السیاسة الفلسطینیة و التطبیع العربی
فی تقاریر لدوائر سیاسیة، أفادت بوجود تشابه کبیر بین الخطأ الاستراتیجی الذی وقعت به حکومة اسرائیل برئاسة نتنیاهو فی تعاملها مع ادارة اوباما خلال مفاوضات الاتفاق النووی الایرانی، وبین الخطأ الاستراتیجی الذی وقعت فیه القیادة الفلسطینیة فی تعاملها مع ادارة دونالد ترامب خلال عملیة "نسج صفقة القرن"، فنتنیاهو تجاهل الدعوات التی اطلقها باراک اوباما لاسرائیل من اجل الجلوس على الطاولة مع الامریکان ومناقشة بنود الاتفاق النووی ووضع الملاحظات والتعدیلات التحفظات، وهو ما جعل اسرائیل تخسر قدرتها بالتأثیر على هذا الاتفاق اعتقادا منها انذاک بان قطار المفاوضات مع ایران لن یغادر محطة انطلاقه قبل أن تتربع اسرائیل فی داخله ، وهو ما ثبت عکسه. هذا الامر ینطبق ایضا على الرئیس الفلسطینی محمود عباس وطریقة تعامله مع الادارة الامریکیة برئاسة دونالد ترامب، فعباس لم ینجح فی اتباع التکتیک الافضل فی تعامله مع ادارة امریکیة عمرها 4 سنوات واختار تجاهل دعوات الحوار حول الخطة الامریکیة وفقد ایة قدرة لوضع التحفظات على الصیاغة الامریکیة للحل ولم یتمکن من قطع الطریق أمام القرارات الامریکیة المعادیة للفلسطینیین.
وفضلت القیادة البقاء فی دائرة الانتظار والانکار. هذا "البطء" الفلسطینی فی فهم الحراک السیاسی والتسرع فی اتخاذ الخطوات والقرارات العاطفیة والعشوائیة، ینطبق ایضا على رد الفعل الفلسطینی على خطوات التطبیع التی أقدمت علیها بعض الدول العربیة فی الاشهر الماضیة، فالقرارات الفلسطینیة المتسرعة والعشوائیة تسببت فی "تحطیم الادوات" و "توسیع فجوة الخلافات" بین القیادة الفلسطینیة والانظمة فی الدول العربیة المطبعة، اعتقادا من القیادة الفلسطینیة بأن الردود الناریة قادرة على "کبح" قطار التطبیع، وهو اعتقاد سقط سریعا تحت عجلات هذا القطار الذی یواصل مسیرته حتى مع اقتراب الانتهاء الفعلی لولایة دونالد ترامب فی البیت الابیض، ولن یتوقف خلال ولایة الساکن الجدید جو بایدن. القیادة الفلسطینیة استیقظت متأخرة وبدأت محاولات "اصلاح" ما تسببت سیاستها المتسرعة فی تحطیمه من ادوات، لتعلن عن قرار اعادة سفیریها لدى الامارات والبحرین، انطلاقا من "صحوة متأخرة" تقوم على محاولة الحصول على "اثمان" و "مکاسب" لصالح "القضیة" مقابل التعایش الفلسطینی مع التطبیع!!، وهنا لا بد من الاشارة الى ان الرغبة الفلسطینیة فی اعادة السفراء تواجه بعض الصعوبات على الاقل فی ما یتعلق بالمسار الاماراتی، لکن، حتى لو تم "تذلیل الصعاب" و "القفز عن المعیقات" فان الامال الفلسطینیة المعلقة على الحصول على ثمن لهذا التطبیع، ستسقط سریعا، فالدول العربیة المطبعة لم تعد بحاجة الى "مبارکة فلسطینیة" او "غطاء فلسطینی" لعلاقاتها مع اسرائیل، أما الادارة الامریکیة الجدیدة التی لن تعارض استمرار قطار التطبیع فی طریقه، فلا یوجد ما یفرض علیها دفع "دیون" الادارة الامریکیة السابقة، لهذا فان "التعایش الفلسطینی مع التطبیع" سیکون على الاغلب "تعایش مجانی" وفی بعض الاحیان ترافقه "تنازلات فلسطینیة" مقابل عودة العلاقات مع الدول المطبعة الى ما کانت علیه عشیة اشهار العلاقات مع اسرائیل!!