤتمر وحقق نتائج ملموسة على الارض بعد ایام قلیلة من انتهائه، وحضر المؤتمر أکثر من 25 وفد غربی وأجنبی، وکانت الدول الصدیقة لسوریا حاضرة بقوة فی المؤتمر، لاسیما ایران وروسیا والصین وفنزویلا، وهذا أکد على ان سوریا لیست وحیدة ولن تکون وحیدة فی ظل ما یحاک ضدها من مؤامرات، خاصة دور الدول الغربیة فی تأخیر عودة اللاجئین للتلاعب بموقفهم واستغلاله.

لعودة اللاجئین بُعد وطنی وقومی بالنسبة للحکومة السوریة، فهی تسعى جاهدة لإعادة مواطنیها بعد أن شتتهم الارهاب، واستغلتهم بعض الدول الغربیة والاقلیمیة لأهداف سیاسیة، وما یمیز هذا المؤتمر ان القادة السیاسیین فی سوریا قدموا ضمانات للاجئین واعادة البنى التحتیة للمناطق التی سیتوجه الیها اللاجئین.

الرئیس السوری بشار الأسد کان أکد فی کلمة له خلال افتتاح المؤتمر، أن "هناک دولاً فی الغرب تستغل اللاجئین السوریین لأهداف سیاسیة"، وأضاف الأسد أن "هذه الدول تمنع اللاجئین من العودة إلى وطنهم عبر الترغیب والترهیب"، مضیفاً: "نعمل بدأب لإعادة کل لاجئ إلى سوریا، لکن هناک عقبات کثیرة".

واتهم الأسد دولاً أوروبیة والولایات المتحدة الأمیرکیة بالسعی إلى "تهجیر السوریین، من خلال دعم الإرهاب فی بلدهم"، مشیراً إلى أن "هذه الدول حرکت داعش فی العام 2014 لمنع سوریا من تحقیق الاستقرار".

بالفعل هذا ما حصل خلال السنوات القلیلة الماضیة، ولکن بجهود الجیش السوری والدول الداعمة له تمکن من تحریر معظم أراضی البلاد والحکومة الیوم تعمل جاهدةً لاعادة الاعمار ولکن العقوبات الأمریکیة على سوریا عقدت الأوضاع یضاف غلى هذا أزمة کورونا والتبعات الاقتصادیة التی تلتها،

وزارة الدفاع الروسیة تعلن أن نازحین جدد خرجوا من مخیم الرکبان الذی یعانی من وضع حرج، نحو الأراضی السوریة الخاضعة لسیطرة الحکومة ولکن مهما بلغت الأوضاع سوءاً، لن تکون أسوأ من خیم اللّجوء فی الشتاء، ومهما کانت الأوضاع الاقتصادیة والمعیشیة ضاغطة فی الداخل، فأضرارها، مهما بلغت فداحتها، لن تساوی ضرر تسرّب جیلٍ کاملٍ من المدارس. لدینا الآن تحدٍّ عالمی یتعلق بوباء کورونا وانعکاساته فی ظلّ ظروف اللجوء القاسیة واتساع رقعة المخیمات  والأوضاع المتردّیة فیها، وبناءً علیه، فعلى من یستغرب انعقاد هذا المؤتمر أن یقوم بمراجعة هادئة لأوضاع اللاجئین فی المخیمات، ولیس لأوضاع المغتربین فی بعض العواصم الأوروبیة. لا یزال البعض حتى الیوم یخلط بین المغترب واللاجئ، والحقیقة أنه ثمة فرق کبیر، وإذا تمکن المؤتمر من إنهاء هذه المخیمات فقط، دون عودة جمیع اللاجئین السورییّن المنتشرین فی کافة دول العالم، فسیکون حینها قد أحرز نجاحاً باهراً حتى وإن تغیّبت عنه دول عدیدة أو منظمات معنیّة.

النتائج الملموسة على الأرض، ظهرت یوم الجمعة، حیث استمرت عملیة خروج النازحین من مخیم الرکبان على حدود الأردنیة السوریة، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الروسیة، کما رحب رؤساء مقار التنسیق الروسی والسوری، باستعداد الأردن لمساعدة السوریین المتواجدین فی أراضیه من أجل العودة إلى وطنهم.

عودة اللاجئین السوریین سوف تستمر، لیس فقط من الحدود الاردنیة، بل من لبنان أیضاً، وحتى من ترکیا، فالظروف المعیشیة للاجئین فی هذه الدول کارثیة، وهم یعانون من نقص فی کل شیء، والأهم اننا فی موسم الشتاء، الامر الذی سیعقد الظروف أکثر فأکثر، وقد تکون الطریق طویلة لإعادة کافة الأمور السوریّة إلى نصابها، ولکن ذلک لا یمنع من القیام ببعض الخطوات الممکنة حالیاً، کموضوع اللاجئین ومؤتمر الیوم، ولا فرق بین أن تکون أولویة بعض الدول المشارکة فی المؤتمر أخلاقیة أو إنسانیة أو اقتصادیة، المهم أن ألا تکون النیّات السیئة مُبیّتة، والأهم ألاّ یکون السوری خاسراً، وهذا هو واقع المؤتمر بصورة عامة.

فی الختام، الواضح جداً أن الحکومة السوریة جادة فی اعادة اللاجئین وفضح من یستغلهم سیاسیا ومن لایرید التعاون مع الحکومة السوریة فی هذا الموضوع لتخفیف معاناة اللاجئین، وتعنت الغرب یؤکد أنه هو من یقف خلف الازمة السوریة ویفاقم من معاناة اللاجئین، وأنه جاهل بالواقع السوری، والموقف الاوروبی بالتحدید هو دلیل واضح على تبعیته لسیاسات الولایات المتحدة وعدم امتلاکه سیاسة خارجیة مستقلة وضعفه فی مواجهة النظام الترکی الذی یستخدم ورقة المهجرین السوریین واللاجئین لابتزازه والحصول على مکاسب مادیة وسیاسیة.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

إیران ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة بقوة

إیران ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة بقوة

قال الامین العام لمؤتمر الدفاع عن الانتفاضة الفلسطینیة الدولی بمجلس الشورى الاسلامی: إن الجمهوریة الإسلامیة ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة مؤکدا ان الأمة الإسلامیة لن تتسامح تدنیس المسجد الأقصى المبارک القبلة الأولى للمسلمین وسفک دماء الصائمین ".

|

ارسال التعلیق