الإعلام السعودیّ یفشل فی تلمیع صورة قمة مجموعة العشرین السوداء.. فشل ذریع للقمة ما سببه؟
بدأت قمة العشرین للاقتصادات الکبرى الأمس فی العاصمة السعودیة الریاض، فی ظل تفشی فیروس کورونا المستجد والأزمة الاقتصادیة العالمیّة التی أفرزها، حیث تسعى المملکة النفطیّة من استضافة هذه القمة الدولیّة إلى تبیض سمعة ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، الذی وشم صورة قبیحة لبلاده فی الأوساط العالمیّة، وخاصة عقب جریمة تقطیع الصحافیّ السعودیّ المعروف، جمال خاشقجی عام 2018، داخل قنصلیّة بلاده فی اسطنبول، وقضیة حرب الیمن التی أماطت اللثام عن وجوه حکام آل سعود، ناهیک عن سجناء الرأیّ والمدافعات عن حقوق الإنسان فی السعودیة وبعض کبار الأمراء المنافسین لولی العهد.
خیبة سعودیة
خیبت قمة العشرین الاقتصادیّة التی عُقدت عبر الفیدیو الآمال السعودیة، لأنّها حّدت من الحوارات الثنائیّة والتفاعلات خلف الکوالیس، ناهیک عن أنّ الریاض لن تستعرض التطورات الداخلیّة بالطریقة التی کانت تأملها وفق محللین، وقد عکس توتر الملک سلمان وبدئه فی الکلمة الافتتاحیة قبل الوقت المخصص، حجم الاندفاع السعودیّ لاستغلال هذا الحدث البارز للتغطیّة على فضائح المملکة والعائلة الحاکمة.
وفی الوقت الذی ظهر فیه قادة العالم فی صور مصغّرة على شاشة واحدة حول صورة للملک السعودیّ، لم تُظهر الشاشات لهفة لسماع کلمة السعودیّة إضافة إلى المشکلات التقنیّة التی رافقت کلمة المملکة التی لم تبد أیّ تعاون فی مجال حقوق الإنسان رغم الانتقادات الدولیّة المکثفة والدعوات المکررة للرضوخ للقوانین الإنسانیّة والأخلاقیّة، قبیل انعقاد القمة.
وقد شکل غیاب اللقاءات الجانبیة حول مواضیع غیر مدرجة على جدول أعمال القمة نقطة سلبیّة إضافیّة، إضافة إلى انسحاب أکبر داعم للریاض فی فترة ولایته، وهو الرئیس الأمریکی، دونالد ترامب الذی شارک لفترة وجیزة بالحدیث عن "عمله المذهل"، قبل أن ینسحب من الجلسة ویتوجه إلى نادیه للعب الغولف، وتسلّم وزیر الخزانة مکانه، وفق ما نقلت وکالة "فرانس برس"، حیث إنّ ترامب الذی خسر الانتخابات الأمریکیّة أمام جو بایدن، لم یتفوه بکلمة واحدة على الصعید الدولیّ، وربما بسبب المشکلات الداخلیّة وصراعاته فی البیت الأبیض التی تأخذ حیزاً مهماً من تفکیره فی هذه الأیام، بعد رفضه لنتائج الانتخابات واطلاقه اتهامات بتزویرها.
بعد سیاسیّ
رغم أهمیة القمة التی یحوز أعضاؤها على نحو 80% من الناتج الاقتصادیّ العالمیّ، ویعیش فی دولها ثلثا سکان العالم، وتستحوذ على ثلاثة أرباع حجم التجارة العالمیّة، إلا أنّ القمة هذه المرة أخذت بعداً سیاسیّاً لا یقل أهمیّة عن البعد الاقتصادیّ، بسبب الانتقادات الکثیفة التی وجّهت للریاض فیما یتعلق بملف حقوق الإنسان إضافة إلى تقدیم منظمات حقوقیّة وشقیقة الناشطة المعتقلة فی الزنازین السعودیة، لجین الهذلول أدلة حیّة إلى لجنة تقصی حقائق بریطانیّة تحقق فی ظروف احتجاز الأمیرین السعودیین والهذلول، ومن بین تلک اللجان التی تشارک فی اللقاء "هیومن رایتس ووتش" و"الحریة الآن Freedom Now" و "داون DAWN" و"QST" و "مبادرة الحریة" و "مینا" لحقوق الإنسان والتی ستقدم أدلة حیّة إلى اللجنة البرلمانیّة التی تحقق فی ظروف احتجاز المعتقلین السیاسیین السعودیین.
وتنعقد جلسة الأدلة الحیّة المُدینة لانتهاکات السلطات السعودیّة فی الوقت الذی تستضیف فیه الملکة مجموعة العشرین، وتدعو لإطلاق سراح النشطاء الحقوقیین والمعتقلین داخل السجون، وسیترأس الجلسة رئیس لجنة تقصی الحقائق، عضو البرلمان المحافظ، کریسبین بلانت، بمشارکة اثنین من زملائه فی اللجنة، المتحدثة باسم حزب الدیمقراطیین الأحرار للشؤون الخارجیة، لیلى موران، والنائب المحافظ ،عمران أحمد خان، إلى جانب المستشارة القانونیّة هایدی دیجکستال.
یشار إلى أنّ الإعلام السعودیّ فشل فشلاً ذریعاً فی تقدیم صورة وردیّة عن القمة کما فشل نظام آل سعود فی تلمیع سجله "المُشین" فی حقوق الإنسان، والتی أنفقت علیه الریاض ملیارات الدولارات باستضافة فعالیات ترفیهیّة وثقافیّة وریاضیّة کبرى، واعتمدتها کاستراتیجیّة مقصودة لحرف الأنظار عن جرائمها المتفشیّة، وخاصة بعد مطالبات البرلمان الأوروبیّ بوضع ملف حقوق الإنسان فی صُلب کل مناقشات مجموعة الـ 20.
وما ینبغی ذکره، أنّ السعودیة خدعت العالم من خلال تصریح نقلته صحیفة "الغاردیان" البریطانیّة، عن السفیر السعودیّ لدى لندن، خالد بن بندر، الذی أشار إلى أنّ بلاده "تدرس" العفو عن الناشطات المعتقلات، وبینهن "لجین الهذلول" المضربة عن الطعام منذ أسابیع، قبل استضافة قمة مجموعة الـ20، وهو الشیء الذی لم یحصل کما هو متوقع.