تعزیز خفر السواحل... رؤیة أنصار الله الاستراتیجیة للساحل الغربی

أفادت وسائل إعلام یمنیة، یوم السبت المنصرم، أن وزارة الداخلیة فی حکومة الإنقاذ الوطنی قد عززت خفر السواحل، بإصلاح الزوارق الدوریة لتوسیع مهامها لحمایة الموانئ التجاریة وأمن السفن والدفاع عن مصالح الیمن الحیویة فی المیاه، وسط استمرار الحرب والحصار. یمکن دراسة أهمیة هذا الإجراء من نواحٍ مختلفة.

أهمیة الساحل الغربی فی الحرب

إحدى النقاط فائقة الإستراتیجیة فی حرب أنصار الله مع قوات التحالف ومرتزقتها الداخلیین، کانت الساحل الغربی للیمن.

هذا الساحل الذی یضم تهامة والمخا وذباب(محافظة تعز) وجزء من لحج، یبدأ من منطقة ذباب على شاطئ مضیق "باب المندب" ویستمر حتى میناء "میدی" فی محافظة "حجة".

کما یقع الساحل الغربی على طول البحر الأحمر، وعلى الرغم من الموانئ المهمة مثل الحدیدة والمخا، إلا أنه الطریق الرئیسی لإرسال المساعدات الإنسانیة للیمن، الذی یواجه العدید من المشاکل بسبب الحصار وسوء الوضع الاقتصادی.

من ناحیة أخرى، تعتقد حکومة منصور هادی المستقیلة ومسؤولوها العسکریون أن أنصار الله یستوردون شحنات أسلحة أجنبیة عبر المناطق الساحلیة الخاضعة لسیطرتهم فی البحر الأحمر.

ومن ناحیة ثالثة، فإن أی قوة تسیطر على الساحل الغربی فهی قادرة على الهیمنة على مضیق باب المندب الاستراتیجی وجزر یمنیة مهمة مثل "بریم" فی هذه المنطقة، خاصةً وأن السعودیین ینقلون جزءًا کبیرًا من صادراتهم النفطیة عبر هذا المضیق.

وکانت أهمیة الوصول إلى هذه المنطقة، أحد الأهداف الرئیسیة لوجود الإمارات فی الحرب. ونقل موقع "العربی الجدید" الإخباری عن مصادر خاصة فی الحکومة المستقیلة على الساحل الغربی للیمن، قولها إن أبوظبی ترید أن تجعل السواحل الغربیة والشرقیة للیمن من أکبر مناطق النفوذ والتواجد خارج الإمارات.

وفی هذا الصدد، أنشأت الإمارات ثکنات وقواعد عسکریة، بما فی ذلک فی جزیرة "میون" ومیناء "المخا"، بحیث سیطرت بالکامل على الساحل الغربی من الحدیدة حتى حدود مدینة "عدن"، کما أن وجود ونفوذ الحکومة المستقیلة فی هذه المنطقة قد انتهت.

وتقول مصادر یمنیة إن أبوظبی أبعدت الحکومة المستقیلة من الساحل الغربی ومناطقه وموانئه، بمساعدة أسرة الرئیس السابق "علی عبد الله صالح". وبهذه الطریقة دعمت 9 وحدات مسلحة تحت قیادة العمید "طارق محمد عبد الله صالح" بشکل کامل تمویلاً وتدریباً.

حتى عملیة الحدیدة عام 2018، التی نُفذت للسیطرة على میناء الحدیدة، أطلقتها القیادة الإماراتیة فی الساحل الغربی باستخدام ثلاثة تیارات(میلیشیات طارق صالح، القوات الجنوبیة والمحلیة)، ولکن أنصار الله هزمتها بفتح عدة جبهات على طول الشریط الساحلی.

والهدف من حرب الساحل الغربی، هو قطع وصول أنصار الله إلی البحر بمحورین رئیسیین: الأول جنوب الحدیدة والثانی شمال حجة.

ورغم أن الإمارات قد أعلنت العام الماضی أنها ستسحب قواتها من الیمن، وخاصةً من الساحل الغربی، نتیجةً لتهدید أنصار الله باستهداف المراکز التجاریة والاقتصادیة الحساسة فی هذا البلد، ولکن أبو ظبی حققت أیضًا بعض النجاح باستخدام مرتزقتها فی الیمن، وسیطرت على معظم الجزر الیمنیة، التی تقع فی البحر الأحمر وبحر العرب وخلیج عدن والمحیط الهندی، والحکومة المستقیلة لا تعرف الکثیر عن أنشطة الإمارات هناک.

کما أن هزیمة السعودیین فی ساحات القتال المختلفة، دفعت الریاض إلى تعزیز قدرتها على مواکبة الإمارات فی الساحل الغربی. وفی یولیو/تموز 2019، نقلت وکالة "رویترز" عن قائدین عسکریین یمنیین ومسؤولین یمنیین قولهما، إن ضباطًا سعودیین تولَّوا قیادة قواعد عسکریة فی مینائی المخا والخوخة. وذکرت وکالة الأنباء هذه أیضاً أن الریاض أرسلت قوات إلى میناء عدن وجزیرة بریم الواقعین فی مضیق باب المندب بین الیمن وجیبوتی وإریتریا.

ولذلک، یمکن توقع أنه بالنظر إلى أهمیة الساحل الغربی فی الحرب، والترکیز المحتمل للتحالف السعودی الإماراتی مع الولایات المتحدة والکیان الصهیونی للسیطرة الکاملة على هذه المنطقة فی المستقبل، فإن حکومة صنعاء ستعزز قدراتها الدفاعیة وتطور المراقبة والسیطرة علی المیاه فی هذه المنطقة.

منذ بدء غزو الیمن عام 2015، وسع الجیش الیمنی واللجان الشعبیة قدراتهم العسکریة فی مجالات مختلفة مع مرور الوقت، بما فی ذلک إنتاج أنواع مختلفة من الصواریخ والطائرات المسیرة الهجومیة والاستطلاعیة. فی غضون ذلک، تمکنت البحریة الیمنیة من الدخول علی خط الصراع بشکل أقوى بمرور الوقت.

وتتبنى أنصار الله على نحو متزاید عقیدة الحرب البحریة غیر المتکافئة، مع الترکیز على القوارب الصغیرة والصواریخ المضادة للسفن المتمرکزة على الساحل. وقد حققت هذه الاستراتیجیة نجاحاً کبیراً فی ضرب القوة العسکریة للمعتدین ومصالحهم الاقتصادیة.

فالهجوم على الغواصة السعودیة باهظة الثمن المسماة "المدینة" فی جنوب البحر الأحمر فی 29 ینایر 2017، نفَّذه قارب یتم التحکم فیه عن بعد. وفی یونیو 2018 أیضًا، استُهدفت سفینة حربیة إماراتیة بصاروخین قبالة سواحل میناء الحدیدة الیمنی.

من ناحیة أخرى، تسبَّب استخدام الألغام البحریة فی مشاکل للمعتدین ومؤیدیهم. وفی یولیو 2018، أوقفت السعودیة نقل النفط الخام عبر مضیق باب المندب بعد مهاجمة ناقلتین فی میاه البحر الأحمر.

أنصار الله تستعرض قوتها فی البحر الأحمر

لکن بالإضافة إلى أهمیة الساحل الغربی فی الحرب، فإن تحرک صنعاء لتعزیز خفر السواحل والدوریات البحریة یحمل رسائل رمزیة.

فمن ناحیة، یمکن اعتبار ذلک عرضًا للقوة وعلامةً على زیادة القدرة الدفاعیة لهذه القوات فی البحر الأحمر، وتغییر معادلات الحرب الیمنیة فی البحر، بحیث أنه فی نوفمبر 2019، احتجز خفر السواحل الیمنی ثلاث سفن، بینها سفینة سعودیة، بعد دخولها المیاه الإقلیمیة الیمنیة. وهو الإجراء الذی یشیر إلی استعداد الیمنیین للدفاع عن مصالحهم البحریة وکسر الحصار فی المستقبل.

ومن ناحیة أخرى، فإن تعزیز الدوریات البحریة وخفر السواحل للدفاع عن مصالح الیمنیین، یمثل ضربةً قاسیةً لجسد حکومة منصور هادی المستقیلة والتابعة، التی تم تدمیر شرعیتها الیوم فی جنوب الیمن أیضاً.

فبینما تدافع أنصار الله عن مصالح الشعب الیمنی فی مواجهة أطماع الإمارات والسعودیة فی المیاه والجزر والموانئ الیمنیة، لا یستطیع منصور هادی حتى انتقاد الإجراءات التوسعیة العلنیة لهذه الدول فی الیمن.

ومن هنا، وبالنظر إلى أن الکثیر من سکان الساحل الغربی غیر راضین عن استعمار الإمارات والسعودیة، وخاصةً بعد أن حظرت القوات الإماراتیة مرارًا وتکرارًا الصیادین من صید الأسماک، فإن تعزیز خفر السواحل سیزید من شرعیة حکومة صنعاء فی هذه المناطق.

 




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

ارسال التعلیق